الصادق المهدي الشريف [email protected] (1) قالتْ حليمة بائعة اللبن لآمنة - وقد جاءت كعادتها قبل شروق الشمس - وهي تكيل لها لبناً بقرش : (سمعت الخبر؟ الزين مو داير يعرس). وكاد الوعاء يسقط من يدي آمنة . واستغلت حليمة انشغالها بالنبأ فغشتها اللبن . مثلما إستغلت الحكومة إنشغال السودانيين بالإستفتاء، وتركتهم لحمى الأسعار. (2) كان فناء المدرسة \" الوسطى \" ساكنا خاويا وقت الضحى ، فقد أوى التلاميذ إلى فصولهم ، وبدأ من بعيد صبيٌ يهرولُ لاهث النفس ، وقد وضع طرف ردائه تحت إبطه حتى وقف أمام باب (السنة الثانية) وكانت حصة الناظر . (يا ولد يا حمار.. إيه أخرك؟). ولمع المكر في عيني الطريفي : (يا فندي سمعت الخبر؟) \" خبر بتاع إيه يا ولد يا بهيم ؟ \" ولم يزعزع غضب الناظر من رباطة جأش الصبي ، فقال وهو يكتمُ ضحكته : (الزين ماش يعقدو له بعد باكر). وسقط حنك الناظر من الدهشة ونجا الطريفي . نجا الطريفي مثلما نجا وزير المالية من غضبة الناس وهم لا يستطيعون شراء الخضر واللحوم والدواء... بل وحتى (الكسره) التي ظنَّها الوزير أقل ثمناً من الخبز. (3) في السوق أقبل عبد الصمد على دكان شيخ علي ، محتقن الوجه ، ليس ثمة أدنى شك في أنه غضبان . كان له على شيخ علي - تاجر العماري - دينٌ ماطلهُ عليهِ شهراً كاملاً - وقد قرر عبد الصمد أن يخلصه منه ذلك اليوم, بالخير أو بالشر. \" علي.. أنت يعني قايل أنا ما بخلص قروشي منك ، ولا فكرك شنو ؟ \" (حاج عبد الصمد . كدى قول بسم الله واقعد نجيب لك فنجان جبنة). (يا زول جبنتك طايره عليك ، قوم افتح الخزنة دي ادني قروشي.. ولا كمان أن بقيت ما بي ضُمَّه كمان فهمني). وبصق شيخ علي (السفة) من فمه وقال : (كدى اقعد احدثك بالخبر دا!!). (يا زول أنا مو فاضي لك ولا فاضي لي خبيراتك، باقي أنا عارفك مستهبل داير تطرتش على قروشي). (يمين قروشك حاضرات ، كدى اقعد انحكيلك حكاية عرس الزين). (قلت عرس منو؟). (عرس الزين). وجلس عبد الصمد ووضع يديه على رأسه وظلَّ صامتاً بُرهة ، وشيخ علي ينظر إليه مُغتبطا بالأثر الذي أحدثه. وأخيرا وجد عبد الصمد ما يقول : \" أي لا إله إلا الله، محمداً رسول الله . عليك الرسول يا شيخ علي دا حديث شنو دا؟). ولم يخلص عبد الصمد دينه في ذلك اليوم. (4) أليس من عبقرية الطيب صالح أن يكون العرس الرمزي للزين هو الحدث الرمزي الذي تستغله كلّ الحكومات لتمرير أجندتها، وتغفيل الشعب السوداني؟؟؟. ما يحدث في الأسواق أيّها السادة أمرٌ لم يصبر عليه الشعب السوداني طوال تاريخه... فما الذي حدث الآن؟؟؟. ترى ما الذي ستفعله الحكومة بعد أن ينتهي الإستفتاء على عرس الزين؟؟؟.