[email protected] أنا لا أحب الأماني التي ترتدي ثياب الشيفونات والتواتل المشجرة و تغطي وجهها بالخمار الأسود ... وانا لا أحب الأماني التي تتعطر بغير عرق الكفاح الحاضر مع بخات من نسايم أريج المستقبل ... ولا أطيق رائحة الأماني التي تدخن الأوهام في مقاهي الحكام وتلعب الورق وتضع في شفتيها الأمل الزائف بدل الحقيقة ... وانا لا أهوى أماني الأحرار التي تهوى الفلسفة الزائدة ولا تحقق نفسها في وجه الزمن بالإصرار... وكم أحتقر الأماني المنمقة التي تمارس الرومانسية الحالمة و "الأتكيت" والأكل بالشوكة والسكين ولا تعرف طعم الأكل باليد ونكهة الشمار والطعم الحار .. ولا أريد أن تربطني علاقة من أي نوع بالأماني التي تشيب دون أن تحقق شئ من عنفوان الشباب و تصاب بأمراض الشيخوخة مبكرا فيتقوس ظهرها ويضعف قلبها ويضيق صدرها فيصعب تنفسها وتصبح تعاني من السعال الدائم وتختم حياتها بالمشي على عكازات أو كرسي متحرك في نهاية المسار... وأنا لا أستطيع تقبيل شفاه الأماني التي فرغ فمها من الطموحات فصارت كالعجوز التي تساقطت أسنانها!!..وأنا لا يمكنني أن أراقص الأماني التي ترهلت بطونها من تخمة الأمال وقلة السعي و تراكم شحم النسيان .. فأنا أحب أن أطوّق بذراعيّ الأماني ذات الخصور الضامرة الممشوقة الرشيقة من كثرة رياضتها في مضمار تحقيق الذات .. أما ما يصيبني بالغثيان فهو أن تمشي الأماني بدلال وغنج مثل عارضات الأزياء وبنات العائلات الموسرة وهي فارغة المحتوى والرأس .. أو تقف في بلاط السلطان وعلى جدران الزعامات الطائفية كما الطيور التي على رؤوسها الطير أو المحنطة .. فمتى كانت الاماني من دون أجنحة ومتي أصبحت مومياء تحنط مثل ملوك الفراعنة؟؟.. وكم يزعجني أن أجلس إلى أمنية ثرثارة .. تحكي عن قصص بطولات عقيمة لم يولد شجرها ثمارا تؤتي أكلها كثورة إكتوبر وإنتفاضة أبريل في زمن إستيقاظ كل الشعوب وليس الفتى من يقول كان أبي .. أما أن تصبح الأماني مثل الأوهام .. وأن تنبت من فوهاتها حمم الغدر بدل ينابيع الماء، والورود السود بدل الياسمين .. فهذا هو زمن الحسرة على السياسية والبكاء بتعاسة لأنه زمن اسمه .. زمن موت الحماس للتغيير .. إكتشافي ليس بمثير فمنكم من يوقن بأننا نتكئ على جبل وهم كبير به وهن وفير إسمه المعارضة .. ومع كل ذلك تملأ جسده ثقوب الخيانة .. يشق صفه، ويشُق على كل يوم أن أرى الإحباط يتلفح وجوه الغلابة الكالحة وهي ترجو وتتامل في وجه إبتسامة تلك المعارضة الكاذبة .. جف حبر الشرفاء في أذان الأسياد وتشققت صخور النصح في طرف العباءات .. يا الله .. يا لحرارة السلطة .. ويا لحرارة الجاه .. ويا لحرارة المال .. ويا لبرودة الوطنية .. ويا لبرودة التضحية .. ويا لبرودة هذا الطقس .. هذا جو أوروبي في سماء أفريقيا وزمن الربيع العربي حيث بيع الغالي بالرخيص والساقط بالنفيس... قدر السودان يا سادتي هو أن يضيع منذ ولادته بأيدي من لا يعرف قدره ولا يحترم شعبه .. ثم جريمة تحرش وإغتصاب وحشي لصبية لم تبلغ الحلم، برئية كانت بإنتظار مستقبل مشرق .. هذه الزنجية السمراء لم يراعي عهدها وامانتها ويحفظ حقها أبناء مدينة السياسة .. فلم تسلم من خبث العسكر ودهاء المستعربين ومكر المتأسلمين .. جرثومة لا شرقية ولا غربية تاكل أكل السوسة والعافية المدسوسة .. إلى يومنا يبيعها المجرمون في سوق الإماء والبطر .. ويزرعونها في الإناء .. كوردة سوداء .. للغجر .. صار من حقي يا سادتي أن أسأل أسئلة تصارعني .. نتشاجر بأيادينا من مدة .. تلطمني والطمها .. نتناطح .. كنت أغطي عينيها وتغطي عيني .. وأكمم فمها وتكمم فمي .. وامسك بزمام رقبتها وتمسك بزمام رقبتي .. ونسقط خائري القوى فلا يخرج اي صوت مني ومنها إلا همسا.. أسئلتي تبحث عن إجابات شافية ولا تريد ان تدور في حلقة مفرغة ك: من أين أتى هؤلاء؟ .... فبعد عشرتنا المؤبدة لا املك حكم عليها إلا أن أطلق سراحها من سجون قلقي ومعتقلات أرقي إلي فضاء الحرية .. هل نحن نعيش نظرية المؤامرة؟ .. ألم يكتفي الإسلاميون بتجربة الإنقاذ المشئوم؟ هل يريدون بل يصرون لتدمير هذا الشعب الفضل وتمزيق السودان شبر شبر؟ .. هل يعلمون حجم المؤامرة والمغامرة الوطنية التي يقومون بها؟ .. ألم تكتفي الأحزاب الطائفية بالدور الساذج الذي لعبته في الساحة السياسية إلى الآن؟ .. إلي أين تقودنا العنصرية والقبلية والطائفية وصراع المركز والهامش، ما حجم هذه المشاكل، وإلي أين ستؤول، وماهي الحلول الجذرية للتخلص منها؟، من هو في السودان لديه الرؤية المستقبلية لكيفية أن نعيش في سلام وامان، وأخوة؟ .. هل سنغدوا نحو تشرذم أكثر وربما تطرف مع تنامي مجموعات الهوس الديني؟ هل من أدخلنا في هذه المحنة أو ربط هذه العقدة، أي الترابي، قادر على حلها؟ .. ألا يعرف الشيخ الترابي مع بلوغه الثمانين من أين تأكل الكتف؟ هل هو صادق في معارضته أساسا؟.. أم يريد أن يصل إلي أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا؟ .. لماذا خلوها مستورة، ولم يكشف الطابق! مصلحة الوطن أم مصلحة الأشخاص، وأين فورة كرم الله عباس! .. هل هذه مسرحية؟ .. أعلنت إنه مجرم ومن عدوك اللدود، وفجأة تنصبه نائبا لرئيس الجمهورية؟ .. أهذه تمثيلية! ..هل نحن نستاهل كل ما يجري لنا أم أننا ضحايا لمجرمين؟ .. هل ضمائرنا نائمة أم ماتت وشبعت موت؟ .. هل هناك فرق بين ربيعنا المنتظر والربيع العربي؟، أم قدرنا أن نكتفي بربيع عبدالعاطي! .. هل هناك أمل فينا بالتضحية والإيثار لأجل مستقبل أجيالنا القادمة؟. أنا جائع ومنهار ومشرد ولكني أريد الخروج منها بكرامتي وليس كرامة أي بليلة!.. أسئلة خرجت من طرف دولاب المعتقلات لتقع في فخ التعقيدات. أماني تائهة في الصحراء لم تجد حتى سرابا تحسبه ماءا .. ولكن وجدث فقط حظيرة .. فصارت كبقرة حلوب تتضرع راعيها تجار دين .. صفراء فاقع لونها تسر الناظرين .. لاشية فيها ولا عزم .. تدر على الزبانية في الداخل والخارج اللبن والعسل .. ومن ثم تذهب لتغط في نوم عميق وكبيرهم يدلّك ضرعها وهو يحدوها الدعاء بالثبات وعدم الفرفرة عند الذبح ليأكل لحمها ويلبس جلدها ويقرش عظمها... منذ اليوم غادرت أمالي وقتلت السندباد الذي كان يحملني في بساط الريح ويحكي لي عن الأوطان وكيف تبنى بجيل بعد جيل .. أغادر بسفن الواقع موانئ الذكريات أرفع يدي إلى الأماني بلا رجعة .. وأنا أبحر مبتعدا عن شواطئ الامل أتذكر الاوهام والعيش علي فتات الماضي وخيبة الأماني التي تكافح لتحقيق ذاتها... بشراع جديد ورحلة جديدة بين حلفا ونملي، والجنينة وبورتسودان .. فسترجع يوما حتما نملي .. ليس بشراع الاماني .. بل بشراع منسوج من قماش البطولات .. شراع يصنعه جيل سوداني جديد .. لم يمسس عقله بشر .. هو مريم الأخرى .. فان ذهبت الأماني فقد بقيت لي الأحلام .. وبقي لي كل السودان .. فأنا شمالي لأنني جنوبي .. وأنا فوراوي لأنني بجاوي .. والسودان ليس الإنقاذ .. والإنقاذ لم يكن يوما من السودان .. الإنقاذ هي لعبة الغجر .. تقتل الطموح وتلعب بالبيضة والحجر .. وتحيل الجميع للعيش في خطر .. لا يضيرها أن تضيع الأرض أو تصبح ثروات البلاد ممتلكات خارجية أو خراب مادام هم جالسون على تلها .. أنا سائر في رحلة شاقة تكابد فيها أحلامي قُطاع الطرق .. و عائد أبحث فقط عن ثورة وعي .. ومقاومة حقيقية لا تكبلها الأوهام .. ولا تطلق المعارضة الرصاص عليها في الظهر ..