[email protected] أبدا ما هنت يا سوداننا يوماً علينا هذه دعوة إلي شعبي السوداني المعلم الأبي في الداخل والمهاجر والثوار في الحركات المسلحة وفي معسكرات النزوح ، إلى من تبقت فيهم روح هذا الشعب ومثله من الغيرة والشهامة والثورة من أبناء قواته المسلحة والنظامية الأخرى الذين عبث هذا النظام الخبيث بكل ما فيهم من معاني النخوة ونصرة الشعب محاولاً أدلجتهم وتوجيههم لحماية مشروعه الإجرامي الخبيث الذي انكشف زيف ظاهره وباطنه ، إلي قواه السياسية بكافة أطيافها وتوجهاتها ، إلى منظمات المجتمع المدني كافة ، إلى الجوعى والمشردين والمحرومين والجيوش الجرارة من العاطلين عن العمل ، إلى العمال والمزارعين ، وإلى أصحاب الأعمال بكافة قطاعاتهم ، إلى الثكالي والأرامل ، إلى الطلاب في مدارسهم وجامعاتهم ومعاهدهم وإلى معلميهم وأساتذتهم ، إلى شيوخ الطرق الصوفية ومريديهم . هذه دعوة لكم جميعاً يا أبناء شعبي الشرفاء لتهبوا كما هب من قبلكم ثوار أكتوبر وأبريل وكما هب بالأمس أهل تونس البوعزيزي الشرفاء أحفاد الشاعر الثائر أبو القاسم الشابي القائل : إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر . استشعر التونسيون ومن بعدهم المصريون والليبيون واليمنيون والسوريون هذا النص الشعري القوي وجعلوه شعارا لهم تحدوا به قهر جلاديهم وقواتهم القمعية الفاشية حتى رموا ببعضهم في مزبلة التاريخ وأجبروهم على (ركوب التونسية) وقتلوا ملك ملوكهم . وأصبح كل من (طار) منهم ومن قتل محل تندر وسخرية ، إذ لم تشفع لأحدهم سني طغيانه وجبروته بأن يبكي عليه أحد وشهد العالم أجمع على ذله واحتقاره ، وصار محل شماتة الشامتين بعد أن كان يزهو كالطاووس ظاناً نفسه من علية القوم . أما طاغيتنا ونظامه فهو وإن تساوي مع الطغاة من أمثاله أو فاقهم في التجبر والقهر والقتل والتشريد والتنكيل والتجويع فقد فاقهم وشذ عنهم كثيراً بالتفريط فيما هو أعز وأغلى عند الشعوب وتتهاوى وتهون دونه المهج والأرواح ألا وهو الوطن . فها هو جنوبه الحبيب يذهب بالأمس في حال سبيله ، بعد أن مل أهله الطيبون المتسامحون ونفد صبرهم علي مكر هؤلاء وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال . فزال الجنوب من خريطة الوطن بكل ما يعني لنا جميعاً وبكل ما يحمل لنا ذلك من ذهاب جزء عزيز من الوطن وما قد يأتينا منه بعد ذلك نتيجة تفريط هؤلاء وغلوائهم ونهجهم العنصري المتعالي . إن أسباب الهبة والثورة لدينا نحن في السودان أقوى وأكبر بكثير مما هي لدى أحباءنا التوانسة والمصريين والليبيين واليمنيين والسوريين وغيرهم من الشعوب العربية المقهورة . نعم فرط هذا الدكتاتور وضيق وحرم وقتل وشرد وطرد وقهر وظلم وأفسد وضيق وميز حتى ضاقت بشعبه الحياة ونفد صبره . لكن لا طاغية تونس ولا غيره من الطغاة وعلى رغم فظاعة ما ارتكبوا من جرائم في حق شعبوهم ، لم يفرط أحد منهم في شبر من أرض بلادهم . لا بل لم يفرط أي من الجلادين الذين ذهبوا قبله أو الذين ما يزالون يمارسون قمع شعوبهم من الحكام العرب مطلقا في شبر من أرض بلاده ، على اختلاف أنواع جرائمهم البشعة الأخرى في حق شعوبهم . لم يذهب الجنوب فقط ، فالكل يعلم بالطامة التي تحاك خيوطها حالياً بين هذا النظام وأصحاب المصالح من القوي الغربية التي صارت تساومه وتبتز قائمة طويلة من كبار قادته بكرت الجنائية ، وعلي رأسهم بالطبع الراقص الأكبر الفائز بجائزة مهرجان (قرطاج) للرقص . وكلكم تعلمون لا بل وصرح هؤلاء ولا زالوا يصرحون بأنهم لن يذهبوا ولو ذهب كل السودان ولو لم يبق منه سوى جزيرة توتي !!! أي أنهم في سبيل بقائهم في السلطة سيبيعون كل السودان ، لأن ذلك هو طوق النجاة الوحيد لهم من ذل الجنائية . ولذلك فقد تلاقت إرادة الغرب الطامع في تفتيت السودان مع رغبة هؤلاء للبقاء في السلطة تحاشيا للجنائية ، فأصبح كل منهم حريص على الآخر لهذا السبب . وعليه فلا يركنن أحد منا ولا يعول على مساندة الغرب لنا في ثورتنا ضد هذا الطاغوت ، فلنعتمد بعد الله على إراداتنا ووحدة صفنا بجميع أطيافه. ورداً على مهاترات الدكتاتور الهائج الاستفزازية في الدامر مؤخراً والتي دعا أو بالأحرى تحدى فيها الشعب السوداني أن يخرج في مسيرات ضده كما خرجت الشعوب في تونس والبلدان العربية الأخرى ، وأنه سيخرج للشعب ليرجمه بالحجارة ولن يهرب . فأقول له أن من يطلق تلك التصريحات العنترية يطلق قبلها الحرية للشعب ليعبر عن بغضه له وملله وغيظه من فسادك وفساد من حولك وقضائكم على قوت يومه ومص دمائه وتشريده وضياع مستقبله وأرضه وهتك عرضه وممارستكم كل ألوان الدمار والضياع وتكبيله وتجويعه . فإذا كنتم صادقين ، ولن تصدقوا في مثل تلك الدعوة الجوفاء أبداً حتى تستطيع أسماك البحر أن تعيش في اليابسة . فقد خرجت جموع الشعب عشرات المرات فكان نصيبها منكم معلوما ، ولن أذكر بكسر ساعد الدكتورة مريم الصادق في مسيرة سلمية لم تعلن فيها أنها تنوي رميكم بالحجارة ، مع أن مثلكم يجب رميه في النار حياً فضلاً عما ينتظره من حريق في الآخرة . أقول لك إن الشعب السوداني المعلم لا ولن يحتاج منكم لإذن لخروجه ليرمي بكم في مزبلة التاريخ ، وسنرى يومها هل ستخرجون لتديروا له خدكم الأيمن أم تتوارون خلف رصاص كلاب أمنكم الخائبة ، وسنرى أتكونون قدر التحدي ، وأجزم أنكم لن تستطيعوا لأن ثورة الشعب يومها لا تبقي ولا تذر . إنها دعوة لنا جميعا أن تجتمع كلمتنا وأن نخوض ثورتنا لتلافي ما تبقى من السودان قبل أن يختفي بكامله من على خريطة العالم . فيا شعبي البطل : إذا ما طمحت إلى غاية ركبت المنى ونسيت الحذر ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر ((الشابي)) والعزة للسودان وشعبه معلم الشعوب المتعطش للحرية .