فاتو تقترح فرقة كوماندوز للقبض على البشير ؟ فاتو رافع اضافي للإطاحة بنظام البشير ؟ توالي المظاهرات بعد ظهور فاتو ؟ هل تصبح فاتو الصاعق الذي يشعل الإنتفاضة الشعبية ؟ ثروت قاسم [email protected] مقدمة ! فيل ضخم يتوسط الغرفة ! وأناس في الغرفة يتونسون ، ويتظاهرون بأنهم لا يرون الفيل ! الفيل في قصتنا هو أمر قبض الرئيس البشير ، والناس هم أهل بلاد السودان ! لا نستطيع أن نتناسى حقيقة أن أمر قبض الرئيس البشير قد أصبح ورغم الإنكار من هنا وهناك ، المشكلة الأولى بأمتياز في بلاد السودان ! ببساطة لأنه يقرر امكانية التحرر والإنعتاق من نير الإنقاذ ولهيبها الشاوي من خلال التحول الديمقراطي السلمي ، والخروج من دولة الحزب والدخول في دولة الوطن! بعد تنصيب فاتو بن سوده الأفريقية المسلمة كمدعية عامة لمحكمة الجنايات الدولية مكان اوكامبو( سيد الإسم ) ، يوم الجمعة 15 يونيو 2012 ، توالت المظاهرات في الخرطوم وباقي مدن السودان ضد نظام البشير ، في مصادفة مبشرة بخير عميم ! خرجت المظاهرات الهادرة وهي تهتف : يا خرطوم ثوري ثوري ... لن يحكمنا لص كافوري ! وصرخ شاعر ثورة الشعب : سقطَ النظام ... دُكوا حصونَ الظالمين ! واشعلوا حُجُبَ الظلام! فالشعبُ رددَ ثائراً ... سقطَ النظام! سقطَ النظام! انفجرت قنابل الغاز داخل غرف طالبات جامعة الخرطوم ! وظهرت شراذم الجنجويد والشبيحة والبلاطجة والبلطجية من المؤتمراونطجية بالسواطير والسيوف في شوارع الخرطوم ! كسر الشعب المعلم ، الذي ابتدع الثورات ، حاجز الخوف وخرج من الحفر التي رماه فيها أبالسة الإنقاذ ! هبت الجماهير لتثبت للتاريخ موقفا ... إنها ليست اقل وطنية وبطولة عمن سبقوها من الأبطال ، في اكتوبر 1964 وأبريل 1985 ، إن لم تكن أرفع قدرا وأبلغ شاوا ! وجه الأستاذ علي محمود حسنين رئيس الجبهة الوطنية العريضة ، والأستاذ عبدالواحد النور ، رئيس حركة تحرير السودان ، ( الأحد 17 يونيو 2012 ) ، نداء للجماهير بالإستمرار في التظاهرات حتى إسقاط نظام البشير ! ودعت الجبهة الثورية السودانية ، وتجمع شباب السودان الحر، ومنظمة التغيير الآن ، وحركة كفاية ، وحركة قرفنا ( الأثنين 18 يونيو 2012 ) الى انتفاضة سلمية جماهيرية لتحقيق دولة المواطنة ! أعلن السيد الإمام ( الأحد 17 يونيو 2012 ) أن اسقاط نظام البشير أصبح أمرا ضروريا ! ودعا تحالف قوى الإجماع الوطني ( الأحد 17 يونيو 2012 ) الحزب الإتحادي الديمقراطي للإنسحاب من نظام البشير حتى يشارك في شرف اسقاطه ! هناك قوة خفية تنظم شعور الجماهير الثائرة بظلم نظام البشير ، وتنظم شعورها باستبداده وفساده ؛ وتنظم رفضها لممارساته الذئبية ؛ وتنظم رفضها لقيود العبودية الإقتصادية التي يكبل بها الرئيس البشير أعناق الشعب السوداني ، لتعبر عن هذا الرفض من خلال المظاهرات والإعتصامات والعصيان المدني ، المفضيات لإنتفاضة شعبية سلمية ، تكنس نظام البشير وجنجويده الى مزبلة التاريخ ! هذه القوة الخفية التي نجحت في التعبئة الجماهيرية وحشد المواطنين ضد نظام البشير هي ... الجوع ! انتفاضة الذين جوعهم نظام البشير ، والذين عطلهم عن العمل ، والذين أهدر كرامتهم وعذبهم ، قد بدأت في بلاد السودان وسوف تستمر