وزير الخارجية يكتب: الإتحاد الأوروبي والحرب في السودان ..تبني السرديات البديلة تشجيع للإرهاب والفوضى    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    ماذا جرى في مؤتمر باريس بشأن السودان؟    العطا يتفقد القوات المرابطة بالمواقع الأمامية في الفاو والمناقل – شاهد الصور والفيديو    رفع من نسق تحضيراته..المنتخب الوطني يتدرب علي فترتين    استمرار حبس البلوجر هدير عاطف بتهمة النصب على المواطنين    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    أحمد موسى: ده مفيش ذبابة ماتت من الصواريخ والمسيرات اللي إيران وجهتها لإسرائيل    إسرائيل تعيد فتح المدارس!    ليفربول يسقط في فخ الخسارة أمام كريستال بالاس    حفظ ماء وجه غير مكتمل    خبراء: الهجوم الإيراني نتاج ل«تفاهمات أمريكية».. وجاء مغايرًا لاستراتيجية «طهران»    الجمارك السعودية: دخول الأدوية مرهون بوصفة طبية مختومة    حزب المؤتمر الوطني المحلول: ندعو الشعب السوداني لمزيد من التماسك والوحدة والاصطفاف خلف القوات المسلحة    ضمن معايدة عيد الفطر المبارك مدير شرطة ولاية كسلا يلتقي الوالي    محمد وداعة يكتب: الاخ حسبو ..!    شاهد بالفيديو.. مالك عقار يفجرها داوية: (زمان لمن كنت في الدمازين 2008 قلت ليهم الجنا حميدتي دا أقتلوه.. قالوا لي لالا دا جنا بتاع حكومة.. هسا بقى يقاتل في الحكومة)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدهش وتبهر مذيع قناة العربية الفلسطيني "ليث" بمعلوماتها العامة عن أبرز شعراء مسقط رأسه بمدينة "نابلس" والجمهور يشيد بها ويصفها بالمثقفة والمتمكنة    شاهد بالصورة.. إبن عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا يحمل السلاح مدافعاً عن وطنه وجمهور مواقع التواصل يشيد ويعلق: (أبناء الإسلام والمسيحية في خندق واحد لحماية السودان من الجنجويد)    شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد فتح الله يلهب حفل في القاهرة بالإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله) وساخرون: (يا جماعة كفاية لحدي هنا لأنو براؤون دي بتحمي القحاتة النوم)    أرسنال يرفض هدية ليفربول ويخسر أمام أستون فيلا    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    بعد راحة العيد...المنتخب الوطني يُعاود تحضيراته أمس    تجاوز مع أحد السياح.. إنهاء خدمة أمين شرطة لارتكابه تجاوزات في عمله    تركيا تنقذ ركاب «تلفريك» علقوا 23 ساعة    الموعد الأضحى إن كان في العمر بقية،،    بايدن بعد الهجوم الإيراني: أمريكا ملتزمة بأمن إسرائيل.. وساعدنا في إسقاط جميع الطائرات المسيرة    إعلام عبري: طائرات أميركية وبريطانية تسقط مسيرات إيرانية فوق الحدود العراقية السورية    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    والي الخرطوم يزور رموز ونجوم المجتمع والتواصل شمل شيخ الامين وقدامى المحاربين والكابتن عادل أمين والمطرب عوض الكريم عبدالله    «العازفون الأربعة» في «سيمفونية ليفركوزن»    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    سان جيرمان يخسر على أرضه من برشلونة في دوري الأبطال    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    لن تنهار الدولة ولن ينهار الجيش باذن الله تعالى    انتحلوا صفة ضباط شرطة.. سرقة أكبر تاجر مخدرات ب دار السلام    "طفرة مواليد".. نساء يبلغن عن "حمل غير متوقع" بعد تناول دواء شهير لإنقاص الوزن    حمادة هلال : مكنتش عارف تفاصيل مقلب رامز جلال    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    الضربة المزدوجة الإنهيار الإقتصادى والمجاعة في السودان!    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا قلبي دليلي..!ا
نشر في الراكوبة يوم 17 - 03 - 2011


غرس الوطن
أنا قلبي دليلي..!!
