البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    افتتاح المعرض الصيني بالروصيرص    أنا وعادل إمام    القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مليط غنوه العباسي والنكبة .....القصة الكاملة
نشر في الراكوبة يوم 27 - 08 - 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
البرتى والزيادية ودق طبول الحرب
مليط غنوه العباسي والنكبة .....القصة الكاملة
بقلم : عبدالله أحمد يعقوب
[email protected]
الشيخ التقى الورع (الفكي ) على يحيى عمر الزاكى البرتاوى من سكان قرية (عدار) ناحية (أم عجاجه) التي تبعد بضعة كيلو مترات شمال غربي مدينة مليط بشمال دارفور ، مشهودٌ له بين الكافة بأنه من عباد الله المخلصين الذين يلجأ إليهم الناس في بعض الملمات والكرب ، فكان إلى جانب ذلك هو من الذين يمتهنون الزراعة والإحتطاب وغيرها من المهن الريفية البسيطة ليقتات منها هو وعياله ، وليتسنى له ولأمثاله الأكل من عمل أيديهم حتى لا يسالون الناس إلحافا ، ومضت حياة الشيخ الزاكى وادعةً آمنةً مخلفةً ستين عام من العطاء المتصل محفوفةً بكامل الرضاء بما قسمه له الواهب الرزاق ، والحال هكذا كان الشيخ الزاكى يمنى نفسه وأبناءه وعشيرته بعيدٍ سعيدٍ وبخيت ككل عام ، لان العشر الأواخر من رمضان قد مضت إلى نصفها الثاني ، حيث الوعد الحق من الله سبحانه وتعالى بالعتق من النار ، فبعد يومٍ حافلٍ بالعطاء والعمل الفلاحى في مزرعته الواقعة بالقرب من القرية والتي بشرته بإنتاج وفير هذا الموسم في ظل هذا الخريف الماطر ، في ذلك اليوم الغائم قام الشيخ الزاكى وأسرته بجمع كميات مقدرة من الحطب ليذهب بها غداً إلى مليط حيث سوق الاثنين ، بيعاً وشراءً ، لتعود قيمتها بما تشتهي الأنفس من هدايا العيد لابناءه وبناته العشر وزوجتيه وإكرام زواره من المعايدين ، فقد بات الفكي الزاكى ليلته تلك متلهفا لبزوغ شمس الغد ليُحقق حلمه الصغير من أجل إسعاد أسرته ، فبعد أداء شعائر تلك الليلة وبعد تفكير قليل في أمر سوق الاثنين غدا ، خلد إلى نوم عميق لم يصحوا منه إلا على صوت المؤذن ينادى لصلاة الفجر ، فاستيقظ وأيقظ أهله لتناول السحور ، ثم توجه إلى جامع القرية مؤديا صلاة الصبح في جماعة ، عاد بعدها إلى منزله مسرعا ليعد نفسه للذهاب إلى سوق الاثنين ، هو يفعل ذلك ولا يدرى أى مصيرٍ مرعب ينتظره وهو فى طريقه إلى مدينة مليط ..........
