[email protected] منذ أن أحرق البوعزيزي نفسه وأشعل فتيل الثورات وأطلق ما يسمى بالربيع العربي لم يهدأ للثوار السودانيين بال. تسمر كل من في رأسه سخانة أو في مصرانه حرقان أمام التلفاز على مدى شهور وبل سنين. كلنا تابعنا الشعوب العربية تنتفض والحكام يسقطون كالنبق مثل المتابع للأفلام الأجنبية. "أها حصل شنو؟ أها البطل مات؟" انتصر ثوار تونس والسودانيين يبحلقون ويشجعون, انسحب مبارك وقتل القذافي و قذف صالح بقنبلة, تظاهر البحرينيون و صمد السوريون.. والسودانيين يأكلون في التسالي أمام التلفاز ثلة للتشجيع والتصفيق وأخرى للتنظير والتحليل. فجأة ومن غير سابق إنذار أصبح كل الشعب السوداني عالم في السياسة والاقتصاد والفلك وخبير في الأسلحة الحربية والأمور (اللوجستية). التفتت ست الشاي يوما إلى محمد أحمد وقالت "انت يا محمد أحمد, انت البحرين دي فيها كم زول عاملين مظاهرات كدة؟ هسي هم تامين عدد؟". اعتلت على وجه محمد أحمد ابتسامة عريضة توحي بمعرفة الإجابة قبل حدوث السؤال. احتسى رشفة من الجبنة, وضع كوبه جانبا وحك رأسه وقال "كدي خليكي من ديل انتي الليلة جبنتك دي من ناحية لوجستية كدة ما تمام". وجاء الفرج! بعد طول انتظار ومتابعة ومشاهدة لجمعات الاخرين ذوات الأسامي الرنانة والمعاني البراقة،, "جمعة الصمود" , "جمعة الأحرار", جمعة الزحف الكبير", "دماء الشهداء" وغيرها من الشعارات كي تمد الثوار بالقوة وتملأ أنصارهم بالحماسة والعزيمة والإصرار.جاء الفرج بعد أن أجرى بعض العلماء السودانيين بحثا علميا وظهرت نتائجه كالآتي: 1- أغلب سكان العاصمة يعيشون في حالة مادية مزرية 2- سكان العاصمة اللذين يتمتعون بحالة مادية "ما بطالة" يعيشون في ظروف نفسية وجسمانية "بطالة شديد" لتأمين هذه الحالة المادية "الما بطالة" 3- الضرائب والزكاة والخدمات والنفايات وما شابهها من الدمغات والجبايات ليس لها علاقة بالضرائب والزكاة والخدمات والنفايات وما شابهها من الدمغات والجبايات! بل هي تتناسب تناسبا طرديا مع الثروات الشخصية لل"عاملين عليها" وتتناسب تناسبا عكسيا مع الخدمات الموفرة للمواطنين. 4- بالنسبة لسكان الولايات, فأوضاعهم أفضل من سكان العاصمة لأن ليس لديهم حالة أصلا لكي تكون مزرية أو "شلش". بناء على هذه الاستنتاجات العلمية أصدرت لجنة العلماء كتيبا للتوصيات مضمونه الثورة وعنوانه "الريس ظريف لكن أنا ما قادر أشحن رصيد". وقرر الشعب السوداني أن يكتفي من الكسل والخمول وأن ينتفض. جمعة.. لحس الكوع! (معقولة بس؟) الناس في جمعة الأحرار والصمود والتحدي ونحن جمعة لحس الكوع؟! فجأة تخيلت جموعا من المتظاهرين يسيرون و كل منهم يحاول لحس كوعه. حتى الأجانب لم يأخذوها بجدية “Friday of Elbow Licking". أكاد أجزم أن الخواجات اعتقدوا أنه احتفال أو مهرجان سنوي للحس الأكواع. الجمعة اللتي تلتها جمعة "شذاذ الآفاق".. (في شنو؟!). ما هو الشعور أو الإحساس اللذي انتاب الشخص اللذي سمى هذه الجمع عندما ققرر أن يحاكي كل ما يقوله الرئيس من مفردات؟ إن عطس الرئيس وقال الحمدلله نسمي الجمعة "جمعة الحمدلله"؟ اسم شذاذ الافاق هذا لا يصلح إلى للنكت, وفعلا كان اخر ما سمعت من النكت "واحد مسطول وواحد شاذ آفاق قاعدين جنب البحر"! الشعب السوداني شعب مغلوب على أمره ولكن لن يتظاهر أحد إن رأى قلة من الأنفار يحملون يافطة مكتوب عليها شذاذ الافاق و يصرخون "داون داون يو إس اي". نعم الموت وسط الجماعة عرس ولكن عندما تكون الجماعة كبيرة شوية. ولكن بغض النظر عن النقد اللفظي أو اللغوي.. الشعب السوداني ليس شعب مادي, كل طبقات الناس تأكل من صحن الفول الواحد. شعب عاش في أسوأ الظروف وبأبسط متطلبات الحياة ولكن عندما انتهكت منه حتى أبسط هذه الحقوق استفاق. شعب حليم واحذره إن غضب وشعب (كان أديتو الشاي من غير سكر بكشحو في وشك). ياسر عبدالرحمن حاج الخضر