في الذكري الاولي لرحيلها... أصدقاءها وصديقاتها: وداد من معدن نفيس .. وكتاب ضخم تعلمنا منه الكثير في الحياة أناس أصطفاهم المولي جلّ في علاه لخدمتهم , وهم يشكلون القلب والجوهر . وداد صديق كانت من هؤلاء الذين يعظمون رسالة الإنسان ( بإذن الله ) .. وهي من هؤلاء الذين يعمدون الأرض بأوتاد من الصدق والتفاعل الإنساني والحميم .. , يعوضون الناس مصاعبها وقسوتها .. , كالشمعة تحترق لتضيء للآخرين دروبهم .. , فقد أهرقت العمر .. عطاءا وكفاحا ومحبة .. , فأخلاق الفرسان لاتضع للأعمار حسابا .. طالت أم قصرت .. , والآجال بيد الله .. تلك السيدة من معدن نفيس .. إنها بعض وهج أمهاتنا بكل فيضه في كل مناحي الحياة .. رغم إنها رحلت وهي في ريعان الشباب .. , وهي المثقفة المناضلة ثابتة , راكزة قوية الشكيمة .. , لا تتلون ولا تتغير مثلما يتغير ويتبدل بعض الناس في زماننا هذا .. , وهي أم عظيمة .. تتفاني في خدمة أبناءها وبيتها .. قصدنا دارتها العامرة ذات مرة .. في ضواحي شيكاغو .. , نحن مجموعة من الأصدقاء .. , قطعنا ثلاثمائة ميل .. , لنستأنس بصحبة أسرتها الكريمة .. , ونخفف من عناء الغربة وقسوتها .. , فوقفت وداد علي خدمتنا وإكرامنا مثلما يفعل أهلنا في الزمن الجميل .. , وكلما طلبنا منها أن تتوقف وأن تذهب لترتاح .. كان ذلك بلا جدوي .. , بل حتي بعد أن ذهبنا للنوم .. , واصلت عملها في إعداد وجبات اليوم التالي ونظافة المنزل .. , وعند الفجر مضت إلي العمل .. , ومن هناك إلي الجامعة لمواصلة الدراسة ... , لتعود في المساء.. وضحكاتها المجلجلة تملأ المكان .. , وتملا نفوس من حولها بكل الحبور والأمل .. , تحيرنا ضحكاتها بعد كل هذا العطاء .. , إنه الدرس الأعظم الذي يحمله أبناءها اليوم وهم يواصلون حياتهم بكل عزيمة وإجتهاد.. , وهم يدوسون علي جراحاتهم , ولله دره صديقنا فتحي الضو .. , يظل متيقظا .. , حين ينام الآخرون لا يتراجع ولا يتهاون في حقوق شعبه .. , وحق له أن يكون في مقدمة الصحفيين الذين يساندون شعبنا في معاناته مع العصابة المجرمة التي أضاعت الوطن وتسعي للمزيد من تقسيمه .. وسبحان من أصطفي بعض خلقه لخدمة الناس .. , جلّ في علاه .. إختار وداد بقربه وهي بعد في ريعان شبابها .. , ولذا نبعث برسالة في يوم ذكراها السنوية الأولى هذا, نوجهها لأبناءنا رنا ورؤي وأحمد والضو (أواب) وصديقنا الأستاذ فتحي الضو ونقول لهم: لا تحزنوا.. لأن وداد عند كريم مقتدر .. ولأن محبة الناس من محبة الله , فأدعو لها أن ينزلها منزل صدق في الفردوس الأعلي مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً .. , إدعو لها فالدعاء هو الأحب عند الله .. , فقد كانت وداد لنا كلنا أخت وصديقة .. , إبنة لكبارنا .. , وأم لصغارنا .. فلنقتسم الدعاء ولنقتسم الذكري .. , ومن رحمة الله أن جعل اليقين نورا وطمأنينة .. رحم الله وداد صديق وأسكنها فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون . إخوتك وأصدقاؤك