زمان مثل هذا رجال أبيي.. والمرحلة الصادق الشريف قبل أقلّ من شهرين.. كتبنا عن حوار أجرته صحيفة (التيار) الواثبة مع السيّد رمضان مليك شوك.. رئيس حزب المؤتمر الوطني بمنطقة أبيي.. والقيادي بقبيلة دينكا نقوك. حواره كان ناضحاً بالألم.. ألم الذين أدركوا بعد فوات الأوان أنّهم أساءوا الاختيار.. وأضاعوا الفرصة التي مُنحت لهم لاختيار مستقبل أبيي.. وتشكيل مستقبل أهلهم. اليوم نعود لذات الوجع من وجهة نظر مختلفة.. لا حباً في تصوير (الطير وهو يرقص مذبوحاً من الألم).. ولكن لتبيان العقليات التي تؤزم مشكلات البلاد.. حدّ التأزيم. السيد أيوم ماتيب ماتيب هو أحد أابناء دينكا نقوك من منسوبي المؤتمر الوطني.. كان وزيراً للخدمات والشؤون الاجتماعية والثقافية بأبيي.. كما أنّه قيادي بالمؤتمر الوطني في تلك المنطقة التي يحلو للإعلام أن يصفها ب (الغنيّة بالنفط). ماتيب يقول (وضعنا الآن.. أنّنا لسنا مواطنين سودانيين.. ولا جنوب سودانيين)..ولديه مبررات كافية تدفعه لهذا القول. ماتيب يبرر قوله بأنّ لجنة تسيير إدارية أبيي وعلى رأسها مسؤول ملف أبيي (فشلا في حصر عضوية دينكا نقوك + فشلا في إعطاء دينكا نقوك الرقم الوطني + فشلا في قبول أبناء دينكاء نقوك الممتحنين من الشهادة السودانية بالجامعات الشمالية + فشلا في إعادة من تمّ تسريحهم من الخدمة المدنية من أبناء نقوك). هذا غير حديث مؤلم قاله مليك شوك القيادي الدينكاوي ورئيس حزب المؤتمر الوطني بمنطقة أبيي بأنّهم حظوا بفرص للحج هذا العام الذي عاد حجاجه.. تحديداً بخمس عشرة فرصة.. وكانت تلك الفرص لمسلمي أبيي.. ولم يتمكنّوا من استخراج المستندات إلى أن انتهى وقت التقديم للحج.. فضاعت الفرص. ما ذكرناه هُنا هو النتائج.. نتائج وصلوا إليها عبر عقليات تعاملت معهم.. كما يرون هم أنفسهم.. على أنّهم (رجال مرحلة). ياهذا.. كيف تقول مثل هذا الكلام.. في زمانٍ مثل هذا.. زمان المشروع الحضاري؟؟؟؟؟؟؟؟. هاكم الدليل.. يقول ماتيب (حاولنا أن نقابل رئيس لجنة تسيير أبيي.. ولكنّنا لم نفلح طوال العام.. هنالك مترايس كثيرة).. وغلّظ الرجل إيمانه وهو يقسم (والله والله.. منسوبو دينكا نقوك بلاقو سلفاكير في دقائق.. نحن الدرديري سنة ما نقدر نلاقيهو). فكرة (رجال المرحلة) هي الفكرة الأخطر في كل حيثيات هذا الحديث الموجع.. رجال ينحنون ليطأ آخرون على ظهورهم.. ليعبروا إلى هدفهم.. ثُمّ يمضون إلى هدفٍ آخر.. تاركين أولئك الرجال في انحناءاتهم بذات درجة تقويسة الظهر. فهل نظر المؤتمر الوطني لأبناء دينكا نقوك.. على أنّهم رجال مرحلة.. يمتطي ظهورهم ليصل إلى تسوية بخصوص أبيي؟؟.. ثُمّ يقذف بالملف إلى مخازن النسيان؟؟. عند الأعراب يُسمى هذا ب(الجحود).. والجحود ليس من شيم الرجال.. وليس لي علمٌ بأخلاق الأحزاب.. ولا أدري هل يمكن مقارنة شيم الرجال بشيم الأحزاب؟؟. لكن.. إذا كانت هنالك مشكلات إقتصادية وأمنية.. وهي موجودة.. وفي تزايدٍ وتطور.. فإنّ عقليات مثل هذه هي التي تساهم في تأزيمها.. إن لم تكن هي التي صنعتها!!!. الصحافة