[email protected] لا شك أن حال السودان هذه الأيام لا يسُر أحد ويشغل بال كل الناس عدا حكومتنا والمعارضة فكلاهما مشغول بالسلطة أما الحكومة فهمها الأول والأخير سبل الحفاظ على كراسي السلطة وبالمقابل تريد المعارضة للشعب أن يجوع ليثور على الحكومة ويسلم الكراسي للمعارضة هكذا ( مجاناً ) ونحن في هذه الحالة الاستثنائية يمضي السودان بطريق لا رجعة فيه. ومن سخريات القدر أضحت مصائب السودان عند المعارضة هي بالضرورة مصائب الحكومة والنظام القائم وهي بالتالي بمثابة فوائد تسُر البال. والحال الذي تعيشه الدولة في هذه الفترة لا يبشر بخير أبداً ويشير الى قرب النهاية ونهاية دولة في العصر الذي نعيشه تحمل مدلولات أكيدة بأن هذه الدولة تعاني خللاً في مكوناتها الاجتماعية والثقافية والفكرية فغابت فيها كل روابط الوطنية والانتماء وأضحت بلا فكر و بلا شعب. والانقاذ التي جاءت بليل واغتصبت البلاد وقلبت النظام الاجتماعي بالبلاد رأساً على عقب ورسخت لمفاهيم القبلية والجهوية وعاثت بالبلاد فساداً ( باسم الله !) وقسمت ربوع الوطن الى موالي وغير موالي وفتحت الابواب للاستعمار العصري وباعت جنوبنا الحبيب لأمريكا مقابل رضاء الأمريكان على حكومتها وليس بالضرورة رضاءهم على السودان فيما باتت جراء تلك السياسات الغير محسوبة والهوجاء تزكي نار حروبات طويلة المدى بين مكونات السودان الجهوية والعرقية. وبما أن الانقاذ إغتصبت البلاد بليل فهي في نظر القانون غير شرعية والبتالي هي ( باطل ) وما بني على باطل فهو باطل وهذه القاعدة تنطبق على كل قامت به الانقاذ من اتفاقات وغيره من تجاوزات في حق هذا الشعب وهذا الوطن. هذه القاعدة لا تعطي الحق للانقاذ بتقرير مصير السودان والتصرف في ربوعه كما تشاء فهي لم تحمل تفويضاً شعبياً يسمح لها بذلك وهذا الأمر بالضرورة يسرى على كل الاتحادات والمنظومات الدولية في تعاملاتها مع الانقاذ وطالما ان تلك المنظومات الدولية لم تتدخل لحماية الشعب ومكتسباته من اغتصاب الانقاذ ونحن سعيدون بذلك. فبالمقابل يجب ألا تعتمد خطوات الانقاذ واتفاقاتها دولية كانت أو داخلية. هذه المعادلة تقودنا الى أن اتفاقية نيفاشا أو اتفاقية السلام الشامل كما يحلو للانقاذيون، هي بالأساس باطلة ومحل نظر فكلا الطرفين لا يحملان تفويضاً لتقرير مصير السودان وليس الجنوب لوحده فهذه حكومة مغتصِبة للسلطة وتلك حركة مسلحة ومن شهد على باطل بأنه حق يعتبر شاهد زور، والأمم التي شهدت عبر ممثلون لها على الاتفاقية تعتبر شهود زور. قد يرى البعض أن الاستفتاء هو الذي قرر مصير الجنوب ولكن كل الشواهد تؤكد أن الاستفتاء لا يعبر عن رأي كل الجنوبيين إنما جاءت نتيجته وفقاً لرغبة الحركة الشعبية ومن هم خلفها، فالجنوبيون قرروا مصيرهم حينما اختاروا الوحدة مع الشمال منتصف القرن الماضي وكل المؤشرات تؤكد رفضهم للانفصال وما وجود أعدادهم الكبيرة في الشمال وتمرد بعضهم على الحركة داخل الجنوب الا دليل على ما ذهبنا إليه ويؤكد بالتالي ان الاستفتاء ونيفاشا عبارة عن ( حبكة !) لفصل الجنوب. يقول البعض أن الاتفاقية باركها الكثيرون بما فيهم زعماء المنظومات السياسية الوطنية ونقول إن إن تلك الزعامات لا تمثل غير أنفسها وأسألوا الشعب عن ذلك، وكيف تُعتمد مباركة من غاب عن الساحة السياسية أكثر من عقد ونصف هذه مباركات لشيء في نفس تلك الزعامات وليس لصالح الوطن والشعب. هذا الانفصال بدأت نتائجه واضحة هذه الأيام من خلال الصراع العنيف الذي بدأ وتجلت صورته في هجليج وخرائط دولة الجنوب الجديدة والمضايقات التي يتعرض لها إخوتنا من الجنوبيين في الشمال بغرض طردهم من دولة تمثل ( أُماً ) لهم مثلنا تماماً وعشنا سوياً على الحلوة والمرة. ولو لا الفتن الداخلية والخارجية وقلة المتعلمون بين الجنوبيين التي سببها الرئيسي الحرب والمعاناة لكان الأمر إختلف اليوم. فيما تجد أكبر مصائبنا هو تدخل مجلس الأمن لتنفيذ أجندات أمريكية، فأين يا ترى أبناء وطني الشرفاء الأحرار . وبناءً على ما سبق أنا أسجل إعتراضاً على انفصال الجنوب وعلى ما إنسحب عليه وخاصة مضايقة اخوتنا الجنوبيين في الشمال وأعترض على ترحيلهم وأطالب الحكومة بإ صدار إعتراف رسمي بالجرم الذي إرتكبته في حق الوطن بموافقتها على فصل الجنوب لقاء احلام ومطامع شخصية وكذلك إستصدار إعتذار رسمي للشعب السوداني شماليين وجنوبيين على اغتصابها للوطن وموارده وتفتيت نسيجه الاجتماعي أيضاً لقاء أطماع شخصية وحزبية وسلطوية. ووفقاً لتلك النتائج أدعو كل أبناء هذه البلاد شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً من القانونيين والمفكرين والمثقفين الأحرار لتسجيل إعتراضهم وتنوير الجماهير بأهمية دور كل منهم في بناء مستقبل لن يكون طيباً ومستقراً إن استمرت البلاد بهذا الحال ( المائل ). ثم إتخاذ خطوات عملية وقانونية أمام المحاكم الدولية لنسف كل ما ترتب على اتفاقات الانقاذ وذلك لحماية مستقبل السودان. فنحن أبناء هذا الوطن لا ينقصنا الفكر ولا تنطلي علينا ( الهلاويس!) ويكثر بيننا خبراء القانون والفلاسفة والمفكرين والمثقفين فكيف يهنأ لنا بال ووطننا ( الممكون! ) تغيب الرؤية الواضحة عن مستقبله وان بدأت لنا قاتمة لا تبشر بخير. اذاً أنا أعترض ... فمن سيعترض معي؟