حمل الشيخ رحله على عربته البلدية ( الكارو)ميمما شطر مليط وما إدراك ما مليط ؟؟! والشيخ الزاكى في مسيره إلى هناك لم يشغله شاغلٌ سوى تحريك حبات مسبحته فى أناةٍ وتروٍ لتدلى واحدة تلو الأخرى فى عقدها المنظوم ، استغفاراً وتسبيحاً وتحميداً لله رب العالمين ، وكان ذلك أُنسه حتى وصوله إلى الأطراف الغربية من مدينة مليط .. حيث حي (غرونا )الذي تسكنه قبيلة الزيادية الوافدة !! لقد خفق قلب الشيخ لحركة مريبة من عربة عسكرية كانت تسرع نحوه وعلى متنها عددٌ من المسلحين الذين هم يتبعون لقوة نظامية تتخذ من ذلك الحي قاعدة لها ، فقد كانت قسمات ونبرات اؤلئك المسلحين لاتنبئى بخير ... فقد أوقفوه بنبرة آمرة كلها غلظة وفظاظة ، وبادروه بالسباب والشتم باقزع العبارات دون مراعاة لأدنى قواعد الذوق و الأدب في التعامل مع أناس في مثل سنه ، ومضى الأمر إلى أكثر من ذلك ، إذ كالوا له من ألوان الاستفزاز ما لاتطيقه آية نفسٍ مهما كانت درجة حلمها ، بعد ذلك كله طالبوه بدفع ما أطلقوا عليه ال(الدعم ) ......؟ ومنذ متى كانت القوات النظامية تجبى الأموال والدعومات بخاصة من الغلابة أمثال الشيخ الزاكى ....؟ .. لاندرى والله ، بل قالوا له انتم البرتي معشر العبيد........ انتم من تخدموننا لأننا أسيادكم....؟؟ عندها ثارت ثائرة الشيخ الزاكى وحاول الدفاع عن نفسه بعد أن رفض دفع ذلك الدعم المزعوم ....عندها لم يتوانى المسلحون من أن يمطروا جسده النحيل بوابلٍ من رصاص أسلحتهم المختلفة التي أتت بها الدولة لهذه القوة النظامية من اجل حماية هذا الشيخ وأمثاله ، لكن عناية الله ورعايته كانت اكبر ، لم تخترق رصاصة واحدة ذلك الجسد الطاهر ، فبهت المعتدون ....ولكن شيطانهم الانسى أوحى لهم أن تمادوا في غيكم ، فاجتمع بعضهم عند رأسه ضربا ، وآخرين عند رجليه ويديه شدا بالوثاق حتى تمكنوا منه تماماً ، والقوه أرضاً ، ولكن عزيزي القارئ أن كنت رحيماً رقيق القلب فلا تتابع المشهد الذي أتى به هؤلاء بعد ذلك ، سوف لن تطيقه نفسك المؤمنة ، لقد كان مشهدا مهولاً يشيب له الولدان ، لقد تفتقت عبقرية هؤلاء على تحدى الجسد الذي كان عصياً على الرصاص ، فقال قائلٌ منهم : اهرسوه بعجلات عربتكم وانتصروا لبغيكم وغيكم حتى لاتقوم لمثل هؤلاء قائمة بعد اليوم .... والشيخ ينادى عليهم بأسمائهم ويحذرهم من عواقب فعلتهم ، ولكنهم دهسوا على ذلك الجسد بعجلة العربة جيئة وذهابا ثلاث مرات ..؟ ثم انصرفوا عنه بعد أن استيقنوا بان الجسد أصبح خاليا من الروح............يا للهول إنها مليشيا الزيادية ؟؟؟.
لم تمض سويعاتٌ حتى عم خبر هذه الجريمة البشعة النكراء أسماع أهل مليط كبيرهم وصغيرهم فتقاطر الجموع نحو ذلك المشهد الفظيع مستنكرين تلك الوحشية التي لم تمارسها الفاشية في أعدائها ، حملوا الجثة إلى مثواها الأخير وسط سحابة كبيرة من الحزن والأسى ، ولكن اهل الدم من ذوى الشهيد وأصحاب القلوب المؤمنة قاموا بتتبع اثر العربة الملعونة التي حملت الجناة ... من أين جاءوا والى أين اتجهوا بصحبة رجال الشرطة الذين ذهبوا لرسم الحادث ،فسار بهم الأثر إلى أن بلغوا بها القاعدة العسكرية لتلك القوة النظامية (حامية الاحتياطي المركزي ) ولكن ذوى المرحوم لم يخرجوا عن صوابهم ولم يبادروا بالهجوم على احد ، بل بصبر المؤمنين وبعزم الرجال طالبوا تلك المجموعة بتسمية وإخراج الذين ارتكبوا الجريمة ، لتقديمهم للعدالة ؟ ، وعندما احس القائد بعظم الموقف أذعن للطلب بموقف تكتيكي وأرجا الأمر إلى الغد ، فعاد المكلومون من ذوى الشيخ الشهيد الزاكى وقلوبهم تتفطر من الحزن ولكنها ملئي باليقين من عدالة احكم الحاكمين ، وعادوا وهم يأملون في الوصول صباح غدا الثلاثاء إلى الجناة والاحتكام معهم إلى قضاء عادل ليتقص منهم ، إلا أن ليلة الثلاثاء تلك كانت ثقيلة على أرواحهم كما ثقلت على أجفانهم ، لأنها (اى ليلة الثلاثاء) حملت ما لم يكن في الحسبان وما لم يقل هولاً عن حادثة الشيخ الزاكى ، .... فمن ذات هذه المجموعة المسلحة التي قتلت وسحلت الشيخ الزاكى ، كان (الخاتم ) منهم من اسند إليه حراسة السوق الكبير بمليط ، فبدلا من أن تصحوا المدينة على خبر إلقاء القبض على القتلة أصبحت على وقع خبر جديد هو مقتل الشاب (تيراب عيسى عبد الرحمن )البالغ من العمر 27عاما وهو يعمل تاجرا بالسوق ويقيم بحي عمار جديد ، وقد أكدت كافة الأدلة التي تم تجمعيها بان طريقة مقتل هذا الشاب والعيار الناري الذي استخدم هو ذات العينة التى تم استخدامها في حوادث أخرى سيرد ذكرها .
