[email protected] واجب الساعة يتطلب منكم دخول الحضرة الوطنية بأقصى سرعة. لا أحد ينكر التصوف ودوره الدعوي في إنتشار الإسلام بالقيم والأخلاق الحميدة والتسامح و بالإعراض عن زحزف الدنيا والزهد فيما يقبل عليه عامة الناس. ولكن ما هو دوره في رفعة جميع غيره من الناس؟. لماذا تركيزكم علي تزكية أنفسكم فقط في الطريق وفي سبيل الطريقه؟، ما هو واجباتكم نحو المجتمع والوطن؟. القناعة كنز لا يفني ولكن في سبيل الغير يجب أن يبذل الإنسان أعلى سقف من الطموحات إقتداء وإهتداءا بالآية: ((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)) [الحشر: 9]. غيابكم عن الساحة السياسية أو تجاهلكم العمد لها إلا في حالات إثتثنائية أدي إلي ضعف الوعي السياسي للكثير ممن ينتمون إليكم بالأخذ في الإعتبار ان غالبية الشعب السوداني ينتميي إلي الطرق الصوفية. يا سادتي لب المشكل التي نعيشها في السودان هي من الفساد السياسي الذي أدي إلي فشل البلاد وإنغماسها في كافة أنواع الفساد الإقتصادي والإجتماعي وحتى الديني بإتخاذ الدين شعارات ومطية للنفوس الدنية وغياب دوره في تهذيب النفوس وإرتقاء الأخلاق. بهذا التهاون والتراخي صعدت علي أجسادكم الراقدة معظم الحكومات الظالمة والفاسدة التي إستولت علي السلطة قسرا أو الاحزاب التي تتخذ الدين شكلا وستارا لبرامجها. لعبوا علي إيهامكم بالشعارات الدينية، كالشريعة الإسلامية، و مؤتمر الذكر والذاكرين، ونار القرآن، ومشاريع ختم القرآن مليون مرة وإهداءها للرؤساء، والدستور الإسلامي .. إلخ، والبلاد حالها يضج بالفساد والتردي والفشل والحروب والقتل والتشريد وضياع التعليم والصحة والجوع والفقر والمرض. ألا ترون هذا الخراب والدمار والإنحطاط الذي نهوي فيه فقد كثر الفساد والإفساد وأصبح شيئا عاديا وتردي كل شي. ألا تعلمون أن حياة الناس تعكرت بإحتكار هذه الطغمة لإدارة البلاد وهي التي أساسا أتت بالباطل وقتلت وأرهبت وشردت الناس وضيقت عليهم وعذبتهم لتبقى في الحكم. ألم تسمعوا بأننا أصبحنا في مصاف الدور الأكثر فسادا وفشلا في العالم و تربعنا علي عرش الدول الأقل إبتكارا وبمعنى آخر الأكثر تخلفا. لماذا تجلسون معهم وتستمعون لهم. لماذا تهادنون مع من ظلم وتجبر؟. ألا تعلمون أنهم يكذبون وينافقون ويتكبرون ويفعلون كل ما هو منافي للأخلاق من أجل كرسي الحكم. أيرضى هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان بيننا؟ لا والله لأنه يقول: (إن أول ما دخل النقص على بنى إسرائيل كان الرجلُ يلقى الرجلَ، فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض). ويقول أيضا: (إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم -وهم قادرون على أن ينكروه- فلا ينكرونه. فإذا فعلو"أى لم ينكرونه" عذب الله العامة والخاصة). صدق رسول الله صل الله عليه وآله وسلم. لماذا هذا الصمت المطبق والتماهي مع كل حكومة تأتي والتهاون؟. أيهم يسئ لدين الل بالله عليكم! ذاك الفيلم البذئ العارض الذي سيذهب إلي مذبلة مذابل التاريخ أم الفعل النفاقي والدجل والتضليل وتلطيخ الدين الذي يتفاقم كل يوم. يا سادتي: لا إصلاح للمجتمع إلا عبر الإصلاح السياسي والإقتصادي وهذا لا يتأتى إلا بإقامة العدل. ومن أسماءه سبحانه وتعالي العدل والمقسط. فالأمر بالقسط بين الناس ليس بالأمر الهين بل هو درجة سامية قد يلقى فيها الأمر بها صنوفا من العذاب. لذلك وضعت مع النبيين كما يقول تعالي: ((إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم)) [آل عمران: 