شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد.. صور الفنانة ندى القلعة تزين شوارع أم درمان.. شباب سودانيون يعلقون لافتات عليها صور المطربة الشهيرة (يا بت بلدي أصلك سوداني) والأخيرة ترد: (عاجزة عن الشكر والتقدير)    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل سوداني غاضب يوجه رسالة للمغترين ويثير ضحكات المتابعين: (تعالوا بلدكم عشان تنجضوا)    شاهد بالصورة والفيديو.. عريس سوداني يحتفل بزواجه وسط أصدقائه داخل صالة الفرح بالإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا عادت قضيه المنظمة الفرنسية آرش دي زوي الي السطح مجددا بين انجمينا وباريس؟ا
نشر في الراكوبة يوم 15 - 10 - 2011

لماذا عادت قضيه المنظمة الفرنسية آرش دي زوي الي السطح مجددا بين انجمينا وباريس؟ وما هي مصلحه ديبي وساركوزي؟ ولماذا يطرق ديبي بشدة على ملف تلك القضية حينما يحس بجفاء باريس لنظامه السياسي؟
محمد علي كلياني
[email protected]
(لقد عبث كثيرون بالأدلة..وكذب كثيرون..وألتزم كثيرون الصمت..وظل الكثير مختبأَ تحت عباءة الأمن القومي والحصانة القانونية..وحتى الحقائق الثابتة استغلت لدعم نظريات متناقضة حسب الأهواء للحكومات المعنية)
محمد علي كلياني[email protected]
أشتق اسم المنظمة الفرنسية الخيرية آرش دي زويه(سفينة الحياة)ARCHE DE ZOE، لكي يلاءم الاسم سفينة إنقاذ الحياة البشرية(سفينة النبي نوح)، هذا الاسم أحتل المرتبة الأولى قي افتتاحيات الصحف الاروبية على مدى أسبوعين عام2007م، خاصة الإعلام الفرنسي(المقروء والمرئي والمسموع)، فأرش دي زويه هي منظمة فرنسية خيرية عملت بهمة من منذ سنوات علي إنقاذ المتضررين من الفيضانات في كارثة تسونا مي في آسيا قبل أعوام، وهي أيضا تعتبر الوريث الشرعي لمنظمة أطباء العالم التي أسسها وزير الخارجية الفرنسي السابق والناشط الإنساني برنارد كوشنير، والمعروفة باسم(FRENSH DOCTORS).
وقد كان ل(فرنش دكتورس)، مسعى خيري كبير في تخفيف معاناة الحرب في فيتنام في سبعينيات القرن الماضي، وان منظمة آرش دي زويه السفينة الخيرية التي تساعد الأطفال اليتامى في العالم هي كذلك أحدى أهم أركان منظمات طوارئ دارفور(URGENCE DARFOUR) المؤسسة في2005م برئاسة السيد/ جاكي مامو، حينما أرادت باريس أن تدلي بدلوها في قضية دارفور، ويومها احتلت القضية سلم الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
وبمناسبة اليوم العالمي لدارفور أطلقت(زويه) في 28/04/2007م حملة واسعة النطاق شملت معظم العواصم الاروبية وهي تنادي بدعوة تحمل فحوى(أنقذوا دارفور)، ولم تترك سانحة في ذاك الوقت، إلا و ذكرت المنظمة إلى أن هنالك أطفالا يتامى وضحايا للازمة، لا يزالون عالقين في وسط مناطق الحرب في الحدود بين تشاد والسودان، واستندت في ذلك إلى معلومات وإحصائيات وردت إليها من مصادر تشادية سودانيه تؤكد بأنهم أيتام بدون مأوى ويحتاجون إلى المساعدة الإنسانية الطارئة، ولذا فقد تتالت نداءات المنظمة في بلاد الغرب بضرورة عمل شيء ما لإنقاذ الأطفال، والأطفال هنا مقدسون جدا، أي(إجلاء ألفا طفلا يتيما ومشردا وعالقا على الحدود التشادية السودانية .
وأوضحت(زويه) في حملة مشروعها الإنساني بأنها تقود أكبر حملة تعبوية لصالح هؤلاء و تبنيهم في اروبا، ولمن لديه الرغبة في تبني الاطفال وإيوائهم، فما عليه إلا الاتصال بعنوان المنظمة المتواجد في موقعها بالشبكة الدولية للانترنت باللغتين الفرنسية والانجليزية (www.archedezoe.fr) ،
ومثل تلك الإعلانات، كانت قد عمت معظم مترو الانفاق الباريسية تقريباً.
وبذلك، فقد باشرت منظمة(آرش دي زويه)مهمتها الصعبة ومغامرتها التي أدت إلي نهايتها تماما، وانتهت بمتطوعيها في سجون أنجمينا العاصمة التشادية مقتادين ومقيدين بالأصفاد من أقصي شرق تشاد(مدينة أبشي).
وعلى خلفية الحدث وردود الأفعال بين البلدين احتشدت أسر فرنسية بمطار بباريس في انتظار وصول الأطفال القادمين من دارفور عبر تشاد، حيث الاضطراب الأمني الذي شغل بال الغرب كله في تلك المنطقة أضحى يصدق فيه اي كلمة صحيحة ام لا، وقد صدمت الحشود المنتظرة بأن ركب عملية أخلاء اليتامى من دارفور عبر انجمينا فشلت فشلا ذريعاً، وذلك إثر تواتر معلومات أكيدة بأن الفريق المناط به نقل الأطفال قد تم القبض عليه من قبل السلطات التشادية بتهمة خطف أطفال وقتلهم وبيع أعضائهم واستغلالها في أعمال خليعة في التراب الاروبي.
جاء ذلك على لسان السيد/ديبي رئيس دولة تشاد خلال أدلائه بتصريحات صحفية ملتهبة أمام أجهزة التلفزة العالمية امام اعين العالم، مما أدى إلى حدوث صدمة وذهول شديد أصاب المنتظرين فى صالة المطار الباريسية، وقد عرضت لهم الشاشات الفضية دون عناء كبير هذا المشهد المخزي، وأصيب الحشود بصدمة كبيرة مرة اخرى، وأذكر أن زوجة أحد الموقوفين في الواقعة أجهشت بالبكاء وأختفى وجهها الحزين وسط الحشود المكتظة والمنتظرة للأطفال القادمين من أفريقيا، وتناقلت وسائل الإعلام ذاك النبأ وأن صور الأطفال المجلى عنهم والفريق المتطوع في مشهد غريب يطلب الرحمة من الرئيس التشادي ادريس ديبي والذي بدأ يتنكل بهم في مشهد حزين للغاية نقلته عدسات كاميرات الصحفيين الحاضرين في الحادثة.