إن هذه الجريمة الجديدة قد أكدت أن هنالك مخططاً إجرامياص تم إعداده مبكراً من قبل بعض المتفلتين الزيادية ويجرى تنفيذه بدقة لجر المدينة إلى أتون حرب قبلية يتوارى معدوها خلف هؤلاء المسلحين ، ولكن أهل مليط من البرتي وغير البرتي وبرغم من أن الحادثتين جعلت مشاعرهم تغلي كالمرجل ، إلا أنهم مارسوا أسلوباً حضارياً وقانونيناً فى التعبير عن مشاعرهم تجاه حادثتي مقتل الشيخ الزاكى والشاب تيراب تحديداً ، فقد اعتصموا عن فتح محالهم التجارية بالسوق والأحياء في صبيحة الثلاثاء ونهارها ، توجهت لجان تمثل التجار وذوى القتلى نحو مباني رئاسة المحلية ، حيث الحكومة المحلية بقيادة المعتمد التي ينبغي لها أن تحول دون وقوع مثل هذه المصائب ، ليسمعوا صوتهم لحكومتها ولحكومة الولاية والمركز مطالبين بضرورة تحديد الجناة في حادثتي القتل وتقديمهم للعدالة ، وبل المطالبة بالتصدي لاى مواجهة قبيلة والتي بدت نذرها تلوح في الأفق ،
وسنعود فيما بعد لنتيجة عمل تلك اللجان ، فقد نذر البعض من قبيلة الزيادية نفسهم للشر عبر أبنائهم الجنود النظاميين وغير النظاميين الذين ابتدروا ذلك المخطط فى 29/5/2012م بمقتل المواطن إبراهيم على محمدين بموقع عمله بتجمع آبار أم قندول حيث يمتلك القتيل محطة لبيع المياه، ثم أعقب ذلك قيام مسلحي الزيادية بقتل المواطن إسماعيل عبد الرحمن عمر من قرية كوسكرى التي تبعد مسافة 70كيلوا مترا إلى الشرق من مليط ، حيت قتل إسماعيل بواسطة مسلح غير مجند ولكنه يتبع لمعتمد الكومة (محمد سليمان رابح) الذي بعثه مع شخص اخرعلى متن عربة تتبع لمحلية الكومة ليقوما بالاعتداء على إسماعيل وشقيقه الذين كانا يراعيان ماشيتهم داخل حدود وحدة الصياح الإدارية التابعة لإدارة البرتي الأهلية وذلك بسبب رفضهما دفع ضريبة القطعان لمحلية الكومة التي لايتبعان لها ،أما في صبيحة الأربعاء السابع والعشرين من شهر رمضان الموافق للخامس عشر من أغسطس فقد قام مسلحو الزيادية بقتل شاب يبلغ من العمر عشرين عام يعمل مساعدا في عربة تجارية وذلك عندما حاول المسلحون سرقة العربة نفسها لاستخدامها فى الهجوم على السوق وتصدى لهم هذا الشاب الصغير فأمطروه نار واردوه قتيلا .
