تراسيم عبد الباقى الظافر المحافظ رئيساً ..!! قبل سنوات اختارت الحكومة السودانية أحد وزرائها ليرأس مجلس إدارة شركة اتصالات عامة.. الوزير عندما استشعر أن لا فرق بين المال العام والخاص والتجاري قام بتأجير اثنين من عماراته لذات الشركة.. بالطبع أغلق ذلك الملف واعتبر بعضاً من التاريخ الذي يستحق السرد في موسوعة «جينز»القياسية. أما سيد شباب المصارف فقد كان له قصة أخرى.. المصرف الشاب لم يجد رجلاً مناسباً من عموم أهل السودان ليسند له رئاسة مجلس أمنائه سوى السيد رئيس الجمهورية شخصياً.. صحيح أن الوضع الغريب تم تصحيحه لاحقاً. أخبار نهاية الأسبوع كانت تحمل فاجعة أخرى.. محافظ بنك السودان تم انتخابه رئيساً لمجلس إدارة شركة «سوداتل».. لن يكتفي السيد محمد خير الزبير برئاسة مجلس الإدارة بل سيرأس اللجنة التنفيذية المنوط بها وضع ومراقبة تفاصيل العمل التنفيذي في الشركة الكبرى. بداية من حق الشركة السودانية للاتصالات أن ترفع سقف توقعاتها وأن تبحث عن رجل مهم يسندها في الفترة القادمة.. ولكن ليس من حق محافظ بنك السودان أن يقبل العرض الذهبي.. منصب محافظ البنك المركزي من أهم المناصب في الدولة.. في كثير من الدول لا يتم شغله إلا بموافقة السلطة التشريعية.. وبما أن البنك المركزي جهة رقابية يفترض أن يحتفظ بمساحة حتى من السلطة التنفيذية. قانون بنك السودان يمنع المحافظ بعد مفارقة المنصب من أن يشغل منصباً مماثلاً في مؤسسة يمكن أن تستفيد من المعلومات التي بحوزته.. جعل القانون قيداً زمنياً للمحافظ حتى يصبح مواطناً عادياً يمشي في الأسواق..الآن المحافظ محمد خير الزبير في وضع يجب أن تتساوى عنده كل شركات الاتصالات.. ولكن عندما يكون المحافظ الرجل الأول في شركة منافسة يهمها النجاح وجني الأرباح لن تصبح المعادلة متزنة.. بل إن مؤسسته الجديدة ستستفيد من كثير من المعلومات.. والاقتصاد علم يبني على التوقعات. حسناً.. هل تذكرون توجيه رئيس الجمهورية الذي منع فيه الوزراء من رئاسة مجالس الإدارات.. بالطبع محافظ بنك السودان ليس وزيراً.. ولكن جوهر القرار وروحه كانت تهدف إلى عدم احتكار قلة من الشخصيات للوظائف.. والي الخرطوم كان أكثر تفهماً لمحتوى القرار وقام بمغاردة منصبه كرئيس لمجلس إدارة البنك الزراعي. توقعت من الحكومة أن تنسحب تماماً من سوق الاتصالات.. تبيع أسهمها في البورصة وتتفرق لواجبها في رسم السياسات الكلية.. رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة طلب من الحكومة أن تنسحب من السوق وتفسح المجال للقطاع الخاص وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. بصراحة اختيار محافظ بنك السودان رئيساً لمجلس إدارة الشركة السودانية للاتصالات قرار غير موفق تماماً.. هذا القرار يصادم منطق السوق ويخالف توجيهات الرئيس ويعني عودة للوراء. أخي محمد خير الزبير محافظ بنك السودان.. الشعب يحفظ لك قرارك بتخفيض مخصصاتك ومخصصات مساعديك طوعاً.. قبولك لرئاسة شركة عامة خطوة تحتاج لأن تراجع نفسك قبل أن تراجعك الحكومة. آخر لحظة