بالمنطق ولو رجمونا..!! صلاح الدين عووضة [email protected] * زميلنا الصحفي الفاتح عباس حكي لي طرفة واقعية كان هو بطلها خلال الفترة الفائتة.. * قال إنه كان عائداً إلى منزله ذات نهار قائظ فتاقت نفسه إلى بطيخ رآه معروضاً على جانب الطريق.. * إختار صاحبنا بطيخة- بعد شد وجذب- ومذياع البائع يبث تلاوة لسورة الكهف في تلكم اللحظات.. * ثم أصر على البائع أن \"يقطعها\" له حتى يتأكد أنها ذات \"حلا وحمار \" .. * وبعد أن \"قضم\" الفاتح منها \"قضمة\" تركت أثرها على فمه وشاربه و\"ربطة عنقه\" دس يده في جيبه وأخرج ورقة فئة الخمسة جنيهات دفع بها نحو البائع وهو يستعجله \"الباقي!!\".. * فما كان من البائع الستيني إلا أن قفز قفزة مصارع شاب نحو زميلنا وهو يصيح:\"آزول؛ إت ماك نصيح؟!\" * ثم أردف وهو يشير إلى المذياع:\"إت من الجماعة ديل وللا شنو؟!\" * أي:\"هل أنت من أهل الكهف هؤلاء؟!\" * والآن يتملكني- أنا كاتب هذه السطور- إحساس لا يمكن التعبير عنه إلا بمثل تساؤل صاحب البطيخ ذاك.. * فمع شروق شمس كل يوم جديد صرت أفاجأ وأنا أطالع الصحف- بكاتبة عمود تخط \" ما أفهم منه!!\" أنه حديث في \"الأحوال الشخصية!!\" * وبما أنني لم أكن سمعت بهذه الكاتبة صحافيةً من قبل فلابد- إذاً- أن كهفاً ما كنت اتقلب في فجوة منه ذات اليمين وذات الشمال سنين عدداً. * ومع زوال شمس كل يوم جديد افاجأ- وأنا عائد إلى البيت- بصوت نسائي يصرخ عبر مذياع العربة بما \"أظنه!!\" غناءً إلى أن اتأكد من صدق ظني هذا حين يقول المذيع إننا كنا نستمع إلى المطربة النجمة \"علوية وجع!!\".. * وبما أنني لم أشهد لحظات بزوغ نجمة بهذا الإسم في سمائنا الفني فإن الشمس التي تقرضني في كهفي حين تغرب كانت هي الأحق برؤيتي لها من بين أجرام السماء- ولاشك- حتى ولو كنت صاحياً.. * ومع غروب شمس كل يوم جديد أفاجأ- وأنا أشاهد التلفاز- بوجه \"مضروب بوهية بيضا!!\" يصدر من فم فيه ذي \"صبغة حمراء!!\" صوت متصنع يقول لنا بلهجة شامية لبنانية \"آلو مرحباً، حابِّي تهدي شنو يا \"أبد الّلا\" في المساء الجميل- بتعطيش الجيم- دَية؟\".. * وحين أهم بتغيير القناة إلى أخرى \"غير لبنانية!!\" ينبهني من هم حولي إلى أن التي أشاهدها هي فضائية سودانية، وأن المذيعة التي تتكلم \"لبناني!!\" هي \"واحدة قابضة الجو!!\" هذه الأيام.. * إذن؛ لابد أن المذيعة هذه قد \"قبضت الجو!!\" حين كنت أنت \"قابضاً\" لحيتي المثيرة للرعب داخل الكهف.. * والإنقاذ بتسببها في حالات \"البيات الكهفي!!\" هذه لأمثالنا أنا والفاتح- أحالت طرفة \"يعني ما ننوم وللا شنو؟!\" إلى واقع يمشي بين الناس.. * فالذي ينوم الآن ثم يصحو يجد أن البطيخة التي كان سعرها بالأمس ثلاثة جنيهات قد صارت ب\"الشيء الفلاني!!\".. * ثم يجد- كذلك- أن الإذاعات التي كانت تبث \"أغنيات\" مطربين معروفين أضحت تبث \"إزعاجات!!\" \"فلان الفلاني\".. * وأن المذيعين \"السودانيين!!\" قد أختفوا وحل محلهم من ينتمون بصلة \"لسان!!\" إلى \"باسكال مشعلاني!!\".. * الواقع الوحيد الذي لن نفاجأ بتغيُّر فيه- ولو لبث الواحد منا في كهفه ثلاثمائة سنين وازداد تسعا- هو الذي يجسده نافع والجاز وكرتي.. * اللهم إلا أن نبعث \"أنفسنا\" إلى شوارع المدينة لنرى أيها أزكي \"سياسة!!\" * دون خشية من أن \"يرجمونا!!\"