21]. ولديكم تحد آخر أيضا. فمع إستمرار وتمكن طغمة الإسلامويين صار اللعب بالدين أرض خصبة ومرتعا للمنافقين، وزاد من ذلك نسبة الأمية بين الشعب التي تصل إلي 75%، وحب السودانيين بطبعهم للدين. كل هذه الظروف إستغلتها الطغمة للعب علي جميع الحبال من التيارات والحركات والجماعات والمنظمات (الإسلامية) وجميع الطرق الصوفية. فيمكن بعدها ضرب بعضكم ببعض ليظهروا هم أصحاب الدين الوسط. لهذا وجد الهوس الديني الطريق سالكا للتسلق إلي المنابر. ظهر ذوي الأخلاق الضعيفة وأنصاف المتعلمين الذين حصروا الدين في الحلال والحرام والفتاوي المعروفة إلي تحريم الخروج علي الحاكم وإن كان ظالم. أغلب هذه المراجع هي السلفية والوهابية، التي لا ننكر منها الحسن الذي لا يتشدد ويتقبل الآخرين جميعا كمسلمين مثله. ولكن المتشدد منها الذي يميز المسلمين ويشل قدرتهم ويحصر إبداعهم الفقهي ويصنف المسلمين بعقيدة الولاء والبراء، ويقول نحن الخاصة وهؤلاء العامة ونحن الفرقة الناجية، فهذا نرفضه. من هؤلاء ينمو التكبر الديني والإزدراء للمسلمين الآخرين ناهيك عن بقية الأديان وترتفع أمواج الفكر الأصولي الإرهابي التي يمكن أن تكون كارثتها أكبر من تسونامي. وانتم تشهدون صعود التيار السلفي المتشدد في سدة الحكم في الدول المجاورة وبدأ يتغلغل ويتفشى بسرعة ويستقوى. حيث إستهلوا بهدم الأضرحة والسيطرة علي الإعلام وبسط ألسنتهم بالسؤ لكل من يخلفهم الرأي وقذف المؤمنات الغافلات علي القنوات واليوتيوب وغيرها من الأوهام الفاسدة. والواضح أن طغمة الإنقاذ تسمح بالتمدد السلفي المتشدد وذلك بما نراه ونشاهده من أخبار يومية. فهذا هو الخطر المحدق القادم. لديكم جبهتين للمواجهة: الأولى تستغلكم والثانية تريد محو التصوف من الحياة السودانية. لكن الأهم هو أن تحسموا أموركم وتقفوا بجانب المستضعفين والمظلومين وتنضموا إلي صفوف الثوار السودانيين وان تمارسوا دوركم الطبيعي في الحياة وفي المجتمع. فمن خير العبادات هي قضاء حوائج الناس، وهل هناك حاجة أكبر من نصرة المستضعفين من النساء والوالدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا والمسجونين في خلاوي الطغمة الفاسدة. هذا هو الجهاد الأكبر سادتي، جهاد النفس وإنتشال المجتمع من قيعان الجهل. لا تنكفوا علي أنفسكم بإصلاحها فقط ولا تنزووا عن بقية الناس. فعليكم بإصلاح القرى والبلاد. أخرجوا مع المحتجين وقفوا معهم وشاركوهم. لكم في إبن بضعة رسول الله الإمام الحسين سيد شباب أهل الجنة عليه وعلى جده وآله الصلاة والسلام أسوة حسنة. لقد كان أول ثائر في الإسلام ضد الظلم في كربلاء. وقف في صف الثورة مع المستضعفين والفريق الأقل عددا الذي يريد الحق. وأستشهد ليكون قدوة لكل مؤمن حر لا ينافق ولا يكذب و يرجو الصواب ويقف مع الحقيقة. وبذلك رسم بدمه خطا رفيعا لكل من يريد أن يتبع الطريق الحق. وهكذا كان كل مشايخ وسادات آل البيت الذين تمدحونهم وتقتدون بهم من السيدة نفيسة والإمام الشافعى وأبو الحسن الشاذلي وأحمد البدوى وإبراهيم الدسوقى وجميعهم بلا إستثناء، كانوا قدوات وزعماء واجهوا الخزعبلات والاباطيل وثاروا ضدا السلطة الغاشمة والملك العضوض. أما المشايخ الذين اكتفوا بالتسبيح والتسول من الولاة والاثرياء والطغاة كنسوا فى مزبلة التاريخ. فيا زعماء وشيوخ ورجال الطرق الصوفية تحدثوا مع مريديكم و أنشروا عليهم الوعي بما يحدث في البلاد وحثوهم علي الخروج مع الثوار وفي صفوف الثورة وقول كلمة الحق في وجه سلطان جائر، وأسألوا عن ذلك الحلاج.