حتى سقوط نظام البشير الذئبي ! سوف تساعد فاتو في تكسير قيود العبودية من حول عنق الشعب السوداني ، وتطلق سراحه من براثن الرئيس البشير وجنجويده ! منع الرئيس البشير الماء والطعام والدواء عن نازحي ولاجئ شعوب النوبة وشعوب الأنقسنا ، وزرقة دارفور ! منع الرئيس البشير الأمصال واللقاحات من أطفال شعوب النوبة والأنقسنا ، و زرقة دارفور ، حتى يقضي عليهم وباء الحصبة المتفشي في تلك المناطق ، فيرتاح منهم الى الأبد ، كما أرتاح الأمريكان البيض من الهنود الحمر في زمن غابر ! بعد أن بدأ الرئيس البشير اباداته الجماعية لهذه الشعوب تحول الى الخرطوم وبقية مدن وقرى وحلال بلاد السودان ! بدأ الرئيس البشير في منع الطعام والدواء وحتى الماء عن جماهير الشعب السوداني بفرض ضرائب على المحروقات و السلع الضرورية والأدوية المنقذة للحياة ؛ فأصبحت أسعارها خارج متناول معظم افراد الشعب السوداني ! صار الشعب السوداني كالعير تموت من العطش والماء فوق ظهرها محمول ! صار الشعب السوداني ينظر الى السلع ولا يستطيع اقتنائها ، لانه لا يملك المال اللازم بعد أن تم تشريده من عمله واصبح التوظيف في بلده يتم على أساس الولاء لا المواطنة والكفاءة ! النتيجة الحتمية لسياسات الإنقاذ الإقتصادية هي تجويع وتعطيش الشعب السوداني ، في ابادة جماعية ثانية ، بعد ابادة شعوب دارفور ، والنوبة والأنقسنا ! تسعى فاتو لوقف ابادات الرئيس البشير بالقبض الفوري عليه وعلي جنجويده ، ومحاكمتهم في لاهاي ! حتى لو استدعى الأمر أرسال كتيبة كوماندوز لخطفه من الخرطوم ، لتنتهي الإبادات بزواله من على شاشة الرادار السوداني ! ولكن علينا أن ننتبه لأمر جلل ومفصلي حتى لا يلعب علينا لاعبو نظام البشير ، وتصير ضارة فاتو منفعة لهم ! ظهور فاتو على المسرح الجنائي الدولي ، وهي المصممة على القبض على الرئيس البشير ، بشتى الوسائل ، يذكر بعدة عوامل سوف ترغم الرئيس البشير على الكنكشة في السلطة ، ووأد محاولات المعارضة لتحريك الشارع والإطاحة بنظامه ! نستعرض في هذه الحلقة عامل من هذه العوامل ، ونكمل بقية العوامل في حلقات قادمة : أولا : في اجتماع وزراء العدل والنواب العامين لدول الإتحاد الأفريقي ( أديس أبابا – مايو 2012 ) ، أكد وزير العدل السوداني السيد دوسة : + بأن الرئيس البشير يتمتع بحصانة كاملة ( استنادا على مبدأ السيادة ، كونه رئيس دولة ذات سيادة ) ضد أمر قبض المحكمة الذي لا يسري عليه ، + وأن السودان ليس عضوا في المحكمة ، ولم يوافق على النظام الأساسي للمحكمة ، وبالتالي لا تسري عليه ، وعلى مواطنيه قرارات وأوامر قبض المحكمة ، + وطلب معالي السيد دوسة من الدول الأفريقية الإنسحاب من المحكمة ! ردت الدول الأفريقية ، على لسان وزير خارجية زامبيا ، الذي اختصر الكلام ، وقال : (( إن البشير ( هكذا حافة ) سوف يندم على اليوم الذي ولد فيه ، إذا حاول الذهاب إلى زامبيا )) ! أما المحكمة فردت على كلامات معالي الوزير دوسة ، قائلة : + بحكم دستورها ، فإن قرارات محكمة الجنايات الدولية فوق سيادية ، وتجب أي قرارات وطنية متعارضة ! ليس هناك شخص ، أو دولة فوق قرارات المحكمة ! كانت الأممالمتحدة قد أصدرت ( 2005 ) ، قانون مسئولية