إليكم الطاهر ساتي [email protected] ليس بالتهريج وحده يحيا القيادي ..!! ** الحمد لله، لقد تراجع والي القضارف وإكتفي بأن تكون المحكمة الدستورية فيصلا مرتقبا بينه وبين وزير المالية الإتحادية، وذلك في حال تلكؤ الوزارة عن دفع أموال التنمية لولايته..وكما تعلمون - أيها الحيارى - بأن كرم الله عباس الشيخ، والي القضارف، كان قد هدد وزير المالية قبل ثلاثة أيام باللجوء الى المحكمة الدولية بحثا عن تلك الأموال، ولكنه تراجع وإستبدل المحكمة الدولية بالمحكمة الدستورية، أوهكذا وقائع إحدى بلاوي السياسة السودانية..ذاك التراجع فعل ممتاز، إذ كفانا الوالي بتراجعه ذاك مشقة جدال بيزنطي آخر حول إختصاص المحكمة الدولية، ثم أراح المدعي العام للمحكمة الدولية من رهق فتح ملف آخر وتلقي شتائم علي محمود، وهي بالتأكيد ن شاكلة الشتائم التي فحواها ( تحت جزمتي).. نعم، قبل أن تخرج البلاد من بئر قضية دارفور التي بطرف الدولية، كاد والي القضارف أن يزج بالبلد في بئر آخرى قد يسميها الإعلام بقضية علي محمود..ياخ البلد ناقصة؟، خليك زول حكيم يا كرم الله..وسقف غضبك في سبيل أموال التنمية يجب ألا يتجاوز قاعات المحاكم الوطنية، خاصة وأن المحكمة الدولية تستهدف الإسلام ومكتسبات الأمة، أو كما وصفتها ذات يوم ب(عضمة لسانك)..!! ** المهم، أي بعيدا عن تهديدات والي القضارف ومهاتراته والسخرية منها، يجب القول بأن والي القضارف من القلائل الذي فازوا بمنصب الوالي في الإنتخابات الأخيرة فوزا مستحقا، والدكتور الترابي لم يعترف بنزاهة الإنتخابات الأخيرة إلا في صناديق إقتراع أهل القضارف..نعم، لقد كان لكرم الله شعبية لاتخطئها عين ولاينكرها الا مكابر طوال سنوات عمله بالمجلس التشريعي للقضارف..أثار الكثير من قضايا الفسادن وكذلك ناهض حزمة قرارات أصدرتها حكومات القضارف، وكانت مواقفه منحازة للمواطن، ولذلك تمدد شعبيا بلا منافس..وبتلك الشعبية تسبب في إعفاء كل ولاة ولاية القضارف، بمن فيهم الدكتور عبد الرحمن الخضر، أشهر مطاريد أو ضحايا كرم الله..وإجتهد الحزب الحاكم كثيرا في تحجيم كرم الله بحيث لايكون مؤثرا في أهل القضارف، تارة بالإستدعاء الى الخرطوم للمساءلة وتارة بالإعفاء من المناصب، ومع ذلك لم يفلح الحزب في تقزيم دوره وأثره.. كثير الإحتفاء بانه مزارع بسيط وينحاز للمزارعين ولم يتعلم كثيرا، والذي يرصد مواقفه في القضايا ذات الصلة باتحاد المزارعين كان يشهد له بسلامة الموقف المنحاز للزراع ..وبالمناسبة، لم يفز كرم الله في الإنتخابات الأخيرة ببرنامج المؤتمر الوطني، بقدر ما فاز( بضراعو)، أوهكذا وصفت الصحف فوزه بمنصب الوالي..!! ** ومع ذلك، أي مع كل تلك المحاسن، لم ينجح كرم الله عباس الشيخ - حتى الآن - في منصب والي القضارف، ويكاد أن يخيب حسن ظن قاعدته التي انتخبته..إذ ظل، منذ أداء القسم والى يومنا هذا، يشغل الناس والصحف بتصريحات غريبة ومواقف حماسية لاتتناسب مع المنصب.. على سبيل المثال، (سوف أحرر الفشقة)، قالها ذات يوم بدون مناسبة، وضحكت عليه الصحف ومجالس الناس التي تعلم بأن الفشقة قضية مركزية وذات صلة بالسيادة الوطنية، وأن تحريرها بحاجة حوار مركزي أو جيش الدولة..( سوف أطبق الشريعة)، قالها ذات يوم بدون مناسبة أيضا، فسخرت منه الصحف ومجالس الناس التي تساءلت ( يعنى هي ما كانت مطبقة؟)..(سوف أغلق المقاهي لأنها تأوى العطالة)، قالها ذات يوم بلا مناسبة، فسخرت منه الصحف ومجالس الناس التي تعلم قيمة تلك المقاهي ومكانتها في مجتمع القضارف، ثم نصحته بأن يجد للعطالة وظائف شاغرة بدلا عن تشريد أصحاب المقاهي والعاملين عليها بحيثوا يصبحوا - هم ذاتهم - عطالة..هكذا كرم الله الوالي، لايختلف كثيرا عن كرم الله الذي كان طالبا قبل كذا سنة، أي لم يكتسب الحكمة بحيث يدير أمور الناس وقضاياهم بعقل الرجل القيادي، بل لايزال يتعاطى مع الأشياء بحماس الطلاب وعقلية أركان النقاش ونهج (علي الطلاق بالتلاتة)..ولذلك، لايدهشني تخبطه وتهديده لوزير المالية بالمحكمة الدولية تارة ثم بالمحكمة الدستورية تارة أخرى، وكذلك لايدهشني قراره القاضي بنقل مكتبه من رئاسة الولاية الي (صالون منزله)، كما خلفاء بني أمية سابقا وعمد القبائل ونظارها حاليا..ثم تبرع بمقر الولاية لمنظمة البصر السعودية التي تدير مشافي مكة للعيون..قرار غير صائب، لأنه لم يمر عبر أجهزة الولاية، مجلسا للوزراء كان أو مجلسا للتشريع..فليخصص الوالي كرم الله مباني أمانة الولاية لمستشفى العيون أو مستشفى تعليمي أو مدرسة أساس، لاضير في ذلك، ولكن عليه أن يحترم أجهزة ولايته - تنفيذية كانت أو تشريعية - بحيث يكون قرار تحويل الغرض صادرا من تلك الأجهزة وبعد تشاور الخبراء والعقلاء - إن وجدوا - فيما بينهم، ثم بعد إيجاد مكان بديل لرئاسة الولاية ومكتب واليها، وهذا هو ما يسمى ب( القرار المؤسسي)..ما يفعله كرم الله يوميا، وما يثرثر به للصحف يوميا، نوع من العبث ليس إلا..على كل حال، والي القضارف رجل مخلص ومحبوب وصادق ومزارع من عامة الناس، وقد يكون لديه الرغبة في تحسين حال القضارف وأهلها، ولكنه بحاجة الى أن يتعلم صفات القيادة، بحيث يكون (رجل دولة)..رجل الدولة يجب ألا يكون مهرجا..إياك أعني ياكرم الله، وكذلك آخرين ..!! ............ نقلا عن السوداني