[email protected] ما كنت ابدا اريد ان اكتب عن حوادث سقوط الطائرات الاجنبية فى السودان . واقول الطائرات لاجنبية لانها ليست صناعة سودانية وحتى اخفف على قلوب اسيادنا اصحاب القرار واصحاب شركات الطيران السودانيون الذين لم يجدوا فى ابواب الله الواسعة كلها بابا يرتزقون منه سوى فى تلك الاكفان الطائرة . قلت لم اكن اريد الكتابة فيها او عنها لان غيرى لم يتركوا مجالا جديد لكى اضيف فيه او اتحدث عنه او اشير اليه باعتباره الباب الذى تجئ منه تلك الرياح و الزعابيب و الضباب الذى يعمى العيون ولا يتيح للطيارين الرؤيا الواضحة للهبوط الآمن فى المطارات الجزافيه الترابية .فليكن فى تلودى مطارا وآخر فى ظل كل جبل من جبال السودان من اجل الاغراض الامنية والعمليات العسكرية. وهنا تتحمل الجهة المسئولة عن انشائه لاغراضه كامل التبعات السالبة و الموجبة حكما لمهامها ومسئولياتها تجاه التأمين والدفاع او صد العدوان.وندرك هنا تماما ان مستخدمى هذه المطارات المعينة هم من الجهات المنوط بها العمليات العسكرية الامنية. ولم يك غريبا او غير منطقى ان يكون غالب ركاب طائرة تلودى هم من مسئولى القوات المسلحة والدفاع الشعبى ورجال الامن وقليل من المؤلفة قلوبهم على حب الانقاذ ,هنا يحق لمن يريد القول "يداك اوكتا وفوك نفخ" ان يقولها . ولكن المفارقة هى ان الطائرة لشركة مدنية والمطار عسكرى سياسي و الطيارون اجانب .لا بل ان مسئول الجودة فى مجال الطيران هو ايضا اجنبى الذى يبدو انه اصيب بالسبهللية فلم يرسل قراره بمنع طيران تلك لطائرة للشركة المالكة الا فى ذات اليوم الذى سقطت فيه .هذا التداخل السبهللى بين مكونات و اختصاصات الاجهزة اليسياسية والامنية والعسكرية ارسل تحديد المسئولية الى دوامة لا فكاك منها وهنا تضيع الحقوق والجزاءات وحتى العقوبات .فالكل مشترك بصورة او اخرى فى جزء من اجزاء هذه الكارثة . وعليه عندما قدم مدير الطيران استقالته لم تقبل باعتباره حجرا رئيسا فى بنيان هذا القصور الذى باستقالته سوف تتداعى بقية الحجارة وهذا ما لا تريده اية جهة سياسية او امنية اوعسكرية. ليس من المفيد احصاء فواجع الطائرات الاجنبية و التى تستخدمها الشركات السودانية وتحمل اسم الوطن .وليس من المتوقع ان تتوقف هذه الكوارث و الفواجع لانه على كثرتها لم يسمع احد بان اية لجنة من لجان التحقيق فيها قد وصلت الى نتيجة محددة او حتى لو وصلت لم يعلن عنها ولم تتخذ اية اجراءات كفيلة بعدم تكرارها .لو انه لم تك لدينا شركة لصناعة الطائرات لما اصررت على تكرار وصف الطائرات الاجنبية . ففى اي جراج صفت طائراتها والى اى حين سوف يتم اخراجها لتضى سموات البلاد ؟ المهم فى هذا الامر ان سمعة الطيران السودانى والطائرات الاجنبية المستخدمة فى السودان و روائحها ازكمت حتى الانوف الاجنبية من اصدقاء واعداء السودان . و الما عارف يعرف او يعمل "عارف" ان الكثيرين من الكتاب و الصحفيين الاجانب الجادون والهزليون وجدوا فى"هطول" الطائرات الحاملة لاسم السودان بابا واسعا للنصح أو السخرية بعد ان تحدثوا واشاروا كثيرا الى مكامن الخلل واسباب النجاح لشركات الطيران على ان بعضهم وبشكل واضح ذكر ان "أن عدم وجود الضمير الوطني في ظل الفساد الفاحش وغير الحريص على مصلحة الوطن من قبل مسؤولي الطيران السوداني هذه الأيام هو السبب الرئيسي لكل هذه المآسي المتوالية المحزنة في الأرواح والأموال وكذلك سمعة الطيران المدني السوداني والذي يُفترض أن يكون هذا الطيران سفيرًا لبلاده في مختلف دول العالم من حيث الاهتمام الشامل بكل ما يتعلق بمهنة الطيران المدني العالمية المتميّزة."و الكاتب لم يريد ان يشرك غيرمسئولى الطيران من اعضاء منظومة الفساد النافذين الذين منعوا كل من وخزه ضميره وقدّم استقالته من ان يستمتع بصحوة الضمير هذه التى سوف تقلق مضاجعهم كما حدث كثيرا للعديدين ممن قدموا استقالاتهم بعد ان وجدوا انه لا مجال لتبرير اخطائهم الكارثية فى حق الوطن و المواطن .. ولكنى على قدر ما تخيلت درجة الفساد وموات الضمير وعدم المسئولية و ودرجة اللهث الاعمى وراء الكسب الحرام، الا ان عقلى لم يستطع استيعاب ان تتحول طائرات الركاب بمقاعدها الى نقل الانعام من ابقار و الضأن والمعيز وربما الجمال وحيوانات اخرى يعلمونها ولا نعلمها . كما كتب الكاتب القطرى صديق السودانيين صالح الاشقر فى صحيفة الراية القطرية على لسان احد المغتربين السودانيين الذى قال " إنه كان مسافرًا في وقت سابق على متن إحدى طائرات شركة الخطوط الجوية السودانية وعندما اتجه مع المسافرين من قاعدة الانتظار في المطار إلى طائرة رحلتهم إلى الخرطوم شاهدوا تلك الطائرة قبل صعودهم إليها وأُصيبوا بالهلع من منظر الطائرة المتصدّع والقديم جدًّا. و إنه عندما دخلوا الطائرة تعرّضوا لروائح غير مقبولة أبرز تلك الروائح أسمدة الغنم وبشكل مُقزّز إضافة إلى وجود أتربة على المقاعد وحتى داخل جيوب المقاعد ما يُوضّح أن تلك الطائرة كانت مؤجّرة لنقل الأغنام من بلد إلى آخر وذلك ما جعل تلك الرحلة مشوبة بالقرف وفي الوقت نفسه الخوف والهلع على سلامتهم. الان وبعد ان تضاربت اقوال المسئولين السياسيين عن احوال الطقس و صلاحية المطار و اهلية الكابن حول اسباب سقوط طائرة تلودى لم يكتفى بعضهم بانها "أمر ربانى" فقررت هيئة الطيران المدنى بعدم الاكتفاء بكل تلك الافادات ولا بما ستخرج به اللجنة المكلفة بالبحث وراء الاسباب فقررت ارسال "إلى معمل في روسيا ليتم فحصه وتحديد سبب الحادث. "وان لجنة التحقيق "تنسق مع المحققين الروس". و لن نستبق رأى هذا المعمل الروسي حول الطائرة الروسية التى ازهقت الارواح السودانية لنقول انه "سوف يتطابق حذو الحافر مع قرار لجنة التحقيق " وهذا ما سوف يعلن عنه لتأكيد ان قرارات لجان التحقيق تتم بكل شفافية وان الحقائق تملك للمواطنين كافة .والى ذلك الحين فاننا ندعو اصدقاء السودانيين و احبابهم المفشفقون على السودان ان يدربوا انفسهم على الصبر الجميل .فكل الاخطاء والكوارث السودانية هى ابتلاءات وامور ربانية وليس احدا مسئول عنها . ولا داعى لذكر الفساد و المفسدين فهنالك لجان و مفوضيات تعمل باصرار على تجذيره و تأصيله . [email protected]