أم سلمة الصادق المهدي
حملت لنا بعض صحف الجمعة الماضية 11مارس 2011م من تصريحات الإنقاذيين ما ساءنا «وهذا ليس بجديد» ولكننا وجدنا لهذا التصريح أسفله الذي سنخصه اليوم بالنقد والنقض، وقعا مؤلما قلّب المواجع ونكأ الجراح إضافة لكونه أي التصريح ليس بالموتور ولا بالمنقطع، ذلك أنه لم يصدر عن شخص واحد أو لمرة واحدة وإلا لتجاهلناه وما عبئنا به. لكننا لحظنا تكرار ترديده بذات المضمون من قبل قيادات من كافة مستويات منتسبي المؤتمر الوطني والمؤيدين، إضافة لاتفاقه معنىً ومبنىً مع تصريحات رئاسية سابقة تدعي كلها أن الثورات التحريرية التي اجتاحت العالم العربي هذه الأيام إنما يشعلها ويقف خلفها الإسلاميون«والمقصود حركة الاخوان المسلمين» فإن هم رضوا أي الإسلاميون عن وضع ما مثلما هو الحال في السودان مثلا، فلن تكون ثورة ولا يحزنون! أو كما قالوا، بل تمادى أحد الذين يلقون القول على عواهنه منهم بقول: إن السودان لن يشهد مثل تلك الثورات لأن تطلعات الجماهير نحو الحرية وغيرها مما كانت أسبابا في تلك الثورات العربية قد تم إشباعها جميعا منذ يونيو 1989م أي بانقلابهم ذلك المشؤوم. وليتها وقفت عند حد إثارة الغيظ إذن لحاولنا معها أمر «الكاظمين الغيظ» ولربما أفلحنا. لكنها تخرصات ذات منبع واحد وكذا مقصدها واحد، إذ تريد تثبيط الهمم وتيئيس الناس بأكاذيب مفضوحة: أنه لن تفلح ثورة لا ينصرها من ذكروا، لذلك هم يقولون لنا: ليس لكم أيها المتململون إلا الإنقاذ وحكمها شئتم أم أبيتم! وتلك قسمة ضيزى وبئس المصير حمانا الله وإياكم قرائي الأعزاء من مثله.
ومع وضوح الهدف وضعف الحجة الواهية، لكنها قد تجد من يلقي لها سمعه من الذين لم يحزموا أمرهم أو لم يحددوا خياراتهم بعد، لذلك صار لزاما علينا رصدها حجة بحجة، ثم تفنيدها جملة وتفصيلا استعانة:
- بشهادات قيلت في السياق تثبت أن الثورات العربية صنيعة الشعوب المقهورة ولا يقف خلفها حزب بعينه.
- وبالرصد التاريخي لمسيرة الحركة الإسلاموية في السودان لإثبات أن تلك المسيرة في غالب منشطها لم تورث السودان إلا خبالا ولم تكن أبدا من خلف انتصارات الوطن حتى نعطي فعلها، ذلك الزخم الذي يدعيه أنصار المؤتمر الوطني لها. فإن كان من كسب يحسب لها فهو ما كان في الإطار القومي أو مع آخرين أما وحدها فلا. وإن انفردت بالفعل فنراها من خلف موبقات يشهد الوطن اليوم من جرائها كوارثَ جمة: لطخت ديباجة الإسلام ومزقت الوطن وعصفت بالنسيج الاجتماعي لناسه، وخرّبت الأخلاق من خلال فعل مقصود عمد إلى هدم وتخريب كل ما كنا نعتز به ونفاخر: من خدمة مدنية وجيش وتعليم ورأس مال اجتماعي.
- إضافة لأنه ليس صحيحا قول أن كل الإسلاميين في السودان يؤيدون الإنقاذ اليوم. فمع تحفظنا السابق على أداء الحركة الإسلامية عموما في السودان، لكن مؤيدي الإنقاذ من داخل الحركة الإسلامية نفسها في تناقص متزايد، وتعيننا على التثبت من ذلكم الزعم شهادات من داخل البيت الاسلاموي.
- وأخيراً قول الرسول الكريم: «استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك».
أولا: الإدعاء بأن الإسلاميين هم من فجر ثورة الياسمين في تونس وثورة الغضب في مصر.
