[email protected] يسمونهم في الغرب , أطفال الفيسبوك The children of facebookو ينظرون إليهم و يعاملونهم كحناكيش , نسبة إلي صغر أعمارهم و حداثة تجربتهم في الحياة, لا هم لهم غير اللعب و طرقعة الكمبيوتر, أي (حرفاء )Techies بلغة الكمبيوتر.لكن يقول الواقع, أنهم أكثر وعياً من الجيل الذي سبقهم, أي جيل الأباء, و هذا الجيل الأخير , ولد في عجز الأربعينات الماضية, و عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية, و يطلق عليه في أوربا , لقب Baby boomers , إشارة إلي الطفرة الهائلة في المواليد , الذي عاش في ظل الإزدهار الإقتصادي في الفترة من نهاية الأربعينات و حتي بداية الستينات الماضية. لقد حمل هذا الجيل أفكاراً تختلف عن أفكار الجيل الذي سبقه, و هو الجيل الذي فجر ثورة الطلاب في أوربا, و التي إنطلقت من فرنسا في عام 1968م. و منذ إندلاع هذه الثورة, بدأ الناس يراجعون مسلماتهم الآيديولوجية, و البني السياسية لنظم الحكم, بإعتبارها أفكار من صنع الإنسان, تحمل بين طياتها الخطأ, مثلما تحمل من الصواب. و بنهاية القرن العشرين, بدأ التصدع في المنظومة الإشتراكية, إذ فاقت الشعوب التي كانت تخضع لنظم الحكم الإشتراكي, من الخدر اللذيذ و الوهم الذي كانت تعيش عليه. و سرعان ما ثارت , شعوب تلك الدول, و هو ما عجل بإنهيار المعسكر الشرقي, و إنتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي و الغربي. و في نفس الوقت بزغ عصر جديد, و دخل العالم إلي عصر العولمة , التي أحدثت تغيراً هائلاً في كافة النواحي الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الثقافية, و تسارعت خطي التغيير, و صارت الأفكار تتقادم , مثلما تتقادم السلع. في ظل هذا الوضع الذي طرأ , نشا جيل جديد, هو جيل الفيسبوك , الذي وجد أمامه هذه التقنيات الحديثة , فأخترق بها حاجز الزمان و المكان , فأبحر عبر الشبكة العنكبوتية , في سياحة داخل هذه القرية الكونية, فتفتحت مداركه و إزداد وعيه علي ما يجري حوله من أحداث. لم يعيش هذا الجيل , حالة الإستقطاب الفكري, بين هذا الحزب و ذاك , بل حتي فكرة الأحزاب كوعاء جامع , لم تعد تستهويه, ذلك أن نظام الحزب السياسي نفسه , لم يعد الصيغة الصالحة لإستيعاب طاقة هذا الجيل. لقد إنتهي عصر الآيديولوجية و الإستقطاب الفكري. في ظل هذا الفراغ التنظيمي و فشل الآيديولوجيات عن إستقطاب الشباب و طاقته, لجأ الشباب إلي الفضاء العريض ( السايبر ) للتواصل مع الآخرين, عبر تقنيات التواصل الإجتماعي , مثل الفيسبوك و التويتر, فأحدثت أثرها في هز أركان نظم الحكم الفاشلة و المهترئة, و التي سرعان ما تهاوت كقطع الشطرنج كما نراه. لقد خرج هذا الجيل إلي الحياة, و هو يري أمامه عوار النظم الحاكمة , التي قتلت في نفسه الأمل في أن يعيش حياة كريمة, فساءه ما يراه من عوار , يتمثل في : 1/ الفساد و سرقة المال العام. 2/ الإستبداد و كبت الحريات. 3/ الفقر و الجوع الذي تعانيه الشعوب. 4/ تفشي البطالة و الشرور الإجتماعية. 5/ إهدار كرامة المواطن. في ظل هذا الوضع البائس و الجو الملوث بهذه الموبقات, خرج شباب الفيسبوك, يبحث عن الحرية و الكرامة, سلاحه أصابع ينقر بها علي جهاز الكمبيوتر, نقرات ناعمة, و لكنها ذات أثر فاعل في هز عرش النظم الإستبدادية التي تحصنت بقوي الأمن و الجبروت, و خصصت المال الطائل لحماية النظام علي حساب لقمة المواطن , و ظنت أنها بفعلها هذا ستحمي نفسها من الثائرين. لكن هيهات. لم يقرأ هؤلاء الحكام قصص التاريخ و يعتبروا بها , و لم يعرفوا أن لكل فعل رد فعل. و كان ما كان. هذا ما شاهدناه , من إنتفاضتين حدثتا في بلدين عربيين في خلال شهر واحد, حيث زلزل عرش الإستبداد و الفساد. ستتواصل رياح التغيير, في قابل الأيام, و سينشأ واقع جديد, يتحقق فيه الحرية و العدل و الكرامة. وداعاً للآيديولوجيا. وداعاً للأنبياء الكذبة. و مرحباً للتغيير. الرياض / السعودية