وقد تزامن مع كل تلك الإحداث أن انفراط عقد الضبط والربط عند القوة النظامية(الاحتياطي المركزي ) التي يغلب على أفرادها قبيلة الزيادية ، حيث قامت تلك الأكثرية بطرد عدد 37من أفراد تلك القوة البالغة قوامها 420 فردا بحجة ان ذلك العدد الصغير لاينتمى عرقيا للعدد الأكبر من تلك القوة وبذات الأسلوب الاستفزازي ،مما اضطر هذه القوة الصغيرة الى أللالتحاق بالشرطة لاداء واجباتهم ومضت تلك القوة الكبيرة الى ماهو أكثر من ذلك بإعلانها على رؤوس الأشهاد بأنهم مقبلون على حرب قبلية .
لقد جاء متزامنا مع كل هذه الأحداث حادثة أخرى صغيرة ومدبرة تدبيرا محكما من قبل الزيادية أضافت هي الأخرى مزيد من الاحتقان لأجواء الاستفزاز والشحن نحو الاحتراب ، فقد أقدم شاب الزيادية من منسوبي تلك القوة النظامية لشراء خاتم فضي من احد التجار من أبناء البرتي الذين يعملون بالسوق وتمت عملية الشراء بطريقة عادية من قبل البائع ولكنها بطريقة تآمرية من قبل المشتري ، وبعد مضى ثلاثة أيام من عملية الشراء تلك عاد المشترى بخاتم فضي آخر قديم طالبا من البائع إرجاعه وتسليمه القيمة بحجة أن الخاتم لايصلح معه ، ولكن البائع رفض ذلك بطبيعة الحال لان الخاتم ليس هو الخاتم ، لان الأمر قد مضى عليه من الوقت ما يجعله في حكم المنتهى عرفا وقانونا ، هنا بدأت بوادر المشكلة المفتعلة ، فاشتجر البائع والمشترى وتبادلا الضرب واللكم باستخدام العصى وتدخل من كل طرف أفرادا نصرة لأخيهم ، مما اضطر المعتدى عليهم من أللاحتماء بنقطة الشرطة القائمة على خيمة نصبت في وسط السوق ، قام ابن الزيادية النظامي بالاتصال هاتفيا من داخل خيمة الشرطة بإقرانه من المسلحين المتواجدين بالسوق فهب اؤلئك مسرعين إلى نقطة الشرطة على متن عربتين ، ومن سرعة استجابتهم بدا كأنهم كانوا في حالة انتظار لتلك المهاتفة ، ووصلوا إلى نقطة الشرطة وانبروا ضربا وشتما وتنكيلا بمن كان في الخيمة، بل قاموا بتمزيق الخيمة نفسها باستخدام السكاكين والسونكى ، وكانت تساندهم نسوة جئن على متن ذات العربتين بالزغاريد ، وبالعصي أحيانا أخرى ، مما اضطر أفراد الشرطة القلائل الذين كانو بالخيمة لأخلائها تفاديا لخسائر قد تلحق بأرواح وأجساد الجانبين ، فبدت قوة الزيادية مزهوة بانتصارها هذا بعد استصحبوا نصيرهم ذلك وسط زغاريد الفرح من بنات العم !!؟.
إن تتابع وتسلسل أحداث القتل والاستفزاز الممنهج لأبناء البرتي من قبل القوة النظامية للزيادية بالتواريخ والشواهد المشار إليها ، بالإضافة إلى الخطوة التي أقدمت عليها تلك القوة النظامية الحكومية التي جندث نفسها لقبيلتها ، كانت كلها مقدمات لذلك المخطط الذي هدف إلى جر البرتي إلى مواجهة مسلحة تكون نتيجتها هزيمة البرتي في عقر دارهم باستخدام الآلة الحربية الحكومية التي بين أيديهم ، والمخطط يتضمن أن يترافق مع تلك المواجهة المسلحة نهب السوق وحرق المدينة بأكملها حتى يلحق البرتي من سكان مليط بمعسكرات النزوح ..وهو ما صرح بها كثر مسئول من ابناء الزيادية فى مجالسهم الخاصة .