وكعادة الرئيس ديبي، فأنه يفتقد إلي التعبير السياسي اللائق في لحظات تاريخيه كتلك، ولا يمتاز بلباقة وحنكة قد تنقذ الموقف سياسيا في المستقبل، وأتضح في ذاك الوقت ومن خلال مخاطبته الفريق المتهم بخطف الأطفال علي الحدود التشادية السودانية، وكان قد أحاط نفسه بحرسه الجمهوري الخاص، وهو يقول(هذا هو عملكم؟..هذا عمل هو المنظمات التي تقودونها؟..تختطفون الأطفال لتقتلونهم وتبيعون أعضائهم البشرية، لماذا تعاملوننا انتم كالحيوانات؟، فأن هدفكم هو بيع الأطفال من اجل أعمال خليعة..الخ)، وفي الحقيقة فقد صدم المجتمع الفرنسي كله من هذا الاتهام الخطير لعمل منظماته الخيرية في العالم وخاصة في أفريقيا.. واتهام ديبي يعتبر كلاما خطيرا بحق سمعة الشعب الفرنسي خاصة وارويا عامة، وان باريس قد عمدت قواتها المسلحة إسناد ديبي من الإطاحة به عشرات المرات، ويتذكر الفرنسيون إدريس ديبي جيداً بأنه يأتي إلى بلادهم طلباً للاستنجاد والاستشفاء من أمراض وعاهات ألمت به سنين، وأنهم يتذكرون جيدا ان ابنه وريث الحكم قد قتل في ضاحية بباريس قبل شهور من مشهد حادثة اختطاف الأطفال، ويتذكرون أيضاً أن ديبي ضمن ملف حاشية الحقبة الشيراكية بأفريقيا ضمن برنامج المشروع الذي يعرف ب(FRANCEAFRIQUE)، والتي يحظى بالمساندة السياسية واللوجستية العسكرية الفرنسية بالمنطقة من قبل قواتهم المرابطة هناك، وفي الوقت الذي يتعرض فيه أنظمة الطغاة ودكتاتوري القارة الافريقية سيئي الصيت في أوطانهم، وفي ذاك الحين سارع المحتشدون في مطار(اورلي)الباريسي بالتوجه باكراً صوب السفارة التشادية بباريس للتعبير عن استيائهم وغضبهم لما حدث لرعاياهم بسبب الأطفال من قبل تصرفات الرئيس التشادي المشينة للشعب الفرنسي، وبذلك الشكل الغريب، و خاصة وأنهم آخذين في الاعتباران مثل تلك التصرفات ما كانت أن تصدر وغير متوقعة من رجل مثل إدريس ديبي الذي درس الطيران الحربي في بلاهم وتم دعمه بمقدراتهم الشخصية خصما واستقطاعا من مصروفاتهم ورواتبهم الشهرية ليصبح رئيسا لتشاد ويخدم المصالح الفرنسية في القارة الأفريقية ويوجه إليهم تلك التهم الخطيرة، ولا شك أنها تهمة ستظل محفورة في جبين عمل المنظمات الإنسانية الفرنسية.
وقد تحرك الشارع الفرنسي ووسائل إعلامه المتخلفة للضغط على الرئيس ساركوزي من اجل السعي لفعل شئ ما تجاه القضية التي أصبحت تمس سمعة فرنسا الحرة وقيمها الإنسانية من قبل رئيس نصبته باريس وحمته وأصبح يلعب لها بالأوراق المختلفة في القارة الأفريقية، كما هو الحال مساندته نظام القذافي.
وفي تلك اللحظات أشارت زوجة أحد المعتقلين التي قابلها ساركوزي لمشاطرتها الأحزان ريثما يجد المخرج المناسب للقضية فقالت(الفرنسيين ليسوا بائعي أعضاء بشرية وزوجي بريء من تلك التهمة)، وكان رد ساركوزي لها(لقد اتصلت بالرئيس ديبي ووعدني بإطلاق صراح الصحفيين المرافقين للمنظمة... سنأتي بهم مهما فعلوا..)وهي رسالة تحدي واضحة وصريحة من قبل باريس ساركوزي إلي ديبي، ويومها الثورة التشادية فاعلة في الحدود، ولكن ليس لها خيار سياسي محدد لاقتناص الفرص المتاحة من قبل باريس في ذاك الوقت، لأنها متشرذمة ومنقسمة على نفسها وفق فرق قبلية واجتماعيه لا يمكن الاعتماد عليها في عمل سياسي ووطني وإقليمي كبير وواسع..
فقد حاول الرئيس ساركوزي تهدئة مشاعر الفرنسيين الغاضبة من جراء آلام الحادثة تلبية للضغوط الداخلية، حيث قام ساركوزي في يوم الأحد من 27نوفمبر2007م بالتوجه إلى تشاد وذلك في زيارة طارئة وغير معلنة متخطياً بها كل الأطر والأعراف الدبلوماسية التي عرفتها أفريقيا مع باريس عبر التاريخ وحطت طائرة ساركوزي في المطار العسكري التابع للقاعدة العسكرية التي تعرف باسم:
(BASE MILITAIRE FRANCAIS ADJI KOSSOI) في أنجمينا.
وبعد عدة دقائق معدودة عقدت محادثات تشادية فرنسية في داخل قصر ديبي الرئاسي واستغرقت ساعتين، حيث قفل ساركوزي راجعاً وبرفقته الصحفيين والمضيفات الاسبانيات اللائي كن ضمن المحتجزين لدى تشاد، وقد أدلى ساركوزي للصحافيين بشهادات مختلفة تحكيها تسجيلاتهم بالصوت والصورة، ويومها رشحت أنباء سبقت الزيارة تتحدث عن عرض صقور باريس الجدد ملفات ديبي السوداء خلال فترة حكمه وجزء منها دعاوي قضائية في المحاكم الفرنسية(قضيه تزوير الدينار البحريني)، ولا غرابة إذن أن تحل العقد السياسية بمثيلاتها، لذا اتخذت زيارة ساركوزي الي انجمينا بعداً سياسياً لمناقشة الملفات العالقة بين باريس وانجمينا، سيما وأن الإدارة الجديدة قد أعلنت دون مآربه مقاطعة السياسات السابقة في أفريقيا الفرنسية ومن ضمنها تشاد(كما حدث في غينيا وساحل العاج وليبيا..الخ)، وهذا ما تعهد به ساركوزي على الأقل خلال الحملة الانتخابية وأوفي ببعضها في المنطقة.
