هناك فرق. قل لي ولو كذباً..!! منى أبو زيد الحب والحرب عند الرجال وجهان لمعركة واحدة يخوضون غمارها مدججين بذات الأدوات الفلسفية والأسلحة المعنوية، ومحتجين بذات الرخص والمسوغات الشرعية التي تحلل في معارك الحب والحرب ما تحرمه في غيرها مِن منعطفات الشراكة العاطفية..! الكذب من المُحرّمات التي يبيحها الشارع في معارك الحرب بين الأعداء ومعارك الحب بين الأزواج، فيستبيحها الرجال بحماسة ويقين يفلسف تقديم إتيان الرخص على إتيان العزائم، وهم يفعلون هذا بكل اطمئنان وسرور، معوّلين على الأسانيد الشرعية التي تجوّز كذب الرجل على زوجته.. في صحيح مسلم عن أم كلثوم بنت عقبة ( .. ولم أسمعه أي الرسول صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث، الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها)..! لكن معظم الرجال يتجاهلون تلك الجزئية التي تؤكد فكرة الندّية في مشروعية الكذب بين الزوجين، فهي تحلل كذب الزوجة على زوجها بذات القدر و الكيفية.. كما وأنّ بعض الرجال إن لم يكن جلهم يخرجون بتلك الرخصة الدينية من إطارها الشرعي المقيد لها بنيّة المحافظة على الحياة الزوجية وبقاء الأسرة، فيعملون (السبعة وذمتها) ويتفننون في الكذب العديل.. الكذب الواحد.. وليس الكذب الأبيض الذي حصره الشارع في أمور المعاشرة وتحقق الألفة (قول الكلام الحلو وإن من خارج قلبك، أو كتمان المشاعر السالبة وإن كانت حقيقة قابعة في قلبك، حفاظاً منك على مشاعر شريك الحياة).. وهو ما فسّره بعض الفقهاء بقولهم: ( إنّ كذب الرجل على زوجته محصور في أن يعدها وأن يمنيها بالخير، وأن يظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه، حتى يستديم بذلك صحبتها، ويصلح معاملتها)..! دراسات اجتماعية عديدة تعترف للرجل ببراعته في الكذب، فتقول بعضها إنّ واحداً فقط من بين أربعة رجال يتلعثم ويضطرب في أثناء كذبه على زوجته، وإنّ واحداً فقط من بين ستة رجال ينكشف أمره أمام زوجته، في كذبة مباشرة..! لكن ذات الدراسات تشهد بمقدرة المرأة الهائلة على كشف الكذب، فتقول إنّ معظم الأكاذيب التي يتفوّه بها الأزواج وجهاً لوجه لا تنطلي على الزوجات بفضل حاستهنّ السادسة التي تعتمد على التقاط الإشارات غير اللفظية والحركات والإيماءات ثمّ تقوم بتحليلها تحليلاً دقيقاً..! وذلك بفضل خاصية الانتقال السريع بين شقي الدماغ عند المرأة، والتي تجعل عقلها أكثر قدرة على دمج وفك ثغرات المعاني اللفظية والإشارات المرئية، أي أنّ كل زوجة تملك جهازاً ربّانياً لكشف الكذب.. فحذارِ! لكن وجود الرادار لا ينفي حاجة الزواج – أحياناً – إلى الكذب المشروع، لاحتمال زلات الشريك .. ابتلاع عيوبه .. وعشان المركب تمشي.. ولذات السبب الذي جعل سيدنا عمر بن الخطاب يقول (فإن كانت إحداكنّ لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك، فإنّ أقل البيوت الذي يُبنى على الحب)..! التيار