[email protected] عندما كانت دور السينما في قمة نشاطها ومواكبتها لمستجدات الفن السينمائي، درجت الصحف على تخصيص زاوية للإعلان عن العروض المختلفة تحت مسمى (أين تسهر هذا المساء) وما عليك إلا أن تختار وجهتك نحو أفلام الخيال العلمي أو الكاوبوي أو التاريخ أو القضايا الاجتماعية المختلفة الخ0 ولكن بعد إغلاق دور السينما وتباعد العروض المسرحية، لم يجد المهتمون بالثقافة والفنون بديلاً سوى ارتياد المنتديات الثقافية المنتشرة في أركان العاصمة للتزود بجرعات ثقافية وفنية وقضاء بعض الوقت بعيداً عن حيطان المنازل والتسمر أمام شاشة التلفزيون0 ورغم تكاثر هذه المنتديات وتنوع برامجها، قد تجد لكل منتدى رواده الثابتين الذين نشأت بينهم صداقات وعلائق وثيقة فلا تتغير الوجوه إلا حين تكون البرامج جاذبة وذات هدف عام حيث يتنادى للمنتديات رواد من كل حدب وصوب خاصة وأننا شعب تواق للمعرفة والاستزادة0 فهناك على سبيل المثال لا الحصر مركز عبد الكريم ميرغني ومركز راشد دياب ومركز الخاتم عدلان ومركز طارق الأمين ومركز على الزين ومنتديات أم درمان وكمال ميرغني ومحمود فلاح والأحبة والنادي العائلي والخرطوم الثقافي والخرطوم جنوب والسجانة وغيرهم إضافة للقاعات والأندية التي تسهم منابرها ثقافياً من حين لآخر0 ونسبة لحيوية بعض المنتديات وممارستها لنشاطها في أيام ثابتة تتوافق مع منتديات أخرى، فقد لا يجد المرء متسعاً من الوقت لحضور أكثر من نشاط واحد في اليوم مما يجعل الأمر خاضعاً لميزان الأهمية0 أمسية الأحد الماضي قضيتها بمنتدى كمال ميرغني الذي يقيم نشاطه مساء كل يوم أحد بالتعاون مع مركز الوافر للتدريب بحي العرضة بدعوة كريمة من عضو المنتدى المتتبع لروائع الغناء الأصيل هاشم الحاج حيث كان البرنامج حول الذكرى الثامنة لرحيل الفنان التاج مصطفى (عازف الأوتار) برعاية حاتمية كريمة من الدكتور نصر الدين شلقامي0 وقد حرصت لأن الفنان التاج مصطفى رقم كبير لا يمكن تخطيه في مسيرة الأغنية السودانية لما له من إسهامات تطريبية عاليه وصوت بديع قادر على التنقل والتنويع بين العامية والفصحى0 لقد امتلأ فناء المركز بالحادبين وعشاق فن الراحل وعارفي فضله ليبتدر الحديث الأستاذ الصحفي نجيب نور الدين معدداً مآثره ومبيناً مكانته في خارطة الغناء ثم تحدث شيخ النقاد الفنيين ميرغني البكري كمعاصر وعارف لخفايا ما يدور في الساحة الغنائية نيابة عن أصدقاء الفنان، وتحدث كذلك الأستاذ مصعب الصاوي بلسان الناقد الواعي بحرفية الغناء والأستاذ عوض أحمدان الباحث الفني الذي يمكن تجميع خلاصة معرفته عن التاج مصطفى وغيره من الفنانين في سفر شامل، وتحدث بإيجاز الدكتور الشاعر عمر محمود خالد وآخرون، وفي الختام تحدث أبن الراحل محمد التاج مصطفى نيابة عن الأسرة شاكراً أسرة المنتدى والحضور على حسن الإعداد والمشاركة في إحياء ذكرى والده0 وإذا كان هناك ما يقال عن حديثهم فقد كان مقتضباً ومنصفاً ولم يخل بعامل الزمن الذي كان يجري سريعاً0 وفي البدء تحدث اللواء الشاعر أبو قرون عبد الله أبو قرون الذي ألف أوبريتاً يمجد فيه جهود التاج وملكاته الإبداعية قائلاً بأن في ذلك وفاء وتسجيل لمناقب الفقيد التي يجب ترسيخها بدلاً من ترديد الأغاني فقط، وتم أداء الأوبريت على إيقاعات وإلحان التاج الخالدة بواسطة المطرب الشاب عماد بانتقالات منسجمة في حين تخللت إفادات المتحدثين نماذج من أغنيات الراحل المقيم قدمها المطربان الشابان عز الدين صديق واحمد بركات والفنان الكبير شرحبيل أحمد والفنان فيصل الصحافة0 لقد حركت الأمسية مشاعر المعاصرين لفن الغناء في فترة الازدهار المعروفة بانتقاء الكلمة المعبرة والبذل اللحني المتجدد وأعادت إليهم ذكريات أيام خالدة، فشكرا لمنتدى كمال ميرغني0