ومن بين تلك الملفات كانت عملية نشر قوات أروبية في شرق تشاد وشمال أفريقيا الوسطى ذات أهمية قصوى لدى حكام باريس بما يعمق سياسة تكاملهم الاروبية التي قادوها بعد استلامهم مفاتيح قصر الاليزيه، وتشكل تلك النقطة بعدا محورياً بالنسبة للرئيس ديبي الذي تردد في قبولها بسهولة لولا الضغوط الفرنسية، وتُعد المساحة التي تم فيها نشر قوات أروبية تعد أحد المكاسب الرئيسية التي حققها ديبي خلال فتره لتقوية حكمه في البلاد، وتلك المساحة التي يريد ساركوزي إدارتها ومراقبتها بقوات اليورفورس تعتبر بمثابة النفوذ القوي لديبي إقليمياً، حيث نصب ديبي لها رئيس أفريقيا الوسطى بوزيريه وجعله خليفة له ونقطة ارتكاز لمناهضه المعارضة المسلحة الموالية له انطلاقا من دارفور والتي تحتمي أحيانا بالأراضي الوسط أفريقيه وبتوجيه من ديبي حيث نقلت قوات من دارفور عبر أفريقيا الوسطي لتقديم الدعم القذافي، وواضحي للعيان بان أفريقيا الوسطي لا تزال قلعه رئيسيه يستخدمها ديبي وأعوانه كقواعد خلفية لأي عمل خطير لا يمكن رؤيته سياسيا وامنيا في التراب التشادي وتمريره من هناك، وتشير بعض المعلومات الخاصة جدا إلي أن السلاح المسرب من ليبيا إلي دارفور وأفريقيا كان يمر عبر الأراضي التشادية إلي تلك المناطق الوعرة وكان بعلم أناس نافذين في سلطة تشاد، وكانت معظم ألأنشطة المسلحة في تلك المساحة كانت تقلق باريس والعالم على الدوام(توسيع دائرة النزاع المسلح في المنطقة)، خاصة وأن الإدارة الجديدة في باريس توصلت الى معلومات حقيقية بعد تسلمها السلطة في الاليزيه بأن المسؤل الاول في مأساة النازحين في شرق تشاد وشمال أفريقيا الوسطى هي المليشيات التي دربها ومولها ديبي ودفع بها للانتقام من مواطني شرق تشاد على خلفية انتماءات سياسية وعرقية في إطار التداخل القبلي بين تشاد والسودان وأفريقيا الوسطى على اعتبار أن هؤلاء المواطنون في تلك المناطق يشكلون عقبة اجتماعيه رئيسية لا تساعد ديبي على تنفيذ مشروعه في المنطقة(وصول قيادات تسعى تولى سلطات واسعة في السودان وأفريقيا الوسطى وتدين له بالولاء)، ولذا يرى ديبي أن نشر قوات في تلك المساحة قد يكشف عن دارفور أخرى من الجانب التشادي والوسط أفريقي يتورط فيها هو وأتباعه والمساندين له سياسيا واجتماعيا، خاصة من الذين شاركوا في إحداث وفظائع وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان(بحسب تقرير مجلس الامن عام 2007م)، ومن الطبيعي جداً أن تسعى اليوروفور الى إقامة حواجز قوية بين ديبي وبوزيريه، والتي تسعي في المقام الأول إلي قطع إمدادات تجارة الماس والحجارة الكريمة التي تغذي الرجلين وإيقاف أهم مصدر يمول الحروب في المنطقة، ولكي لا يضع الكل أمتعته السياسية الثقيلة فوق ظهر السفينة( ارش دي زويه)الفرنسية المتهمة في قضية خطف الأطفال، فقد سارع الرئيسان ديبي وساركوزي الى عقد مؤتمر صحفي في تلك الأثناء لشرح تطورات الأزمة، ونفيا أن تكون لها علاقة بالشأن السياسي ونشر قوة أروبية على خلية تلك الاحداث أو ملفات أخرى تسعى تشاد الى تسويتها مع باريس عن طريق ملف السفينة زويه، وأعتبر المراقبون أن ساركوزي بتلك الخطوة المتسرعة أراد بها تبييض وجهه عبر بالمفرج عنهم أمام الرأي العام الأوربي وتخفيف حدة الضغوط الداخلية للشارع الفرنسي ووقف محاولة ديبي خدش صورة فرنسا الحرة من خلال عمل منظماتها الإنسانية في شرق تشاد(قتل أطفال وبيع أعضاء الأطفال واستعمالهم في أفعال خليعة)، وللحق فإن تصريح ديبي لوسائل الإعلام العالمية فقد مزق كل القيم الفرنسية ومرغ سمعة الشعب الفرنسي في الأوحال(فقد ظلت قواتنا المسلحة تقدم خدمات إنسانية منذ اندلاع الأزمة في دارفور وفتح جسر جوي إنساني)معلقا أحد الصحفيين الفرنسيين رداً على سؤال حول مستقبل العمل الإنساني الذي تقوم به المنظمات الفرنسية في شرق تشاد أو المهمة التي تنتظر القوات الاروبية بعد تلك الأحداث.
قال ديبي في المؤتمر الصحفي مع ساركوزي بانجمينا أنه لم يستغل السانحة سياسياً لتمرير أجندته السياسية وفرضها علي إدارة ساركوزي عن طريق تسويق الأزمة وهذا ما حدث بالفعل وتم تسويق القضية باستمرار يومنا هذا، وان إحالة طبيب المنظمة الي المحكمة وطلب رشوة من فرنسا بقيمة 6 ملايين يورو دليلا قاطعا علي ذلك، وحول القضية فقد رد على التعليقات الفرنسية بأن ديبي أستغل سفينة زويه لمحاصرة باريس وتصفيات حسابات معقدة، بينما تمنى ساركوزي بأن تتم محاكمة رعاياه المتهمين في القضية في فرنسا ولا تزال مسلسل المحاكمات مستمرا الي اليوم، وفي اليوم التالي من الزيارة الرئيس ساكوزي لانجمينا تصاعدت حدة التوتر يين العاصمتين حينما صرح الرئيس الفرنسي(سأسعى لإحضار الباقين قريباً مهما كلف الأمر، وبكل بساطة إنهم مواطنونا وأنا رئيس دولة وهذه مسؤوليتي).
وتشير مصادر مطلعة بأنجمينا بأن ساركوزي تلقى وعوداً بهذا الخصوص من ديبي قبل أن يفجر تصريحه، وهذا الحدث أثار الشارع غضب في تشاد، وقوبل التصريح بردود أفعال عنيفة من قبل الشارع التشادي، ونظم ديبي مظاهرات شعبية عبر خلاياه المختلفة وعمت تلك المظاهرات المناوئة لساركوزي وفرنسا مدينتي أبشي وأنجمينا، وتلتها مظاهرات أخرى وأحداث شغب قادها طلاب المدارس الابتدائية والثانوية وانتهت أمام محكمة أنجمينا ورشق المتظاهرون بالحجارة سيارات تابعة لرعايا أجانب تشمل دول غريبة وصاحبتها تنديدات وهتافات المتظاهرين:(فليسقط ساركوزي، تجارة الرق ولت..تشاد مستقلة منذ 1960م)، وتلتها أيضا مظاهرات أخرى نُظمت في باريس ولندن تضامناً مع أطفال زويه وأطلق المتظاهرون حملة واسعة للتعاطف معهم وأنشأت شبكة لجمع توقيعات تضامنية تضم أكثر من عشرة منظمة تشادية وأفريقية([email protected]).
وتلك هي شبكات ديبي الحية في اروبا وهي تتضمن اناس دبلوماسيون يعلمون في السفارات يدفعون المال لمن يساندونهم وآخرون يدعون انهم لاجئون سياسيون وفي وفي الحقيقة أنهم جواسيس ورجال امن تابعون للنظام التشادي، وهم تحصلوا علي اللجوء السياسي بتلفيق قصص وهميه وأكاذيب بزعمهم المعارضة مع أنهم موظفون حكوميون ويتقاضون مرتباهم الرسمية في تشاد كل شهر.. ونحن نعلهم حقيقة.