بشأن تونس: نورد ما أتى في مقال د. الطيب زين العابدين في «صحافة» الأحد13 مارس 2011م بما نقله عن الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية في تونس في محاضرته بقاعة الشهيد الزبير 10/3/2011م ولا ينبئك مثل خبير- راوية ومروي عنه قال الغنوشي «بصراحة»: «إن الثورة التونسية لم يصنعها حزب ولا زعيم ولا شعارات ايديولوجية، إنها ثورة شعب انسد أمامه أفق الإصلاح فلم يجد بداً من الثورة الشاملة على النظام القائم» انتهى، بل أنه في إحدى القنوات بعد عودته من منفاه إلى تونس بعد الثورة لعلها الجزيرة، هنأ الثوار في بلده بما عجزوا هم كأحزاب وكحركة إسلامية عن تحقيقه دهرا .
وبشأن مصر: نورد شهادة الدكتور صفوت حجازي، الداعية الإسلامي الذي قال «إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تمنى أن يكون شباب أمريكا مثل شباب مصر، لافتاً إلى أن الشباب وحدهم الذين فجروا الثورة، وليس الإخوان، وليس هم أيضاً الذين أنجحوها، إنما هم طائفة من الشعب وفصيل ذاق الذل والاستعباد والاستئصال، مشيراً إلى أن هذه الثورة، ليست ثورة حزب الوفد، وليست ثورة المسيحيين، ولا ثورة اليسار ولا اليمين ولا الليبراليين، ولا ثورة العلمانيين، إنما هى ثورة مصر، مؤكداً أن من يزعم أنه هو مفجر الثورة فهو كاذب، بل هى ثورة شعبية لكل أهل مصر.
«شبكة الرصد الاخباري»
وساكتفي بشهادتين للباحث المصري حسام تمام من لقاء مطول معه، أنصح بالرجوع اليه كاملا في مصدره لإدراك الصورة الكاملة: الأولى عند سؤاله عن تقييمه لمشاركة وأداء الإخوان في الثورة المصرية التي فجَّرها الشباب في 25 يناير 2011م، فأجاب بأن: الإخوان جزء من الثورة، لكنهم لم يكونوا في طليعتها ولم يقودوها ميدانياً، وهذا يتَّضح من تردّدهم في بيان موقفهم من تظاهرة الثلاثاء 25 يناير، التي أطلقت الثورة. وحين حسموا قرارهم، كان بالمشاركة الفردية لكوادر الجماعة وقواعدها، فلم تكن المشاركة بقرار مركزي للجماعة يفرض على أفرادها المشاركة، بل كان هناك قلق وترقُّب لدى الإخوان من المشاركة في الثورة.
وقد قبلوا بموافقتهم على المشاركة بالحوار قبل رحيل مبارك، وهو ما يُشير إلى تنازلهم عن مطلب رحيل الرئيس ودخولهم في الحوار وِفق ما طرحه النظام. لأنهم يعلمون تماماً أن انسحابهم المباشر من ميدان التحرير سيصمُهم تاريخياً، باعتبارهم الكتلة المنظمة، وربما يشار إليهم بأنهم باعوا الثورة للنظام، كما يوجد لديهم شك بأن النظام قد يلعب بهم ولا يعطيهم شيئاً مما وعد، ومن ثَمَّ، فإنهم حريصون على أن يمدوا يدا للتحاور ويرفعون راية العصيان باليد الأخرى، لتحسين وضعهم التفاوضي، وإن كنت أتوقع أن أول طرف سيطلب منه النظام فض الثورة والانسحاب من ميدان التحرير، هم الإخوان.
والثانية كانت بإجابته عما إذا كانت الثورة الحالية قد كشفت عن الحجم الحقيقي للإخوان بعد سنوات من الجدل حول تقديرات الخبراء والنظام والجماعة؟ وكيف تراه؟ فأجاب: بالتأكيد، كشفتهم تماما، لكن ليس بمعنى الفضيحة أو التقليل من قيمتهم، وإنما وضعتهم في حجمهم الطبيعي، بعدما كان يصِر النظام دوما على رفع فزّاعة الإخوان في وجه أمريكا وأوروبا، قائلا: «البديل أنا أو الفوضى»، لكن ما جرى، أوضح أن حجم الإخوان بمصر لا يتجاوز «150» ألف عضو، وإن كان بوسعهم أن يحرِّكوا نصف مليون مصري على أجندة الجماعة.
وعندما كان الإخوان في أفضل لحظاتهم التاريخية عام 2005م، لم يستطيعوا تسيير مظاهرة من 100 ألف مواطن، بل أن مظاهرات الإخوان بالعاصمة يُستدْعى لها شباب الجماعة من المدن المحيطة أو المحافظات القريبة من العاصمة، ورغم هذا، لا تتجاوز 10 آلاف متظاهر» انتهى. من حوار أجراه همام سرحان - القاهرة- swissinfo.ch في 9فبراير2011م.
