حديث المدينة خمسة آلاف رأس.. سياسي..!! عثمان ميرغني نشرت الصُحف قبل يومين قرار الحكومة السُودانية منح \"مليون فدان\" في أرض الولاية الشمالية \" لحزب الوفد المصري\"..على شرف زيارة رئيس حزب الوفد الأستاذ سيد بدوي على رأس وفد مصري شعبي زار السودان خلال الأيام الماضية.. والأرض لا تغلى على إخواننا المصريين.. فهم أجدر من يفلحها ويخرج ثمراتها لصالح الشعبين.. ولكن..! هل من الحكمة أن نمنح الأرض في سياق (سياسي!).. يزورنا وفد من الأحزاب المصرية.. فنمنحه أرضاً زراعية.. وكأنها جزء من طقوس الحفاوة والضيافة الرسمية.. بينما الأصل أن الزراعة هي عملية اقتصادية تقوم وفق أهداف ومعايير ليس من بينها (المجاملة!!) السياسية.. ثم ماهي حكاية الرقم (مليون).. قبل عدة سنوات صرح مسؤول سياسي أن السودان يرغب في تهجير (مليون!!) فلاح مصري لاستزراع الأرض في الولاية الشمالية.. والآن تعلن الحكومة (مليون!!) فدان.. ماهو سر الرقم (مليون!!).. هل هو مجرد رقم (سياسي) يقصد منه التفخيم والتضخيم.. بلا أدنى معني عملي أو \"فني Technical\". الحمد لله لدينا الأراضي الواسعة المترفة بالخصوبة..أرض ناهدة بالماء الوفير.. وكلها تحتاج للاستثمار الجاد المنتج.. وأشقاؤنا المصريون وبقية الوطن العربي، يملكون المال والخبرة وقادرون على استنطاق خيرات هذه الأرض.. لكن ذلك لا يتم مطلقاً في دهاليز السياسة و(الأحزاب).. هو عمل اقتصادي ممعن في التخصص.. و(مليون!!) فدان لا تصلح إلقاؤها في بطن خبر صحفي أو تصريح سياسي فهي تعني مشاريع زراعية مدروسة بدقة.. الري والطرق والتسويق والبيئة .. وقبلها الإدارة.. أسعدتنا أحزاب مصر بزيارتها للخرطوم.. لكن يجب أن تدرك أنها منابر سياسية.. وليست اقتصادية.. والأفضل لنا ولهم ولشعبينا أن نفتح الباب واسعاً أمام التجار ورجال الأعمال وحتي المهنيين.. هؤلاء هم من يعرف كيف يزرع النجاح.. بل بالتحديد هذا عملهم .. الفرصة مواتية للبلدين السودان ومصر.. أن يبتدرا عهداً جديداً يتجاوز الماضي.. عهد (المصالح المشتركة).. وتبقي العواطف للفنانين والشعراء (الذين يشرفوننا هذه الأيام بمناسبة ملتقى النيلين للشعر العربي بالسودان).. فليكن شعار المرحلة.. ما للحكومات للحكومات.. وما للشعوب للشعوب.. يجب أن نأخذ قضية (الزراعة) بصورة أكثر جدية بعيداً عن السياسة ومتاهاتها.. نحن بلد زراعي في المقام الأول.. لكن الإيقاع الذي (تتحدث!) به الدولة عن الزراعة.. أبطء كثيراً من أن نلحق به العالم من حولنا.. والبرهان على ذلك أن أكبر مشروع زراعي في أفريقيا.. مشروع الجزيرة.. يموت كل يوم.. و لا يجد غير أكفان من التصريحات السياسية. أرضنا كلها مفتوحة للاستثمار العربي والأفريقي والدولي.. ولا يجب أن ننتظر كثيراً لتصبح مروجاً خضراء.. في يدنا أن نفعل ذلك فوراً والآن. فقط إذا رضى الساسة أن يتركوا الزراعة للزراعة.. إن كانت الحكومة ترغب في مجاملة اخواننا في الأحزاب المصرية.. فإن أفضل ما تقدمه لهم.. خمسة آلاف رأس .. من الساسة..!! فلدينا فائض كبير منهم .. للتصدير..!! التيار