وبهذا ومن جانب اخر أستهجن وزير العدل التشادي السابق السيد/ألبيرت باتا كي تصريح ساركوزي والذي نقل على الهواء مباشرة عبر مراسل صحفي فرنسي طلب منه التعليق على ذلك، فقال الوزير(أن الرئيس ساركوزي لا يقرر عمل القضاء التشادي في تورط رعاياه في القضية، بل تشاد هي التي تقرر ذلك عبر أجهزتها العدلية، وأنا أرفض التعاون مع القضاء الفرنسي في ذلك)، ومن جانبه أعلن وزير الداخلية السابق أحمد باشر قائلا:(أن الطريقة التي تتعامل بها فرنسا معنا مهينة للشعب التشادي، وأن الجريمة ارتكبت في التراب التشادي، ولذلك يجب محاكمة المجرمين هنا وليس هناك.
وقد جاء ذاك التصاعد بعد تطورات سريعة ومتلاحقة لردود الأفعال الشعبية والرسمية بين باريس وانجمينا بسبب أزمة السفينة ارش دي زويه والتي ما زالت آثارها تتفاعل يوم بعد آخر خاصة في المحاكم الفرنسية بعد ان تبين لانجمينا والتي يمكنها إحراج ساركوزي عبر الطرق القانونية والقانون في فرنسا اعلي من سيادة الرئيس وفي الوقت الذي يعتبر فيه نظام ديبي ان ساركوزي يجتهد من اجل خوض الولاية الجديدة لرئاسته أمام اليسار القوي الصاعد والفائز بمجلس الشيوخ الفرنسي، وبخاصة هنا في باريس ان قضية اطفال ارش دي زوي، وعندما كانت في مراحلها الاولى فقد تناولتها الصحف في فرنسا بدرجات عديدة ومتفاوتة ونالت تغطية واهتمام الأوساط الفرنسية وعلى مستوى عالي من مختلف وسائل الإعلام وأثيرت ضجة على مستوى عالي جداً.
وقد أعتبر النائب البرلماني فرنسوا هولا ند المرشح الحالي الاوفر حظا بالرئاسة، قائلا(أن الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس ساركوزي الي تشاد لإنقاذ الموقف كانت خطأً دبلوماسياً كبيراً، وهي تعطي إشارة سالبة على صعيد سياسة فرنسا الخارجية تجاه أفريقيا)، وتلك الإشارة السالبة قد أشار اليها أيضاً الرئيس السوداني البشير بأن(هنالك أطماع خارجية في خيرات دارفور، ولكننا لم نكن نعتقد أن يكون إنسان دارفور ذاته واحدا من هذه الأطماع، وأن الرئيس الفرنسي قد سافر من أجل تحرير المتهمين في القضية).
وطالب رئيس الهيئة البرلمانية أمين عام الحزب الاشتراكي فرنسوا هولا ند أيضا أنشاء لجنة برلمانية لتقصي الحقائق لكشف ملابسات القضية، واعتبرتها أوساط سياسية فرنسية بأن ديبي روج القضية لأغراض سياسية خالقاً بذلك ضجة إعلامية كبيرة تمس هيبة بلادهم على مستوى العالم بسبب الأطفال والتي من المفترض أن تحل عبر القنوات الدبلوماسية بهدوء، واتهمت تلك الأوساط ديبي بأن ليس حامي أطفال بلاده، وذهبت تلك الأوساط إلى أبعد من ذلك مبينة أن ديبي هو الذي يقوم بتجنيد الأطفال لاستخدامهم كدروع بشرية في الحرب(على الرئيس ديبي أن يكون أكثر مسؤولية تجاه هذه القضية لأنها في يد القضاء ونطلب منه بأن لا يسيئ للأمة الفرنسية كلها بسبب السياسة)، وقد علق أحد الخبراء والذين استضافتهم قناة(arte5)لإبداء رأيهم حول موضوع الأطفال.. وكان ديبي حقاً بتلك الخطوة قد أفقد تعاطف الفرنسيين كلهم معه، لأن كل هذه الأوساط بفرنسا كانت ولا تزال تتحدث بمرارة وحسرة عن حجم المساندة المفرطة التي قدمتها له اليد الفرنسية خلال سنين حكمه المضطربة، وقد خيب الرجل آمالهم وذلك وإيقاعهم في فخ الفضيحة ولوث سمعتهم إقليمياً ودولياً، فقال ديبي(هؤلاء هم الاروبيون الذين سيأتون بالقوات لحمايتنا)مشيرا إلي قوات اليوروفور التي تم نشرها في شرق تشاد وشمال أفريقيا الوسطى، ساعياً الى تحريك وتحريض الشارع التشادي وتهيئته لتطورات لاحقة، ومنها قد استهداف قطع الطريق لنشر قوات دولية في المنطقة، او زيادة الضغوط عليه سياسيا بسبب دارفور وملفات مختلفة ومعقدة وشائكة في آن واحد، قال رئيس تحرير جريدة فرنسية انه(بإمكان ديبي إعلان الجهاد ضد فرنسا، لأنه حرض أئمة المساجد ضدنا في صلاة الجمعة بفعل قضية الأطفال)، وفي تعليق أخر لكاتب افتتاحية صحيفة الجمهورية وصف ديبي بأنه يعد لمرحلة قادمة تحمل إلينا الكثير من المفاجآت، ولا انه من صنعنا وأضاف آخر فان ديبي (فهو يخفي إسلاميين متشددين انضموا إليه بعد انشقاقهم من الشيخ الترابي بدوافع عرقية)، وقد اتفقت في هنا جميع شرائح المجتمع الفرنسي بأن ديبي شوه وجه فرنسا الحرة في مجال العمل الإنساني تشويهاً بالغا، ويعتقد الكثيرين من مانحي الإغاثة الإنسانية الدولية بأن الرئيس التشادي بات يشكل خطراً على مستقبل أعمال الإغاثة الخيرية بسبب ترويجه لهذه الفضيحة والتى جعلت النازحين التشاديين واللاجئين الدارفوريين في شرق تشاد ينظرون الى عمال الإغاثة الإنسانية بعيون الريبة والشك جراء حادثة أيتام دارفو في قضية ارش دي زويه.
وقد عبر عن ذاك القلق الممثل الخاص للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في الإطار نفسه، مبينا ان الواقعة تمثل عيبا إنسانيا للطرفين وعلق وزير الخارجية الفرنسي السابق برنارد كوشنير رائد العمل الإنساني لأجهزة التلفزة(أن هنالك قضايا ذات أهمية أخرى مثل ماينمار)متهربا عن الإجابة على الأسئلة المحرجة في تطورات القضية، متفادياً بذلك إثارة الصحافيين للقضية والطرق فيها باستمرار، وأختتم كوشنير قائلاً:(تأتي عدم مشاركتي في الزيارة الى تشاد، فقد كنت في زيارة أخرى الى آسيا.. ولكنني أتابع القضية عن كثب، وقد كلفت وزيرة الدولة السيدة رحمة ياد سكرتيرة الدولة لحقوق الإنسانية بإنشاء خلية لمتابعة الأزمة)، مبرئا ذمته من محاولة صحف فرنسية ربطه بالقضية جراء لقاء جمع مستشاره للشئون الأفريقية السيد/ لوران كون تيني مع رئيس منظمة سفينة(دي زويه) في 4/7/2007م وتطرقا في الاجتماع المتكتم حوله الى مشروع إجلاء يتامى دارفور، وأن الوزارة تقوم بتوفير ما يلزم من معلومات واحتياجات في حدود أقصى بشأن عملية إجلاء الأطفال العالقين في الحدود التشادية السودانية بسلام .
