سَيُوَلُّونَ الدُّبُر ... ويطْلَعْ كلُّ قرد شجرته!! تيسير حسن إدريس [email protected] أدهش السيد رئيس الجمهورية المجتمع السوداني مرتين، وهو يخاطب مؤخرا تجمعا شبابيا وطلابيا، مرة بنكتة ال90% من الشعب السوداني المناصرين له ولنظامه، ومرة أخرى بمدى الارتياح والأريحية التي أبدها وهو يزف ويبارك فصل ثلث الوطن الذي استولى عليه موحدا متماسك بدواعي حمايته وصون ترابه ليغدو بين يديه لقمه سائغة لكل من هب ودب لينهش من لحمه الحي شمالا في حلايب وشرق في الفشقة. ولا أدري كيف يستطيع حاكم دولة مهما بلغت به الجراءة من أن يواجه شعبه وينظر في عيون شبابه والأجيال القادمة التي كانت تنتظر منه ومن نظامه أن يبني لهم دولة موحدة ومزدهرة وأمنه ضمانا لمستقبلهم وإذا به يطل عليهم غير مكترثٍ ليدهشهم بخبر ضياع جزء عزيز من التراب الوطني دون أن يبدي أسفا بل زاد الطين بله بقصة ال90% مناصرين والنمل وجنود سيدنا سليمان، وأسال الله صادقا أن يكون سيادته قد تنبه في ختام ذلك اللقاء لحالة الأسى والكآبة التي عمت أهل السودان من جراء انفصال الجنوب وامتنع عن أداء رقصته المعتادة فلم تطق نفسي صبرا على متابعة بقية فصول كوميديا النمل السوداء. فالمدهش في التكتيك الحالي الذي يتبعه دهاقنة نظام الإنقاذ هو الإكثار من إلقاء القول على عواهنه وأحيانا القول وضده كما اعتادوا الكذب بالمفتشر وعلى عينك يا تاجر غير عابئين بذاكرة الشعب وعقله معتقدين أن هذا الأسلوب المحير لغة ومضمونا يعتبر فتحا عظيما في تاريخ الخطاب السياسي تماما مثل الطائرة الورقية التي أدهشونا بها في أعياد ثورتهم الأخيرة وأطلقوا عليها مسمى (الصافات) باعتبارها فتحا عظيما في صناعة الفضاء. المهم في الأمر أن شعب السودان قد اعتاد مثل هذه (الهضربة)، ولم يعد يدهشه شيء منها، خصوصًا بعد ما صرح أحد جهابذتهم بأن انفصال الجنوب وانشطار الوطن نصفين يعد أيضا فتحا إنقاذيا ونعمة لا ينكرها إلا مكابر ونحر أخر من الساعين بين الناس بالفتنة والبغضاء الذبائح فرحا بضياع تراب الوطن، فكل خطوة يخطوها جهابذة الإنقاذ مهما كانت عاثرة ومغوله في الضلالة والفشل تعد حسب فهمهم من الفتوحات العظيمة كما أنها أيضا لله ولو كره المعارضون بما فيها خطوة زيادة أسعار السلع الضرورية مؤخرا . وعطفًا على موضوع النَّمل وجنود سليمان، لابد أن نعترف بأنَّ الحلَ الذي طرحه السيد الرئيس لحسم الخلاف حول نسب المناصرين والمعارضين لنظامه الفريد في عصره بالحشد والمواجهة و (الدواس المباشر)، رغم أنه يفتقر للائقة وغير أنيق إلاَّ أنه يتسق تماما ومشروع الجماعة (الحضاري)، ولقد جربه المعارضون مع أنصاره، ومنسوبو نظامه في الجامعات ودور العلم، وثبت أنهم بالفعل لا يفهمون لغة وتفاهم غيره. فقط نطالبُ السِّيد رئيس النِّظام: الالتزام بقواعد اللُّعبة، حتَّى تخرج نتيجة المواجهة و(الدواس) حقيقية وغير (مخجوجة) وذلك بتحييد قوى الأمن أو على الأقل تجريدها من السلاح وعندها ستكون الواقعة استفتاء حقيقي وعادل يوضح النسبة الحقيقية ويكشف ماهية النمل من الجنود، وتُفْرَزُ الكيمان و (يطلع كل قرد شجرته). تيسير حسن إدريس 16/02/2011م