ومن هنا نعود للحديث لما بعد الاحتجاج لدى المحلية في الرابع عشر من أغسطس 2012م حيث المطالبة بتسليم قتلة الشيخ الزاكى والشاب تيراب ، فقد بدا مخططو هذه الفتنة فى تنفيذ الجزء الأخير من المخطط ب نهب جميع المتاجر بالسوق وحرقها ، فقد بدأت أعداد كبيرة من تلك القوة المسلحة فى الدخول الى السوق من الجانب الغربي على متن عربات خاصة و بزى مدني ويضعون على رؤوسهم ال(كدمول) للتمويه ، فيما تم توزيع المتبقي من قوة الثلاثمائة ونيف مسلح الآخرين على نقاط ارتكاز أخرى تبدأ من ثلاثة محاور تبدأ من شمال وشمال غرب وغرب المدينة (حيث أحياء الزيادية ) وبدا تنفيذا الهجوم الكاسح مستخدمين فيه كافة أنواع الأسلحة الحكومية ، وقد اعتلى بعض القناصة مئذنة مسجد حي ( المرابيع) واعتلى آخرون برج اتصالات بحي غرونا .وانهمر الرصاص والقذائف على كل شبر من مليط .
هنا انطلق المجاهدون من الدفاع الشعبي الذين كانو بداخل السوق لدعم قوة الشرطة والجيش الموجودة بالسوق انطلقوا للدفاع عن ألأنفس والأعراض والممتلكات باستخدام ما لديهم من أسلحة خفيفة جلبوها للدفاع عن أنفسهم في مثل هذا اليوم متوكلين على الله أن ينصرهم على هذا الظلم الكبير الذي وقع عليهم من أناس لم تكن لهم قبيلة البرتي إلا كل تقدير واحترام (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير) ، لقد أثرت الزيادية إن تبادل ذلك الإحسان بالإساءة فكان جزاء الظالمين أن تم دحرهم من منطقة السوق أولا ، ثم من الإحياء المحيطة بالسوق من الناحية الشمالية والشمالية الغربية والغربية ، ثم بدا زحف الانتصار حتى إلى مشارف أحياء الزيادية ونمور الورق والفرسان المزعومين يفرون من أمام زحف المجاهدين نحوهم ،و برغم أن المرأة الزيادية كانت من خلف نمور الورق اؤلئك تشد من أزرهم تحفزنهم بكثير القول وبعض الأفعال ، فكانت المعركة الشرسة التي لم يكن لمليط الوادعة قبل بها، فقد استمرت من الساعة التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء عاش خلالها السكان لحظات عصيبة لم يعيشوها حتى صبيحة اجتياح حركة التمرد للمدينة في العام 2003م .
فعندما اندحرت القوة الباغية فى الساعة الخامسة مخلفة أعدادا من القتلى والجرحى يستحى قلم المقال هذا عن ذكر أعدادهم لأنهم مغرر بهم ، فقد ، واحتسب المجاهدون من أبناء شهيدا واحدا كما أصابت ثلاث رصاصات طائشة ثلاثة من المواطنين بينهم طفل في أحياء مختلفة كما تمكن احد القناصة من على مئذنة مسجد الزيادية من اصطياد الشاب إمام الدين محمد نور الدين من حي العباسي ، فذهبوا جميعا إلى ربهم شهداء ،
ولما انجلت معركة الساعات التسع عن تلك الخسائر الفادحة لهذه الفئة الباغية ، فانجلت معها الصدمة الكبرى ، ومع ذلك قرروا تنفيذ مخطط حريق المدينة باستخدام قذائف الا ر بى جى المضادة للدروع لإحداث اكبر قدر من الخسائر في الاراوح والممتلكات والمباني بالأحياء ، فقد أطلقوا ما يزيد على الأربعين على مناطق متفرقة من الأحياء السكنية أحدثت خسائر بسبعة منازل ، ولكن لطف الله بعباده كان حاضرا حيث لم تنفجر من تلك القذائف إلا سبع ولم تحدث ما كانوا يرجون من خسائر مما زاد من خيبة أملهم وخسرانهم ، وليس أدل على لطف الله بالمعتدى عليهم من حالة الطفل ( ) الرضيع الملقاة على سرير بباحة منزل والديه يؤانس النسيم وحفيف الأشجار إلا أن أمه (النقو عبد الرحمن ) خافت عليه مما يجرى فالتقطته إلى حضنها ، وبعدها بثوان قليلة تسقط قذيفة الزيادية على ذات السرير لتحيله وكل ما حوله إلى رماد ..سبحان الله ثم سبحان الله ثم سبحان الله .