وكشفت صحيفة(كنارأنشينيه)الأسبوعية والأكثر انتشارا في فرنسا، وهي صحيفة فرنسيه أسبوعيه عريقة لا تقيل الإعلان إطلاقا.. فان كتابها هم الإعلان للرأي العام الفرنسي.. فقد نشرت وثيقة تدعم موقف(آرش دي زويه) وعلم وزارة الخارجية الفرنسية بتلك العملية، وقد جاء في أحد عناوين الصحيفة الفرعية(الوثيقة التي هيجت كوشنير)، ومن جهتها نفدت الوزارة تلك الأنباء، ومن ناحية أخرى أعلن وزير الدفاع الفرنسي يومها هيرفي مورلين محاولاً الدفاع عن دور القوات الفرنسية في تشاد(أن عمليات الجيش الفرنسي اللوجستية لصالح آرش دي زويه تأتي في إطار جهود الإغاثة وتأمين الجسر الجوي الإنساني والذي فتح للمهمة الاغاثية فقط، وبالتأكد أن هذه المنظمة لها تصريح رسمي للعمل بتشاد لمساعدة الأطفال، وقال:(تأكدنا أن المنظمة لها تصريح من وزارة الداخلية التشادية مثلها مثل باقي المنظمات التي تتجاوز ال(80)منظمة طوعية عاملة في شرق تشاد.
وقد علق الصحفي في تلك الصحيفة على ذلك بأن القضية كادت أن تدخل دهاليز الأسرار الدفاعية وشئون أمن الدولة، وفي مسار تطورات أزمة الأطفال الذين يستغل ديبي قضيتهم في كل مرة ضد فرنسا لتصفيه حساباته معها، فقد قامت فرنسا بإرسال بعثة قضائية في ذاك الحين برئاسة مندوبين من الأجهزة القضائية الفرنسية الى تشاد للنظر في ملف القضية وحضور جلسات محاكمة المتهمين بأنجمينا، وألحقتها ببعثة أخرى لتقصي الحقائق لتعطي تقريرهاً للدولة الفرنسية حول ملابسات القضية خلال شهر، وفي ذات الوقت حاولت أحدى المحتجزات الفرنسيات الانتحار في سجن انجمينا، وتم نقلها الى المستشفى العسكري للقوات الفرنسية هناك.
وأن تطورات أزمة السفينة زويه قد لا تقف عند حد المحاكمة، او بإثبات تهمة الجريمة أو براءة فريق الإغاثة المتهم، ولا حتى أنها تنتهي عند العروض الأسبانية لمساعدة الأطفال وذويهم، وبالتأكيد يعتقد سياسيا بان اسبانيا هي التي تقف خلف انجمينا لإحراج باريس، وإنما المسألة دخلت محيط طور السياسة والأخلاق والقانون بين ديبي وباريس من جهة والشعبين التشادي والفرنسي من جهة أخرى، في عملية أشبه بفض الشراكة مع ديبي وتصفيات حسابات معقدة استخدمت فيها المنظمة ارش دي زويه مجرد واجهة لتصفية الحسابات بين الخصم السياسي، وان الشارعين التشادي والفرنسي هما فقط واجهتان اجتماعيتان لتحويل الأنظار عن قضايا خفية وأكثر حساسية بين الإطراف وأكثر قساوة عند فضها بهذه الطريقة، وكان(ديبي بعد زيارته الصين مؤخرا أصبح أكثر ثقة بنسفه بحصوله على كسبه المال والسلاح صفقة في بكين)، ولكن ربما بكين تعلم ان الشعب التشادي له قوي حية لن ترضي تلك التوجهات لدعم الدكتاتورية، هذا التوجس كشف عنه بعض المراقبين، بينما يتملك ديبي شعور التخلي الفرنسي عنه في وسط أعباء من الأزمات والمصاعب السياسية(وأن باريس لا تريد الذهاب معه بعيداً)، وأن محاولة باريس الضغط باتجاه نشر القوات الاروبية يوحي قطعا بان ديبي ينتابه الشك والخوف من باريس وتوجهاتها ومما يزيد تخوفه أكثر عندما أقدمت حليفته فرنسا التخلص من حليفه القوي القذافي بأنفاس باردة عبر حلف الناتو، وان ذلك يعزز من مخاوف ديبي أكثر فأكثر، وهذا مما جعله اللجوء إلي الصين الشعبية لتعديل التوازن السياسي في المنطقة بعد فقده الجلل القذافي، ويري ان ذاك المسعى يكمن تخفيف العناء عنه والتصدي للمعارضة المسلحة المتنامية حاليا في الشمال بعد سقوط القذافي، ويري ديبي أن طريقة تعامل باريس معه في القضية ألليبيه هي أكثر قسوة عليه من المواجهة المسلحة مع المعارضة في الشرق او الشمال والمحتملة، لأن الوجود العسكري الدولي على الأرض الليبية يعني أن الإرادة السياسية ستظل رهينة مؤثرات وأحداث لن يريد ديبي تحدث في الساحة التشادية، وتشير التوقعات أن حدوثها مجرد مسالة وقت، وإذا ما أضفنا إليها الأزمة في المنطقة كلها، فإن وضع ديبي سيكون شائكاً للغاية( لصالح من تتم تسوية هذه الأزمات؟)، ولذلك سعى ديبي بجدية الى حشد(16000) جندي أفريقي في مدينة موسورو في مناورة تُعد الأولى من نوعها إفريقياً لإحدى عشر دولة أفريقية تحت إطار منظمة(CEMAC)، ويريد تحديد خياراته العسكرية الاقليمية، وقد حضرها أربعة رؤساء أفارقة(الراحل عمر بنقو، بوزيريه، كابيلا الابن)، وهي وفقاً لمراقبين أنها استعدادا لتطورات مستقبلية تواجه تحديات المساعي الفرنسية الداعية لمقاطقة السياسات القديمة لباريس مع أفريقيا والتي كانت تقوم على أساس دعم الأنظمة الدكتاتورية والقمعية فيها وتوجيه باريس جهودها لدعم الثورات الشعبية المناهضة للأنظمة الدكتاتورية القمعية، وأعلن ديبي للرؤساء الذين حضروا المناورة العسكرية وسوف تكون مهمة هذه القوات حفظ السلام في هذه المنطقة وتتولى تشاد قيادتها بمقاطعة بحر الغزال التشادية، ويذكر أن لديبي ضلع كبير في تلك الدول بإرساله قوات إليها لمساندة أنظمتها التي تواجه اضطرابا أمنياً وعصياناً مدنياً مستمراً، كما هو الحال في التوغوو وبوركينافاسو وأفريقيا الوسطى والكنقو كنشاسا وبرازافيل وغيرها.
