بشفافية حظر النشر أم نشر الشائعات؟! حيدر المكاشفي ٭ الممنوع مرغوب والمحظور يثير الفضول.. ٭ المرء حريص على ما مُنع وتوّاق إلى ما لم ينل.. ٭ ويقال أيضاً لو أُمر الناس بالجوع لصبروا ولكن لو نُهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه!. ٭ ويمكن أن نمضي في نسج الأقوال والقواعد الذهبية على هذا المنوال إلى أن نبلغ بها مقام سيدنا آدم عليه السلام أبو البشر الذي لم يمتنع عن الشجرة التي نُهي عنها رغم وجود العديد من الأشجار المغنية عنها.. ولهذا يعجز المرء عن فهم ما ترمي إليه بعض قرارات حظر النشر الصحفي في قضايا لا تستحق إصدار مثل هذه القرارات، هذا إذا كان هناك أصلاً قضايا قيد التحري والنظر، تستحق حظر النشر، فليس لمثل هذه القرارات من فائدة ترجى لصالح القضية موضوع الحظر اللهم إلا إذا أريد للشائعات أن تنتشر، فليس بديل النشر سوى الإشاعات والتسريبات والشنشنات التي ستجد لها رواجاً ليس هامساً في مجالس الأنس والسمر والملتقيات الاجتماعية والاتصالات الهاتفية فحسب وانما ستنوء بها الأسافير ومواقع التواصل الاجتماعي الاليكترونية الكثيرة والقوية التأثير وهي غير خاضعة لا لسنسرة ولا لقرارات الحظر ويمكنها نشر كل ما يرد إليها من معلومات وكتابات حول القضية المحظور النشر عنها في الصحافة الورقية المحلية، وهكذا يمكن أن تختلط المعلومة الصحيحة بالشائعة الخاطئة والكتابة الهادفة بالكتابة المغرضة وهذا في المحصلة يضر بالقضية المحظور النشر عنها أكثر من أن يفيدها، كما أنه من ناحية أخرى ليس من العدل ولا من المنطق أن يُقمع حق الصحف في أن تنشر ويُزدرى حق المجتمع في أن يعرف، مقابل اتهامات ظنية مسبقة تتهم الصحف في ذمتها ومهنيتها بأنها حتماً ستنشر ما يؤثر سلباً على مجريات التحقيق أو يغمز أبرياء أو يستميل الشهود، فكل هذا من سوء الظن ليس إلا وتقدير للخطأ قبل وقوعه، فالأعدل والأصوب هو عدم المساس بحرية النشر مع محاسبة من يقع في المحظور الذي يؤثر سلباً على مجريات القضية بصفة فردية وليس بمثل هذه العقوبة الجماعية المسبقة التي تخالف روح العدالة وتبطل أحد أهم أركانها، وقد تعلمنا بالتجربة من كثرة تكرار أوامر حظر النشر أنها غالباً يقصد بها مجاملة جهات أو أشخاص أو أجهزة ستمسها تفاصيل بعض ما ينشر أو أنها ستفضح سياسات وممارسات غير قانونية أو تكشف وجهاً لفساد إداري أو مالي لا يراد للرأي العام الإطلاع عليه، وليس لأن النشر سيمس سيادة البلاد وأمنها ومصالحها العليا كما هو الحال في القضية الأخيرة (مصنع سكر النيل الأبيض) التي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بمثل هذه المحظورات، فلمصلحة من إذن يمنع النشر حولها ومن هو أو هم الذين يراد حمايتهم بعدم النشر؟!.. الصحافة