وهم في السودان أشد بؤسا
ثانيا: التتبع التاريخي لمسار الحركة الاسلامية في السودان:
سنمر سريعا بهذا الخصوص على الحصاد المر الذي نابنا من الحركة الإسلامية في السودان. وسيكون هذا التتبع التاريخي «بتصرف» اهتداءً بما سطره قلم الإمام الصادق المهدي في كتيب «الوفاق والفراق.. بين الأمة والجبهة في السودان 58 1995م». ونعتمد على الإمام الصادق بوصفه شاهد عصر موضوعياً من الذين لا يترددون في ذكر الحقائق ولو أضرت بمكاسبهم ولا أشهد بذلك وحدي. ولا يجب أن يقلل من هذه الشهادة كونها تركز على العلاقة بين الأمة والحركة الإسلامية، لأن حزب الأمة حزب كبير ورائد في العمل السياسي المبادر، ولا شك أن تعاملاً هو طرف فيه يصلح لشرح المقصود، كما أن هناك كثيراً من المجالات التي كان التعاون فيها مع الجبهة الإسلامية في إطار قومي.
مراحل الوفاق:
- تعاون في إطار قومي للتصدي للدكتاتورية الأولى 58-64م
- مؤتمر المائدة المستديرة 65م لجنة الاثني عشر 66م، مؤتمر الأحزاب السودانية 76م.
- التصدي لمحاولات السيطرة الشيوعية على ثورة اكتوبر وعلى حكومتها الانتقالية، مما أدى لقيام الانتخابات في موعدها، وقيام مؤسسات الديمقراطية الثانية.
- تعاون أثناء الديمقراطية الثانية في كتابة مشروع الدستور الذي أجهضه الانقلاب المايوي.
- مواجهة نظام مايو في مرحلة اتجاهه اليساري وسلسلة انتفاضات آخرها يوليو 76م.
- إبرام المصالحة الوطنية في 1977 كأفضل خيار متاح.
- العمل المشترك عبر المجلس الإسلامي العالمي لتوحيد الموقف من قضايا الساعة.
والملاحظة التي نريد تسجيلها هنا، أن تعاون الحركة الإسلامية مع الآخرين في مراحل الوفاق أثمر خيرا على الإسلام وعلى السودان، ولا يغمط أحد جهدها ذاك فقط، مع التذكير بأنه كان دوما في معية الآخرين، ولم يشهد السودان عملا مثمرا لها خارج العمل الجماعي، وهو ما ينسف أقوال من يدعون بفعلها المستقل أو يسندون لها دورا أساس سواء بتفجير الثورات «وليس الانقلابات» أو المطالبة بالحريات. أما حين تنفرد بالفعل وحدها فالتجربة الماثلة في السودان تغنينا عن كل قول، وما أن انفردت بفعل يخصها حتى ضربت الفوضى بأطنابها في أرض الوطن وكانت ثورا في مستودع الخزف، وهو ما نتتبعه في ما سجله الإمام الصادق في مراحل الفراق وكلما كان انفرادها ظاهرا كان الدمار شاملا.
مراحل الفراق:
- أحداث أبا وود نوباوي: حيث كان الاتجاه الغالب في عام 1970م هو عدم التعرض لنميري ان هو لم يدخل الجزيرة أبا، وقد قام السيد صلاح عبد السلام بالاتصال بالنظام المايوي ليضمن ذلك، وفعلا تم الغاء زيارة أبا من برنامج نميري لزيارة النيل الأبيض، وكان رأي الإمام الهادي في الاجتماع أنه قد كفى الله المؤمنين شر القتال، ولكن ممثلو جبهة الميثاق الإسلامي رأوا غير ذلك، بضرورة إسماع النميري صوت المعارضة أينما كان، فاستقر الرأي على مظاهرة كبيرة لمقابلة نميري في الكوة، كان من تداعياتها المجزرة التي حدثت للأنصار في أبا وود نوباوي.
