.. [email protected] في غفلة من الحراس وغياب أصحابها ، دخلت مجموعات من الثعالب الماكرة الى مزرعة ، كان فيها الوان الطيبات من البطيخ والشمام والدجاج ما أغرى حرامية الغابة المجاورة من الثعالب المغيرة ! فملاءوا بطونهم حتى التخمة ، فانتفخت وأعدوا أكواما مما سيحملونه معهم ، ولطمعهم لم يكتفوا بذلك بل عاثوا فيها تخريبا الى درجة شغل الحسادة ، فلم يتركوا ما يفيد أهلها الا أرضها وألأقفاض الفارغة ! وفجأة ظهر أهل الحق وسدوا كل منافذ الخروج ، واسقط في يد الثعالب التي نظرت الى الأسوار العالية كمخرج وحيد يمكنها من الهرب ، لكن كيف ، وحمل الكروش لا يمكنها من الوثوب ، والبوابات محروسة بالعيون التي تتطاير شررا ، فاين المفر وما في البطون لم يهضم جيدا ، لتحويله الى سماد عضوي في تلك اللحظة ، وهو حل مشروع في زنقة الخوف ان كان فيه الخلاص ، ولكن هيهات ، فهو رغم كل ذلك غير ( مسهل ) لحظتها ! وبدأت تعوي بالتلاوم في بعضها، وفجاة قال نائب قائد المجموعة ، وقد لعّب اذنيه وذيله ثم قفز بأرجله الأمامية طالبا من الجماعة أن يقتربوا منه كسبا للوقت ، قبل أن يقتحمهم الجمع ويفتك بهم ، فقد واتته فكرة ألمعية ، فصاح فيهم ، ياجماعة ،لابد من التضحية بأحدنا أولا ثم نتفاهم مع الجماعة على اعادة المسروقات ،التالف منها قبل السليم، وهي مسالة صعبة ، ولكّن لا مناص منها ، فلنسلّم هذا الثعلب القائد رئيس مجموعتنا والذي جاء أمامنا الى هذه الورطة ونفتدي به الجماعة مبدئيا! سرت همهمة في مجموعة الثعالب اللصوص ، وانقسموا الى كيمان بين مؤيد ورافض ومتحفظ ، والنائب يصرخ فيهم مذكرا بضرورة كسب الزمن والفرصة ، وناداهم لحسم الأمر ، فيما الثعلب الكبير ، يرفع عصا كانت بجانبه ويدور حول نفسه منتفضا وراقصا أحيانا من الخوف الممزوج بالغضب الشديد، وهدد ووعد ونعتهم بانهم ثعالب عديمي الأصل وليس عندهم أخوة ! لم يستمعوا اليه فقد كانت دوائر الغبار تضيق حولهم و تلفهم قادمة من كل المداخل ، والأسوار عالية ، فشدوا الثعلب الريس ، وحمّلوه عاقبة خراب الحقل ، وسلموه للجماعة ، شدا من أطرافه وذيله ، وظل يصرخ ، وقد ضاع صوته في هتاف أصحاب المزرعة الذين يطالبون بمعاقبة الجميع بعد تسليم الثعلب القائد ، ثم بدأ صراخ بقية الثعالب متصاعدا يستجدون ويتوسلون ، وبعضهم ، جعلته الزرة يهضم سريعا ، ويعيد ما أكله ، لتسميد الأرض المّخربة طلبا للنجاة، وظلت الأصوات تعلو وتعلو وتعلو ! و تزداد معها ضربات على رجلي ، وصوت ناعم يشق كل تلك الجلبة! بابا أصحي ، واتململ وكأن نعاسي يتمرد على نداء ابنة أخي التي بدأت تشدني من كل أطرافي فتخيلت نفسي وأنا في خدر وخوف ، انني ذلك الثعلب ، فاستيقظت ، بين الفرح والفزع وكأني خارج من غيبوبة طويلة ، وكنت ، أردد، خير اللهم أجعله خير ، فحدقت في وجهي الطفلة وهي تناديني بلحن ملائكي ، لا زال يشق ذلك الهرج والمرج ،تدعوني للغداء في الحاح وجذب ، فالجماعة ينتظرون ! أجبتها حاضر سالحق بكم ! وتحاملت على قواى متكاسلا في النهوض وأنا أمسح وجهي وأفرك أجفاني لأتبين ان كنت في غيب أم في عالم الشهادة ،و لازلت أكرر خير اللهم أجعله خير ، وسط دهشة الصغيرة التي استغربت انني أكلم نفسي ضاربا ( على الجبهة بعنف) وناظري في شرود مثل تحديق عيني الطفلة البرئتين! متسائلا ! حلم ثعالب ، و حرامية ! .. بالنهار ؟ دي ما الحكاية ذاتها ، يا أخوانا الراكوباب !