بالمنطق مين فرعنك ..؟!!! صلاح الدين عووضه [email protected] حين كان شيخ ماهر يجيء إلى حلفا زائراً – من مصر- كنّا نحرص على أن نتبعه من قرية إلى أخرى وهو يلقي دروسه الدينية الرائعة .. وبصراحة؛ ليست روعة الدروس هي التي كانت تضطرنا إلى أن (نقطُر) شيخ ماهر حيثما ذهب وإنما روعة ما كان يُقدَّم من عشاء عقب الفراغ من الدرس .. كنّا نعقد مقارنات يومية كل صباح بين ما قُدِّم من عشاء في قرية (19) مثلاً وما قُدِّم في قرية (18)،أو (16)، أو (24) لنر أي عشاء نال إعجابنا أكثر.. والذي كان له أجر فضل الظهر نظير جولاتنا المكوكية هذه هو عمَّنا علي أبوشوك صديق والدنا عليهما الرحمة .. وبما أن عمَّنا أبوشوك هذا كان ذا صلة خاصة بشيخ ماهر فقد كنّا نحظى بفرصة التحلُّق حول صينية ذات التميز الكمي والنوعي مقارنة بما عداها من الصواني .. لم نكن نُلقي بالاً إلا قليلاً لدروس شيخ ماهر الدينية.. وفي ليلة من الليالي تبدَّل الحال ... فقد لفت انتباهنا خلال إلقاء الشيخ لدرسه بمنطقة مصنع السكر انفجار الحاضرين في ضحك صاخب مفاجئ أفزع الطيور الساكنة على فروع الأشجار التي تحيط بالمكان.. واتجهت حواسنا لأول مرة إلى الشيخ بدلاً عن الطعام لنجده يتحدث عن رجال يراهم الناس ذوي هيبة وتراهم زوجاتهم (أي كلام!!).. فالزوجة هي أكثر من يرى الرجل على حقيقته مجرداً من كل الذي يصطنعه خارج البيت.. فالرجل يمكنه أن يمثّل أمام الناس ولكنه لا يمكن أن يمثّل أمام زوجته التي تعرف البئر وغطاها.. وفي فيلم عربي قديم تفاجأ الزوجة ببعلها ( المعلم الكبير) يحاول أن يعمل معها هي نفسها (الشويتين بتوعو) من قبيل ما درج عليه في الخارج.. تفاجأ الزوجة بذلك ثم تنظر إلى زوجها بازدراء شديد قبل أن تبصق داخل فستانها وهي تقول: (لا خوفتني ، إترعبت ، إترعشت ، يا راج إتنيل ) .. و(يتنيل ) الراجل ... وقبل أن يخرج من بيته إلتماساً للعزاء بالخارج - حيث هو ( السيد ) - تطرق أُذنيه عبارات حرمه وهي تصيح : ( أُولتلي راجل البيت ؟! بأمارة إيييه ؟!!! ) .. ففي الخارج هناك هو السيد، وهو المعلّم، وهو الكبير.. هو كذلك خارج البيت.. أما داخله فهو واحد (مُتنيّل على عينه بستين نيله).. ثم لا ينسى شيخ ماهر أن يذكر نماذج من شاكلة هذا الرجل في مجالات مهنية مختلفة.. من شاكلة الذين هم (أسود !!) على الآخرين و(نعام !!) في حروب المنزل.. أي أنهم (في حقيقتهم!!) نعام ولكنهم يستأسدون على الذين يجهلون حقيقتهم هذه.. وعلى رأي المثل المصري... قالوا لفرعون : ( مين فرعنك) ؟!.. قال : ( ما لئتش حد يؤلي لا ) .. وفي رواية أُخرى : ( ما لئتش حد يحوشني ) .