ويعتبر لجوء ديبي الى تلك الدول هو محاولة أخيرة منه للتصدي لمشروع باريس الأمني في أفريقيا وحسم ملفات بين أفريقيا وباريس وفق معطيات جديدة طرأت على سياسة المنطقة بعد الأفريقية بعد إسقاط القذافي وتفاعلات الأزمة القائمة في المنطقة ودخول لاعبين جدد اليها كالصين والولايات المتحدة، ويعتقد ديبي أن أول هذه التحديات وتأثيراتها وبحكم الوقائع ينتظر أن تضيق المساحة التي يلعب فيها ديبي بزيله في تلك الدول، خاصة في افريقيا الوسطى وشرق تشاد ودارفور، وأن توجه تشاد نحو عمقها الأفريقي مهم جداً تحسباً لأي احتمالات، ولكن هذا العمق يعتبر هشاً سياسيا وعسكريا وضعيفاً نظراً لضعف الكيانات السياسية فيه وارتباطه بعمليات الفساد والإجرام وعدم المسؤولية، فضلاً عن أنه- اي العمق- لازال مرتبطا بقوى خارجية تحسب ألف حساب لدور باريس في القارة الأفريقية، وفي هذا الاتجاه حذرت أوساط فرنسية من أن المتمردين الدرافوريين الذين كانت توفر لهم انجمينا الملاذ الآمن قد يشكلون عقبة حقيقية لمهمة القوات الاروبية، ولهذا فقد ابعد ديبي زعيم حركة العدل والمساواة الي ليبيا، لابعاد الشبهات عنه خوفا من تصعيد الخرطوم العسكري ضده، وأتهم أوربيون في مؤتمر بباريس حول دارفور بأن كبير مساعدي الرئيس البشير السابق مني أركو مني تورطت مليشياته في مهاجمة منظمات العون الانساني وقوات الاتحاد الافريقي وزالت التهمة قائمة رغم وجود مني في جوبا عاصمة جنوب السودان، وفي زيارة رئيس جنوب السودان الي الخرطوم قال من يشعل الحرب في السودان في الجنوب والشمال يعتبر عدو للبلدين، وتلك العبارة ترجعنا إلي الوراء كثيرا عندما قال سفاكير بعد وفات د. جون قرنق، وهو في أوج خلافه مع حكومة الخرطوم في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، حيث قال بالانجليزية
(I M NEVER CAME BAC TO WAR FOR MINISTIRIELS POSTS): وكان التصريح رغم انه سياسي ولكنه يحمل في مضامينه مسئوليه تاريخيه عظيمه تحمل في طياتها لا للعود الي الحرب مهما كانت الظروف وان مصلحه تحقيق سلام الدولة اكبر من العوارض الصغيرة في اكتساب الوزارات الاتحادية مع الشمال السوداني.. تلك قصه ولنل قصص أخري، ونعود إلي قضية الأطفال والتي أضحت مثار جدل أثارته الصحافة الفرنسية بان مليشيا(التوروبورا والسبييي والمسلحين الإسلاميين بقيادة د.خليل إبراهيم) في شرق تشاد يشكلون خطراً وتحدياً دائماً على أمن المواطنين التشاديين والقوات الدولية في تلك المنطقة، وقد في تقرير حديث أعده الإتحاد الإفريقي بان قوات مني مناوي اركو كانت متورطة في مهاجمة قوات الإتحاد الإفريقي بمنطقة حسكنيتة السودانية.
أن قضية آرش دي زويه ما زالت ردود أفعالها تتفاعل باستمرار عندما أحس المواطنون في تشاد بأن ديبي كاد أن يتنازل عن القضية ويتراجع بسبب الضغوط عليه(إطلاق صراح بعض المتهمين والاحتفاظ بالأخر إلي حين تصفية حساباته مع باريس نهائيا.. ثم أصدر عفوا عنهم في نهاية المطاف)، ولهذا فقد قاد قضاة تشاديون مستقلون مظاهرة ضد تدخل الرئيس ديبي للامتثال للضغوط الخارجية، وهي تمثيلية عادية من قضاة ينتمون الي نظام قاهر وجائر ومستبد وبائع للذمم، ومن جانب آخر طالب المقرر الخاص للأمم المتحدة الحكومتين التشادية والفرنسية التحقيق بعمق لكشف عن ملابسات قضية الأطفال ال(103).
وفي ذات السياق رشحت معلومات أولية غير مؤكدة بأنه سبق ان تم ترحيل عدد آخر ما لا يقل عن(74)طفلاً كانوا بالطريقة نفسها قد رحلوا الى أوربا، وهو الأمر الذي سيفتح الباب واسعاً للقضاء التشادي ان كان جادا للبدء في تحقيق آخر ذو صلة بالأخير، وربما يجعل الامر ديبي أكثر تحمسا سياسيا لابتزاز ساركوزي في تلك اللحظة السياسية للانتخابات ان كان الامر صحيحا، والكشف عن ملفات اخري للضغوط علي باريس والإذعان لتحقيق مأرب سياسية،، وإلا كيف يمكن تفسير تصرفات ديبي في ملف القضية تجاه ضغط باريس دائما بهذا الملف ان لم يوجد ملف اخر خاف وأكثر حساسية تجاه باريس؟ ومن ناحيته كشف أمين عام شبكة منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان التشادية بأن هنالك وثيقة تم العثور عليها تدل على نقل أطفال من تشاد الى المطار العسكري
(MOURMELON-LE PETIT)
في بباريس وفي أوربا وببلجيكا، ورفضت محكمة انجمينا طلباً لمحامي الدفاع عن المعتقلين الإفراج المؤقت، وصرح أحد القضاء بأن(إفراج المتهمين يشكل خطورة تضر المظاهرات بالنظام العام وتتفجر الأوضاع العامة برمتها)، وقال المدعي العام للمحكمة بانجمينا(بان هناك وثائق تكشف الحقيقة يوماً ما الى العالم).. ما هي تلك الحقائق يا سيدي القاضي بربك؟
وتطرقت الصحف التشادية الى القضية من زوايا عديدة ومختلفة، حيث كتبت صحيفة لوبروقري التابعة للنظام تحت عنوان عريض:(الأطفال القصر المخطوفين تم إرجاعهم الى ذويهم)، ونشرت صحيفة انجمينا إبدو(العبودية في العصر الحديث..أنها جريمة تذكرنا بعهود الرق البالية)، واختارت صحيفة الزمن عنواناً لها(اطفال لفرنسا..لا يمكن أن تتم عملية كهذه في وضح النهار، اليوم اطفالنا وغداً نحن وبعد غد سوف تختفي تشاد من خارطة العالم).
