بسم الله الرحمن الرحيم فقهاء السلطان والسقوط في حمأة الهوان الطيب عبد الرازق النقر عبد الكريم [email protected] أغلق الشيخ الذي أرزم على السبعين باب سيارته الفارهة في وجه فقير مُعدم دون أن تختلج في وجهه جارحة، ثم عاد إلي مقعده متهافتاً متخاذلاً لا يكاد يطيق نفسه التي وجدها سائرة في طريقٍ شائك تحفُ به مواضع الزلل، ومهاوي النكبات، طريقاً لو كان يدرك وعورته لهالته عقباته، وردته مزالقه، فكيف لرجل تشرئب لمقدمه الأعناق، وتشخص لطلعته الأبصار، أن يمتطي مطايا الهالكين، ويرتدي حلل المارقين، كيف لعالم يعد من أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، أن يشايع زمرة هامت في أودية الضلال، وتسكعت في بيداء الغواية، وهو الشيخ الأجلّ الذي تفجرت الحكمة من جوانبه، والعلم من نواحيه، كيف للشيخ الذي لم يدع آبدة من أوابد الفقه إلا حواها، ولا شاردة من شوارد اللغة إلا حذقها، أن يتجافي عن الحق البين الذي قُدم له بصادع البرهان، فسفور ذلك الأمر ووضوحه لا يجعله يجشم نفسه عناء التعليل، نعم لا يحتاج أن يمحّص الروايات، أو يحقق الأسانيد في مسألة رسخت حرمتها في كل ذهن، وتبدت عدم مشروعيتها في كل خاطر، فالمسلمين على اختلاف مذاهبهم، وتباين أجناسهم، وتنائي ديارهم، لم يقفوا قط على حواف الخلاف في تلك القضية التي تشابكت أوشاج حرمتها منذ القرون الغابرة، والعهود المندثرة، ولكن أنى لعالم يشايع نظاماً يجمع بين اعتبارات شتى، ويؤلف بين نظريات مختلفة، أن يناهض ما يرومه القروم الخناذيذ، ويبتغيه السُراة الغطاريف، الأحرى أن يتحلى بأذيال الصمت بعد أن خلعوا على حياته رونق السعادة، وعلى أسرته سرر النعيم، يجب أن يكبح وثبات فؤاده، ويخمد وخز ضميره الذي استشعر اليأس من زواله، ضميره الذي يستحثه دوماً على الجدال والصيال حتى يطهر نفسه من أوضار الانحراف، ضميره الذي يحفزه أن يجدد ما رثّ من حبل الدين، في زمن استشرت فيه الجهالة، وخنست فيه الهداية، وران على المحجة الريب، وتكالبت على خيوطها الناصعة الظنون. كان العالِم الثبت يقود سيارته المطهمة وهو منطوِ على نفسه، متحاملاً على ذهنه، يرقب بطرفِ فاتر الجموع التي ذوى عودها وطأة الجوع والغرث، وعرّى مناكبها غلو السادة، وفداحة التكاليف، تلك الجموع التي نشأت في مهد الحزب الخشن، ودرجت في فنائه الضيق، وعاشت في مرعاه الجديب، قد تبدل طبعها المرح، وثغرها الضحوك، ولسانها المداعب، سارت سيارة الشيخ تطوي عباب الطريق حتى وقفت أمام وزارة سيادية محاطة بالرجال، مغمورة بالجمال، وزارة ينشد أسمها كل لسان، ويستظل بفيئها كل عالم تكدست حوله العدسات، وتقاطرت لطلته القنوات، وما أن ترجل الشيخ من سيارته ودلف إلي الداخل حتى أوصدت الأبواب أمام الطلاب، وأسدلت الستور في وجوه السائلين، وبدأ الشيخ المستحوذ على أعنة الكلام، والمتصرف في فنون القول، يخاطب البهاليل السادة، والكماة القادة، مستفرغاً الوسع في تنزيل الفقه، مفصلاً بيانه الذي أنزله عن علم، وفصّله عن إدراك، بيانه الذي استله من قلب الإبداع، وانتزعه من جوف الروعة، والذي أفضى في نهايته إلي أن الوزير الهمام الذي يحرص على غوارس الكلام حرص العابد الأواب على صلاته هو من يحدد معايير الضرورة بعدأن............................................. اختلت موزاين القوى وأضحت الغلبة لمناهضي النظام الذين وجب إخماد صوتهم، واستئصال شأفتهم، حتى يسود صوت الحزب الصمد....... كان الله في عون اخوتنا الأماجد في سوريا الفتية واليمن السعيد. الطيب عبد الرازق النقر عبد الكريم ولاية النيل الأزرق-الدمازين