- في 1972م كفلت اتفاقية أديس أبابا هامشا من الحريات أدى لإطلاق سراح المعتقلين، مما سمح بالتخطيط لانتفاضة شعبية بدأ برنامجها في شعبان 1973م، وكانت الندوة الأولى ناجحة جدا، ولكن انتهت بأن قام د. زكريا بشير أحد قادة جبهة الميثاق الإسلامي وأحد الذين شاركوا في خطة وضع التحرك، بإعلان تفاصيل الخطة، مما نبه أجهزة النظام، فقام محافظ الخرطوم آنذاك مهدي مصطفى الهادي بإصدار بيان تحذيري، وتمت مقابلة المظاهرة التي أتت كرد فعل على بيان محافظ الخرطوم بمحدودية التجاوب الشعبي، فقد تم كشف الخطة قبل إنضاج التعبئة السياسية.
- انتفاضة يوليو 76م والتي نجحت في إدخال السلاح و 1000 عنصر من الأنصار و50 من أعضاء الجبهة، كان أحد أسباب فشلها إحجام عناصر الجبهة الداخلية عن القيام بدورها بدفع التحرك الطالبي المساند للانتفاضة، ومع عدم إجراء تشريح مشترك لما حدث، لكن الانطباع الغالب أن الأمر تحول إلى نقطة سوداء في العلاقات، لاسيما بين الأمة والجبهة.
- المصالحة الوطنية: التي ولجتها عناصر الجبهة باعتبارها رديفاً للحركة الوطنية، ولكنها لم ترهن بقاءها في النظام بأية شروط، واستمرت تدعم النظام المايوي لمدة ثماني سنوات بعدها، مما أطال عمره.
- الموقف من قوانين سبتمبر: وهي قوانين معيبة ثبت عيبها بشهادات محايدة «دعا رئيس الوزراء في الديمقراطية الثالثة لمؤتمر تم فيه تقييم قوانين سبتمبر بصورة موضوعية». وقد ثبت أن نميري لجأ إليها لعبا بالكرت الإسلامي دون دفع لاستحقاقاته.
- شارك الإسلاميون في انتفاضة ابريل لحاقا بعد أن غضب عليهم نميري وتوعدهم عند عودته من أمريكا بالتنكيل، ولم يكونوا عنصرا يفشل غيابه الانتفاضة الجماهيرية.
- أضيف رصد العيون لما لعبه الاخوان في التمكين لأنفسهم بصورة هي الانتهازية بعينها، حيث احتكر بنك فيصل الذرة وصدره والسودان في عام الرمادة «مجاعة 83 84م».
- لعبوا دورا مفصليا في المزاودة بشعار الإسلام على الديمقراطية الثالثة، وساهموا بفاعلية في إضعافها بإمكانات مادية وإعلامية كبيرة استمدوها من حركات متعاطفة وأحيانا من دول لمحاربة الشيوعية ونشر الإسلام داخل السودان وفي أفريقيا، وباستغلالهم لعلاقتهم مع مايو في التمكين لحزبهم.
- تقويض الديمقراطية ووأدها في 1989م.
- معالجة مشكلة الجنوب بوصفها ملفا أمنيا ضاعت بوصلته تماما بإعلان الجهاد ضد الجنوب، مما قاد للانفصال لاحقا الذي تتحمل وزره الحركة الإسلامية كلها، وهو انفصال عدائي تحدثنا عنه اتهامات باقان أموم الموثقة الأخيرة «الأحداث 15/3/2011م» ومؤتمر صلاح قوش الصحفي الأخير 14 مارس 2011م بالخصوص.
- تمت معالجة ملف دارفور بغباء يفوق الوصف، مما نتج عنه 17 قرارا دوليا، بل ان الرئيس مطلوب لدى العدالة الدولية بسبب ملف دارفور.
وقد أورد الإمام الصادق أوجهاً أخرى للفراق مع الجبهة تصب كلها في خطأ المنهج الذي اتبعوه.. قديماً وحتى اليوم.
ثالثا: وشهد شاهد من أهلها
أما الشهادات التي تتضمن زهد عدد لا يستهان به من الإسلاميين في «عواسة» الإنقاذ، فهي كثيرة لا يحيط بها العد في هذه المساحة الصغيرة، ولكن يعلو شأنها من حيث الكيف، ولكننا سنكتفي ببعض الشهادات العالمية والمحلية:
- شهادة المحبوب عبد السلام الموثقة في كتابه المسمى «دائرة الضوء وخيوط الظلام.. تأملات في العشرية الأولى للإنقاذ» بما كشفته من مدى بعيد لسوء الحال، وهي شهادة تم التأكيد على فداحة ما عكسته بما أورده د. عبد الوهاب الأفندي في مقال له عنوانه «في تأملات المحبوب في كسب الحركة الإسلامية في السودان» بقوله «إن شهادة المحبوب التي تؤرخ للحركة الإسلامية في السودان قد تفسر على أنها نعي للحركة الإسلامية أكثر مما هي تاريخ شبه رسمي لها».