إن واقعة يوم الأربعاء الخامس عشر من أغسطس الموافق للسابع والعشرين من شهر رمضان 1433ه بمليط بتلك الوقائع والتي حاولنا جاهدين ان نلملم أطرافها في هذا المقال المقتضب ، ذلك ليكون القارئ في تمام الصورة وكمالها ، ولكن هذه الواقعة تؤكد بجلاء ان بعض أفراد قبيلة الزيادية يمثلون جزءً من منظومة ممتدة بدارفور تسعى لأحداث الفتن وزعزعة الاستقرار ونهب الممتلكات وحرق الزرع وتجفيف الضرع من خلال هذه الأفعال التي تتصادم مع الشرائع السماوية و القوانين الأرضية ، وهى تصرفات تثبت تورط الحكومة وتعريها أمام الراى العام المحلى والاقليمى والدولي باعتبار أن هذه الأفعال هي أفعال حكومية ممنهجة ، ولا حجة للحكومة في نفيها البتة لأنها ظلت تسلح المواطنيين وتستعديهم على بعضهم البعض ؟ وليس ببعيد عنا أحداث مدينة كتم وغوغائيتها وأحداث السلطة الإقليمية بالفاشر وأحداث تابت ، وقبلها أحداث تبرا التي تتزامن ذكراها الثالثة متطابقة من حيث التاريخ مع إحداث مليط (27رمضان ) ، وغير ذلك من الأحداث المؤسفة التى يسمونها ببساطة ب(أكل السوق ) وتسميها الشريعة الإسلامية ب(حرب على الله ورسوله وسعى في الأرض بالفساد و جزاء من يفعل ذلك ان تقطع أيديه وأرجله من خلاف أوان يصلب أو ينفى من الأرض ) .
برغم كل ذلك فقد انبرت قبيلة الزيادية ومجلس شوراها بتحميل المسئولية للأستاذ عثمان محمد يوسف كبر والى الولاية عبر بيانهم المنشور ببعض المواقع الالكترونية ، وزادوا على ذلك بمظاهرة هزيلة صبيحة أول أيام عيد الفطر المبارك بقرية الكومة منددين بالوالي (مرددين ذات العبارات الاستفزازية العنصرية الممجوجة التي لا تدل إلا على ضيق الأفق وسذاجة الفكرة ) زاعمين ان الوالي قام بمد أهله البرتي بالأسلحة والذخائر في أحداث مليط( صحيح الاختشوا ماتوا) ( أليس هو ذات الوالي الذي هو ابن أختكم والذي صففتم له النمارق طوال السنوات التسع الماضية ) ؟؟ إن هذه المسارعة لاتخاذ المواقف والدفاع بالباطل عن أنفسكم والمسارعة فى تحميل الوالي المسئولية يؤكد أنكم قد خططتم مسبقاً لهذه الأحداث ، بل هي امتداد لمخططات سابقة استمرت منذ خمسينات القرن الماضي والتي باءت جميعها بالفشل والفشل الذريع ، كما ان هذه المسارعة تؤكد أيضا مدى الخيبة التي تعيشونها جراء خسارتكم لهذا المعركة ليس ميدانيا فقط ولكنها خسارة أخلاقية ومادية ومعنوية وتاريخية .
نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن الوالي وان كنا نملك كل الحق في ذلك ، لكنه وحده يدرى كيف ومتى يدافع عن نفسه والا ما كان يجدر به ان يكون جالساً على هذا الكرسي لعقد من الزمان إلا قليلا ! ، ولكن نرد على هذا الزعم بسؤال ؟ ، من أين أتى الزيادية بكل ذلك السلاح وتلك العربات والذخائر التى تم استخدامها فى تلك المعركة ، ان اجبتم بأنها من حر أموالكم فتلك مصيبة واحدة ؟؟ أما أن قلتم انها حكومية فتلك مصائب لاتحصى ؟؟؟. ولنا عودة حول ذات الموضوع وتداعاياته الرسمية اللاحقة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.