[email protected] أصعب ما يمكن أن يعيشه المرء هو شعوره بأن الوطن يغرق بالدم، دم الأخ والأب، دم الابن والبنت، الصديق والحبيب، وهو يقف هناك بعيداً، لا يعرف كيف يمكن لهذه التراجيديا السوداء أن تنتهي، فالسنوات على طولها لا يبدو أنها كانت كفيلة بإرواء أرض الوطن من دم الأبناء، كأنه النار التي لا تنطفئ.هل جربت يوماً ما عندما يختفي أو يقل الماء، وتنعدم النقود، ويتجول الخوف في الشوارع خاصة في الظلام الحالك، وأنياب الجوع تعضك، ولا تجد ما يسد الرمق، ومخالب الحاجة تنغرس في وجدانك، وليس هناك من معين؟! وأصعب لحظة.. عند فشل كل المحاولات، ينظر إليك أطفالك نظرات فيها الشفقة والرحمة أكثر من الإلحاح في توفير الطعام ما شعورك وأنت ترى بأُم عينيك.. كم من عزيز أُهين، ومِراس بدأ يلين، وشموخ شرع يستكين؟! هناك من يطلب مساعدة متواضعة، أو يتوسل (سلفة.. )ممن هم اقل منه مستوى، أو ثقافة، أو خُلقاً أو مكانة اجتماعية.. من صنف الأوغاد.. في كل شيء ولايجد أي شيء، وإن تسهلت سلفةٌ لا تكفي، ولا يستطع المرتب المحجوز في عدة معابر أن يفي بكل أو معظم الالتزامات، لذا عليك أن تضع خارطة طريق، تتجنب فيها مؤقتاً، الشوارع الملغومة، حتى يفرجها العلي القدير.نعم ما أسوأ ثقافة الحقد، وأنياب مظاهر الكراهية التي لاحت على السطح فدكت الترابط الاجتماعي، ومزقت التآزر الاخوي، وقطعت وشائج التداخل المجتمعي، والتمازج المدني! وفقدان الثقة بين الناس وطغي فينا ثقافة المصالح ولم تعد هناك أمة ولم يعد هناك مجتمع.نعم. ما بقي هو هشيم من الأفراد الذين يتعامل معهم النظام كزبائن، يجازيهم أو يعاقبهم حسب ولائهم له أو ابتعادهم عنه. وبمقدار ما فقد المجتمع مرجعياته السياسية والقانونية، وقتل فيه معنى الإنسان والإنسانية، أصبح أفراده يتعاملون في ما بينهم أيضا كزبائن، يشترون ولاء بعضهم حتى داخل الأسرة الواحدة، ويبيعون بعضهم ويشترون بعضهم كما يبيعهم النظام ويشتريهم كمانصرخ ليل نهار،وسنظل نصرخ وننادي لساسة في بلادي نقول كفى،فساد كفى كذب كفى قتل كفى سرقة كفى دمار كفى فتن كفى سياسة الكيل بمكيالين كفى كفى كفى دون أن نجد من يسمع، وأن وجد فإنه سيتهمك بشتى التهم، من متمرد الي إرهابي إلى مندس إلى قاعدي وما بينهما من عميل متواطئ، دون أن يقدم لك ولو إجابة واحدة تشفي غليلك الدامي وهو يشاهد تلك الصور الحزينة من قلب الوطن.ولكن رغم ذلك لن نسكت، وسنعيد ونكرر كل ما قلناه، وسنزيد كلما توفر لدينا الزمن وسنبقى نرنو بأبصارنا إلى الوطن، علنا نجده يوماً قد تعافى وألقى عن كاهله هموم سنوات مظلمة، كئيبة ولكن مهما طال الزمن حتما سيسقط المستبد فنكتشف كم ضاع من عمر بلاده وشعبه لكن من واجبنا يجب علينا بمختلف قطاعاتنا كنس هذا النطام.بالثورة شعبيةاو بوسائل اخري ممكنةحتي ولو كره المنافقون المشركون... كل عام وانتم بخير