- الزهد الذي أبداه د. عبد الوهاب الأفندي في مقاله بالأحداث 15/مارس/2011م، وكفره التام بإمكانية الإصلاح بقوله «بتصرف» إن نظام الإنقاذ قد استعصى فتقه على الراتق بما لا يمكن معالجته إلا اجتثاثا بالثورة الشاملة.
- منها ما قاله الشيخ راشد الغنوشي عندما سئل عن: هل يقاس نجاح المشروع الإسلامي في الحصول على الدولة أو النجاح في إدارتها ؟أجاب: «مع أن هذا الهدف ليس أعز مطالب الحركة الإسلامية في زمن اختلال موازين القوى لصالح خصوم الإسلام - وهو ما يفسر جزئياً على الأقل تعثر تجارب الحكم الإسلامي «إيران» أو فشلها الذريع «السودان». «الإسلام اون لاين»، إضافة لشهادته في ندوة قاعة الشهيد الزبير في يوم 13مارس2011م التي تدين النظام بما لا يحتاج لبيان.
- تصريحات الشيخ يس عمر الإمام لصحيفة «ألوان» وقد قال انه يخجل من الدعوة للإسلام حتى في المسجد القريب من داره، بسبب الظلم والفساد الذى أراه، وقلت لهم بأننى لا أستطيع أن أقول لأحفادي انضموا للأخوان المسلمين لأنهم يرون الظلم الواقع على أهلهم «فلذلك الواحد بيخجل يدعو زول للإسلام فى السودان، أنا غايتو بخجل»، بل وصل به اليأس من الحال لدرجة قوله في نفس اللقاء «أنا شلت الفاتحة على السودان» من حوار مع الشيخ يس في «ألوان» 12 أغسطس2007م.
- ومنها حديث د. الطيب زين العابدين الذي استشهدنا ببعضه في صدر هذا المقال، وقوله: بالنسبة للحركة الإسلامية «كسدت شعاراتها الإسلامية حتى ليستحي المرء من ترديدها أمام الناس» أما ما قاله في ما فعلته الانقاذ بالوطن، فما أصدقه وما أجدره بالتأمل «الطيب زين العابدين، الشيخ الغنوشي يعزف لحن الحرية والديمقراطية، قاعة الشهيد الزبير، الخميس 13فبراير 2011م».
رابعا: استفتِ قلبك
أطلب منك عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة التحرر من كل ما جاء في هذا المقال من إحصاء لموبقات الإنقاذ بلسان الأصدقاء قبل الأعداء، وأن تركن إلى قلبك وحده وتسفتيه: استحضر مناظر وصور متنفذي الإنقاذ واستنطقها، دعهم يتكلمون ثم تذكر فعالهم، ماذا يخبرك قلبك؟ أليس ذلك هو الباطل يمشي على رجلين؟ كفى اليوم بقلبك لك دليلا.
فهل من كانت تلك بضاعته يملك جرأة الادعاء؟ أو نصح الآخرين، بمثل ما فعل الرئيس عند توجهه الأسبوع الماضي إلى القاهرة، ينصح ثوار مصر: لا تحلوا جهاز الأمن، وهو نصح ترجمته بالعربي: ابقوا على كل الرذائل في جوف النظام ولا تغيير..!! وكان لسان حالهم يرد «شكرا يا عم لا نريد منك نصحا اليوم فقد تحررنا»..!!
في خاتمة هذا المقال نخص عضوية الحركة الإسلامية بمختلف مسمياتها خارج وداخل السودان من الذين اتضحت لهم الرؤية من حيث الفرق بين النظرية والتطبيق لإدعاءات انقلاب يونيو.. أن يسارعوا بالتبرؤ من هذه الفوضى العارمة، وتعرية تلك الادعاءات بالكامل.. وقبل ذلك الإعلان بوضوح أن الانقلاب خيانة عظمى، وهو وسيلة باطلة للتغيير مهما بلغت الإدعاءات أو نصعت الأهداف، فالغاية لا يمكنها أبداً أن تبرر الوسيلة، ونحملهم المسؤولية الأدبية على الأقل عن أفعال الإنقاذ حتى يفعلوا.
وسلمتم.
الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.