وبهذا الشأن وتطوراته المتفاقمة فقد أصدرت باريس تعليمات لرعاياها بتوخي الحذر وأخذ الحيطة خلال تجوالهم في شوارع المدن التشادية الكبرى،(خوفاً من تعرضهم لهجمات غاضبين تشاديين) بسبب القضية، وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها(إننا نتابع الأوضاع بكثير من الاهتمام)، وصرح رئيس آرش دي زويه من سجنه بأنجمينا مهدداً فيه الحكومة الفرنسية قائلاً(نحن في سجون فرنسية بتشاد وأن فرنسا تخلت عنا..كل العالم يتحدث عدا نحن) وأضاف إريك(نملك أدلة قوية وسوف نخرجها)، وفي قضية الأطفال الذين أتهم اختطافهم، قال إريك(لنا أسبوعان في أبشي وليست هنالك أسرة واحده اتصلت بنا بشأن اطفالها، ونحن لم نبحث عنهم في القرى ولكن مسئولين من القرى هم الذين أعلمونا بوثائق مكتوبة على أن هؤلاء أيتام من دارفور)، وقالت إيميلي ليلوش أحدى المحتجزات في القضية (أن الأطفال ظلوا بحوزتنا ستة أسابيع ولم نرى لهم أية أسرة ولذلك قبلنا تبنيهم عبر أسر أروبية)، واختتمت إيميلي(إذا كانت لديهم أسر فلماذا لم يبحثوا عنهم عندنا؟)
تلك هي الضجة الإعلامية الفرنسية المطالبة بمحاكمة الرعايا الفرنسيين في بلادهم والغضب الشعبي العام في تشاد جراء محاولة خطف الأطفال التشاديين والسودانيين وترحيلهم إلى فرنسا وإطلاق سبيل آخرين على خلفية ضغوط سياسية مورست على الرئيس ديبي والذي أصدر في نهاية المطاف عفوا ًعن المتهمين، وبعد رجوع الفريق إلي بلاده استجوبت محكمة باريسية في مقاطعة(كريتاي) بضواحي باريس المتهمين، بينما أصدر مدير المنظمة إريك كتاباً يوضح فيه قصة الأطفال بكل تفاصيلها الدقيقة،
إذن أين هي الحقيقة الغائبة التي يبحث عنها الشعبين الفرنسي والتشادي وكذا السوداني الذي استعملت أزمته عنواناً لكل ما حدث(أطفال دارفور اليتامى)؟.
ولمعالجة تلك القضية دعونا جميعاً وبهدوء قراءة بعض النقاط التالية ربما نتلمس شيئاً من الصواب قد يقودنا إلى الحقيقة وكسر الحلقة المفقودة في تلك القضية، وهي:
1 . لا يوجد خاطف في العالم، أو إرهابي يريد الإيقاع بالضحية أن يعلن خطة الخطف دون الخوف من نتيجة عملية الخطف، وهو يشهر بها علانية على الملأ ويمهر علي صدر الصحف والمجلات ووكالات الأنباء إعلانا عريضا بأنه سيقوم بأكبر عملية تاريخية لانتشال أطفال من دارفور منطقة النزاع إلي اروبا حيث الآمان والراحة إن لم يجد الضوء الأخضر من جهة ما، والغريب في الأمر أنه حدد عدد الأطفال ال(1000)، وقام بتقديم دعوة نشرت عالمياً مطالباً الأسر الاروبية والأمريكية تبني الأطفال اليتامى المزمع انتشالهم، ومن يرغب في ذلك عليه الإيصال بعنوانه التالي:(www.archedezoe.fr).
2 . هذا يعني أن للخاطف بعداً شعبياً ورسمياً بممارسة هذا العمل المعلن عنه منذ عدة شهور، وفي اروبا ان قوانين تبني الأطفال واضحة وصارمة، وأشارت سيدة إلى(أننا كنا نعد منذ عدة أشهر لاستقبال الأطفال وتبنيهم بصورة رسمية بالاتفاق مع آرش دي زويه.
3 . إذن أن المتهم في خطف الأطفال مرتب تماماً وهو يمتلك معلومات حقيقية عن موقع الأطفال اليتامى على الأرض، وأن مصادره عن تلك المعلومات موضحه بالخرائط اللازمة لمواقع الاطفال، وهي بالتأكيد عملية معدة مسبقاً من قبل جهة ما في تشاد والسودان ومهدتها بدقة، وتلك الجهات ربما تتولى دائماً عمليات الدعاية الواسعة للاجئي دارفور وتسويق أزماتهم بهذه الطريقة(جهات تشادية وسودانية ذات طابع رسمي او شعبي تعمل في شكل شبكات بين البلدين)، وهي معروفة لدى الجميع.
4 . أن متطوعي آرش دي زويه معروفين لدى تشاد والوسط الإنساني في فرنسا والعالم بأنهم بصدد إخلاء أطفال يتامى من دارفور عبر تشاد، ومن أجل ذلك خاضوا نضالاً إعلاميا ودعائياً وبناءاً على المعلومات المتوفرة لديهم من الأرض هناك، وقد نشروا من خلال تلك الحملة العديد من الخطابات وتلقوا دعماً مادياً ومعنوياً(قيمة تأجير الطائرة والإجراءات الأخرى)، وكان رئيس تجمع طوارئ دارفور السيد/جاكي مامو أعترف للصحافة الفرنسية بأنه ذكى (زويه) لاعتبارات إنسانية، وقد بلغت مساعي زويه من أجل إجلاء أطفال دارفور كافة المستويات، وأن جهات الاختصاص الرسمية المعنية على علم بما يجري على الارض، وعليه فقد ذهب متطوعي المنظمة الى تشاد وبحوزتهم الطائرة البوينج 757 قبل أن تدخل الميناء الجوي التشادي وقبل أن تحط في مطار أبشي، هي أيضا كانت بعلم الجميع، وأن السلطات التشادية ذاتها لا يعقل أن تجهل دخول طائرة غلافها الجوي طائرة كبيرة بحجم البوينج وتهبط في أهم مطاراتها وهي لا تعلم؟ مستحيل.. وإلا سيكون الأمر فخا امنيا او سياسيا نصبته انجمينا للإيقاع بالمنظمة او بمن يمولها؟ ولا يمكن من دون علما مسبق ان تقلع طائرة من اروبا الي افريقيا، ولا تعرف الملاحة الجوية الدولية الي تتجه تلك طائرة البويينج؟.. طبعا ليس صحيحا علي الإطلاق وليس منطقيا أيضا.. ولأ يمكن لحكومة بمؤسساتها لا تعرف لأي أمر هبطت تلك الطائرة في إحدى مطاراتها الرئيسية؟!،..هه.
لماذا لم توقف الحكومتان الفرنسية والتشادية تلك العملية إذا لم تكن تلك العملية مشروعة لديهما وتفادياً لما قد حدث؟؟، وإصدار الانذار المبكر بالخطر علي اقل تقدير مثلا، ولا يمكن في ظل قوانين مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة دولياً بأن تعبر طائرة بهذا الحجم أجواء أوربا الى أفريقيا دون مراقبة الملاحة الجوية العالمية ومعرفة أهدافها!! ؟؟
5 . كيف يمكن لمنظمة تعمل ضمن(80) منظمة إنسانية في شرق تشاد بأن تقوم بنقل هؤلاء الأطفال الى مطار أبشي من مناطق نائية وبعيدة وواقعة تحت المراقبة الأمنية الفائقة للأمنيين التشادي والسوداني ثم الفرنسي ولا أحد يعلم، ويتم القبض علي المتهمين في المطار؟، إذا كان ذلك صحيحاً فإن تشاد أصبحت بذلك أكبر ساحة للإجرام الخطير والذي لم يوجد له مثيل في العالم(في عملية الاتجار بالبشر)، فضلاً عن أن العملية تعتبر فشلاً كبيراً لمنظمات الامم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في الحقل الإنساني بتشاد.
