بلا انحناء فاطمة غزالي [email protected] الإسلام دين التّسامح لا التّصادم .. ما لنا وحرق الكنائس !! ليس من السّماحة الإنسانيّة والقيم الدينيّة في كل الكتب السماوية أن ينصبَّ جام غضبنا على الجنوبيين في الشّمال.. وتسوِّل لنا أنفسنا فعل السوء إلى درجة حرق الكنائس، والدّين الإسلامي هو دين السّلام والتّسماح، والحجة والحوار وليس دين تصادم الأديان، واضطهاد غير المسلمين .. السودان مأزوم بالصّراع الجهوي والقبلي والإثني، لا يقوى على حمل الصراع الديني قبل أن نطوى صفحة الصراع بين التكفريين والطرق الصّوفية.. ها هي محرقة هجليج تخرج علينا بصراع ديني قد يفجره عدم احترام مقدسات الأخوة المسيحيين، وليس هناك مبرر واحد لحرق كنيسة (الجريف) من قبل المواطنين، وفاتورة الاعتداء على هجليج لا ينبغي أن يسددها الأخوة الجنوبيون في الشّمال .. الجنوبيون في الشمال ليسوا المفكرين والمخططين والمنفذين للهجوم على هجليج، وإذا كانت أهواء الساسة الجنوبيين والشماليين فرضت عليهم الغربة في وطن كانوا أصحابه وملك لهم ليس من المنطق في شيء أن (نشيل وش القباحة) ونواجه الجنوبيين في الشمال بالتي هي أخشن (الدّم لا يُغسل بالدّم). عاطفة الإنسانية التي تجعل الشعب السوداني متسامح مع كل الشعوب تجعله قادراً على التمييز بين الواجب الديني والعرف السوداني والقيم الإنسانية وهي خطوط حمراء لا ينبغي أن نتخطاها استجابةً لأجندة السياسيين الذين (يخلطون الأوراق) وقتما شاءوا، ثم يجلسون في مائدة الحوار لترتيب الأولويات وتحديد التنازلات وفقاً لمصالحهم.. ويا ليت الشعب السوداني يترفَّع عن الوقوع في دائرة الإستئساد بالجنوبيين حقناً للدماء وحفاظاً على الوطن من الفتنة الدينية؛ لأنّ هناك شعرةً دقيقةً للغاية تقف عادة عند إشعال قضايا الفتن الدينية، والاحتفاظ بهذه الشّعرة حكمة، ورميها في هشيم مشتعل لهو الطريق إلى الهلاك. نُدرك بما لا يدع مجالاً للشك بأنّ هناك من ينتشي فرحاً بمضايقات الأخوة الجنوبيين ويرقص لما وصل إليه الحال بين دولتي السودان وجنوب السودان؛ لأنّ هذه أمانيه.. إذاً ما بال الشعب السوداني ينجرّ وراء أجندات عنصرية قميئة، وأهواء مريضة تنخر في وجدانها أزمة الهوية العربيّة.. الأمر الذي يجعل العنصريين يكنون البغض لمن يعتز بأفريقانيته شكلاً ومضموناً، من هنا كانت بداية الحريق الذي أشعلته أزمة الهوية في السودان فانقسم النّاسُ بين عبيدٍ وأحرار وفقاً لمفهوم العنصريين - شفاكم الله- ونسأل المولى عزّ وجل أنّ يفك العقد ويحل السلام ويصبح السودان بلداً آمناً. الجريدة