الحماية ، بعد تدخل قوات الناتو في كوسفو ( 1999) ! وبعدها صار هناك مفهوم عالمي جديد يتجاوز السيادة الوطنية ، ويقرر أن حق الحماية الإنسانية حق مقدم على حق السيادة الوطنية ! وصار المجتمع الدولي لا يسمح لدولة بشن حرب ضد شعبها بحجة أن ذلك شأن داخلي! بعد عام 2005 ، انتفت السيادة الوطنية المطلقة ، والى غير رجعة ، وصارت كل دولة بل كل شخصية ، بما كسبت رهينة ! + في حالة الرئيس البشير ، المحكمة ( المدعي العام ) آلية لتنفيذ قرار صادر من مجلس الأمن ( القرار 1593 – 2005 ) ! وتقدم المحكمة تقارير دورية كل 6 شهور للمجلس عن سير تنفيذ قراره بواسطة المحكمة ! في يوم الثلاثاء الموافق 5 يونيو 2012 ، قدم اوكامبو تقريره الدوري ال 15 لمجلس الأمن ، حول سير تنفيذ القرار 1953 ! طلب اوكامبو ( ومعه فاتو ) في تقريرهما أن يرسل مجلس الأمن فرقة كوماندوز ، لتلقي القبض على الرئيس البشير في الخرطوم ، وتجلبه مكلبشا الى لاهاي ، تماما كما تم القبض على وزير دفاع ساحل العاج السابق في دولة توجو ( الثلاثاء 5 يونيو 2012 ) ، ليلحق برئيسه السابق ، لورنت غباجو في لاهاي ! خمس دقائق قبل منتصف ليلة الخميس 31 مارس 2005 ، اعتمد مجلس الأمن ، بإجماع أعضائه ، القرار 1593 ، تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة ( فصل الحرابة ) وحول بموجبه ملف دارفور لمحكمة الجنايات الدولية ! ملف دارفور شأن مجلس الأمن ، فمجلس الأمن يبقي الأصل والمرجعية الحصرية ، والمحكمة مجرد آلية من آلياته ، لتنفيذ قراراته ! إذن تنفيذ القرار 1593 ( بما في ذلك أمر قبض الرئيس البشير ) ملزم للسودان ، كونه عضوا في الأممالمتحدة ! وملزم لجميع الدول ال 193 الأعضاء فى الأممالمتحدة ، وعليها جميعاً العمل على تنفيذه! القضية ليست بين الرئيس البشير والمحكمة ، وإنما بين الرئيس البشير ومجلس الأمن ! المحكمة ضل الفيل ، ومجلس الأمن هو الفيل ، الذي يجب على الرئيس البشير مناطحته ! ليس على المحكمة إلا أجر المناولة ! القرار عند مجلس الأمن ، وتفعيل أمر قبض الرئيس البشير مسئولية مجلس الأمن ! كما يمكن لمجلس الأمن تجميد امر القبض لمدة سنة قابلة للتجديد ، ولكن لا يمكن شطبه ! + سمع الرئيس البشير كلامات المحكمة ، وتهديد اوكامبو ، واحلال فاتو الأفريقية السوداء المسلمة مكانه ، وتذكر 50 سنة تيلور ، وتأبيدة مبارك ، وقرر بلع كلامه بخصوص التنحي الطوعي ، كما هي عادته دوما ، والبقاء على كرسي السلطة حتى يأخذ صاحب الوديعة وديعته ! ولم ينس أن يشكر أوكامبو وفاتو على قنطرة الكورة له ، واعطائه مسوغا جاهزا ، للإستمرار رئيسا مدى الحياة ، كما هو الحال في دول ما قبل الربيع العربي ! وعزى نفسه بترديد الآية 216 من سورة البقرة : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا ، وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ! وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا ، وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ! وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ! قالت عنقالية انقاذية : مبروك لأهل السودان ، رئيسهم العزيز حتى أبريل 2020 ؟ وربما إلى ما بعد ذلك ؟ نواصل ...