6. هنالك غموض شديد يكتنف عملية نقل الأطفال من قرى حول أدري الى أبشي وكذا عمليات جمع العدد(103) والتي يقوم بها نصراني أبيض وسط أوضاع أمنية حساسة وحشود عسكرية ومليشيات موالية لديبي وأجهزة الشرطة التشادية في الحدود، أن يتحرك ركب اليتامى الى مدينة أبشي ويجتاز مئات الكيلومترات دون لفت انتباه أحد الى أن تصل قافلة الأطفال اليتامى مدينه أبشي، ومن ثم الى مطار ابشي، ويتم القبض عليها في لحظات الرحيل.. طبعا اكاذيب حكومات.. ورغم أن القافلة مكثت عدة أسابيع في أبشي(تأجير منزل لتجميع الأطفال وإجراء اتصالات متواصلة بين الأسر المتبنية في أوربا ومتطوعي المنظمة هاتفياً في أبشي)، كما أن المسوح الأمنية تتم بين الفينة والأخرى سواء كانت من قبل أجهزة ديبي أو المخابرات الفرنسية والتي تقوم بذلك وبشكل منتظم في هذه المنطقة والحساسة وباستمرار.
.7 إذا كانت تلك العملية بهذه الخطورة(استنكار وإدانة من قبل الحكومتين الفرنسية والتشادية للعملية)، فلماذا طلب رسميون فرنسيون لقاء السيد/إريك بريتو مسؤل المنظمة لشرح خطته لهم؟ وهل هنالك داعي لتحديد موعد له بهذا الصدد في 14/6 ؟ ولأي هدف أجتمع إريك بمستشار وزارة الخارجية الفرنسية السيد/لوران كويتني في 4/7 ؟ وماذا يكشف تفاؤل إريك بعد خروجه من المقابلة وفق تصريحه لوكالة الأنباء الفرنسية بأن حوالي(500)أسرة وافقت على تبني الأطفال المفترضين» إذا لم تكن العملية معلومة لديهم مسبقاٌ ؟؟ .
8. اذن، إن المشروع المتكتم حوله، لا بأس به إذا تم بدون ضجيج وزخم إعلامي، وربما يدخل في إطار محاصرة الفرنسيين للخرطوم عبر منظماتها العاملة في مجال قضية دارفور الإنسانية(تجمع منظمات طوارئ دارفور الفرنسية والأوربية وزويه واحدة منها)، وربما الأمر يجعل لباريس موطئ قدم لها في إدارة الملف مثل سابقتها الولايات المتحدة في بداية الأزمة إذا تم الأمر.!!.
9. لماذا أتصل وزير الخارجية كوشنر بسكرتيرة الدولة لحقوق الإنسان (رحمة ياد) خلال زيارتها لكل من السودان وتشاد طالباً منها معرفة المعلومات المتوفرة حول إجلاء الأطفال اليتامى العالقين بشان الحرب، وكان برفقتها مستشار الوزير المختص بشئون اللاجئين؟.
10. لماذا بدأت السلطات التشادية في التنصل عن القضية بإطلاق صراح المتهمين والعفو عنهم بعد أن بلغ السيل الزبى في أوج تطورات الأزمة، وذلك في ظل(غضب الشارعان التشادي والفرنسي)؟.
11. أن تصريح إريك وإيميلي يحمل في طياته الكثير من المفاجآت لحكومتي تشاد وفرنسا كونهما أطرافا لها علما مسبقا بالعملية، وبالتالي فإن محاولة التنصل من ذلك تبدو في غير محلها أخلاقيا، سيما وأن القضية قد أثيرت ضجة عالمية، وعكفت لجان التحقيق القانونية التدقيق في ملابسات الحادثة وقدمت تقريرها للعالم، حيث استجوبت اللجنة العديد من العسكريين والدبلوماسيين الفرنسيين في تشاد بجانب زيارتها لمدينة أبشي واستماعها إلى العديد من الشهادات الحية.
12. أن كل التقارير والاتجاهات وتحاليل المراقبون وموافق تشاد وفرنسا لم تقطع شك الجميع حول كشف ملابسات القضية، وبعيدة كل البعد عن واقع القضية والتي حركت مشاعر الشارع التشادي الغاضبة الممثلة في عدة مظاهرات وصفها القضاء في أنجمينا بأنها ستضر بالنظام العام في البلاد، دعك من خيبة أمل الشعب الفرنسي في معالجة حكومتهم للقضية والتي تمس قيمهم وشرفهم بإعطائها رسائل خاطئة حرفت مسار احتواء الموفق إلى تأزم وهدد رعاياهم الآمنين بتشاد في احتجاجات ومظاهرات غضب وعمليات شغب تستهدفهم.
13. أن اكتشاف نقل أطفال آخرين حوالي(80)من قبل وبالطريقة عينها، وهي أيضاً تضع علامة استفهام تزيد من الشكوك مجدداً حول حقيقة ملابسات الحادثة إذا ثبت ذلك حقيقة.
14. إن إدعاء اختفاء أثرا لمنظمة ارش دي زوي من رادار الاستخبارات في فضاء العمل الإنساني في تشاد أو تغيير اسمها إلى(children rescue) لم يكن ذلك حجة دامغة لتورط متطوعي المنظمة وحدهم فقط.. وتشير المعلومات المتوفرة بأن الاسم الذي صرح به للمنظمة في باريس وتصريح عملها الصادر من وزارة الداخلية التشادية يحمل إسم آرش دي زويه وليس(children rescue )،
وتفيد المصادر أيضا بأن الاسم الأخير هو مجرد شعاراً للعملية الإنسانية المتعاونة ضمن أنظمة الدعم المشترك والمتبادل بين المنظمات وليس اسما حقيقياً لسفينة زويه على الإطلاق، وأن إجراء المكالمات الهاتفية لمتطوعي زويه بتشاد مع الأسر في أوربا تدل على ذلك(آلو أنا...إريك من آرش دي زويه بخصوص الأطفال..المواصفات..عمر الطفل..)
ونشير في الختام الى ما قاله مؤلف كتاب(في قبضة الإخطبوط):(لقد عبث كثيرون بالأدلة.. وكذب كثيرون.. والتزم كثيرون الصمت.. وظل الكثير مخبأ تحت عباءة الأمن القومي والحصانة القانونية.. وحتى الحقائق الثابتة استغلت لدعم نظريات متناقضة حسب الأهواء للحكومات المعنية)، وطالما القضية في يد القضاء(محكمة كريتاي) ولجان التحقيق، فما علينا إذاً، إلا الانتظار لمعرفة حقائق الأمور والتي أصبحت مثار جدل عنيف بين الشعبين التشادي والفرنسي وألقت بظلال كالحة على العلاقة بين الدولتين، وأصبحت امتحان حقيقي لأول مرة بين الحليفين انجمينا وباريس في صميم توجهاتهما في القارة الأفريقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.