/الرياض [email protected] ... عقدين من الزمان مضت , و لا يزال كاهل الشعب منهمك في الفقر , ينوء بأحمال السنين الطويلة. و أهل بيزنطة و حواريي الأخوان المسلمين في السودان, لسان حالهم يقول : "و كأنك يا ابوزيد ما غزيت". لقد عاد الشتاء, و عاد موسم الحنين, أغاني و أناشيد و خطب نارية تلهب قلوب الشباب, تزين لهم الجهاد. و لكن شتان ما بين جهاد رسول البشرية محمد و صحابته الكرام, و جهاد الإرتزاق. صحابة رسول الله تركوا مكة بلادهم الحبيبة و تركوا أموالهم حتى نعتهم الناس "بالمسحورين". و هل يا ترى ضحت جماعة الإسلام السياسي بأموالها؟ أم انها ربت أموالهم و أجسادهم على حساب ضنك الشعب الصابر. لا تهمنا تلك الصيحات التي أطلقوها في وسط جماعة الإسلام السياسي مدفوع الثمن و الذين أتوا من فجاج مختلفة ليلوح على الأفق نذير شؤم و ربما يدوم لسنوات عدة. ربما هي مرحلة تعبئة بعد الفشل الذريع لحركة الأخوان في السودان, كأنهم يريدون تحريك عجلات قطارهم المتهالك في قطبان السكك الممزقة. ... هذه الأيام تطل ذكرى هجرة المصطفى الحبيب الذي انعتقت البشرية على يده من براثن الظلم. فهل يا ترى يدعي هؤلاء انهم حداة الحرية و لقد حُرِرنا منذ (14)قرناً؟ لسنا جهلاء, و لا سوقة, و لا دهما. و لكنهم يعشقون الحياة درجة الإفراط, يزينون القبيح و يقبحون الجميل. لقد انطبق عليهم قول الشاعر, فانهم يحدقون بلا عيون و يرقصون بلا سوق. و ما أدراك ما العقل و الفكر فقد غابا, استهلاك الخطب طويلا دليل غباء, و الإحساس بالعظمة و الفخر و الإعجاب بالذات و استعجال النتائج ذاك ما جعل المسلمين المجاهدين الأوائل ينهزمون في أُحد و حنين, و في حنين ظهرت مظاهر العصبية بين المهاجرين و الأنصار. و لكن طلاب السلطة من الإسلاميين لا يدركون ذلك فعلاً, فالتاريخ الإسلامي ملئ بالعبر لمن يريد أن يعتبر. ... مؤتمر اسلامي هز أركان الخرطوم من دوي الطائرات, و ضجت شوارع الخرطوم من أزيز الإطارات, و لكن على حساب من كل هذه التكاليف التي لا جدوى منها, و المواطن مسروق الفطنة, يعيش ببديل عاطفي هش, فحواه من بح صوته فهو معنا و من صمت فهو ضدنا. إلى متى نمارس هذا الغباء السياسي؟ هل هنالك جماعة لديها صكوك غفران دون الأخرى؟ و هل هنالك سادة لهذا الوطن دون آخرين؟ نتعجب من رجال هذا الوطن, يعجنون و يخبزون السياسة بالأشواق و الآمال. و الوطن كثوب (شحاد) مهتريء الأوصال. فقضية العرق و اللون انما فتنة كبرى و لكن عالجها الدين الإسلامي منذ قرون. و لكن الذين يقودون البلاد هم مرضى بداء اللون و الدم و اللسان. من أسكنكم هذه الرقعة التي تدعا السودان يا هؤلاء؟ و من أمّركم علينا يا هؤلاء؟ من أراد السلام فليعشه في نفسه أولاً. ... إن أرادت اسرائيل أن تمحو هؤلاء المرتزقة أصحاب الخطب الرنانة من الوجود لفعلت, فكل القادة و الاتباع في قاعة, فقط قذيفة ذكية في وسط القاعة فينسى الناس ما كان و ما سيكون. و لكن اسرائيل علمت كيف تحارب الإسلام بهم. فقد استغلت من قبل أمريكا المجاهدين في افغانستان و قد علموا ذلك بعد سنين, و الآن تمكن لهولاء فينا لتجعلهم هوان و قصبة هشة في يد إسرائيل. فقد شوهوا صورة الإسلام , من قال اننا في السودان نحتاج لصحوة اسلامية؟ فالسودانيون بعطفهم على بعض و تكافلهم يفوقون تصورات كل العالم, و من شهد الأخلاق و التقاليد السودانية المتينة شهد الدين حقيقة. زهد في الدنيا و حب للآخر و قيم بلا حدود هؤلاء هم السودانيين. فهل الدين يدعو لغير ذلك؟ و لكن طلاب السلطة استخدموا ذكاء شيطاني أخرس للتسلق على عاتق المواطن البسيط درجة السذاجة. و لقد ذكرنا في مقال سابق ان قادة الإسلاميين تربوا في كنف الغربي الذي ينعتونه بالكافر و نهلوا من علومه. فهل يحاربون معلمهم؟ هذه صفات الطغاة فقد بذر الغرب فيهم نبات الصراع, فها هم هؤلاء بلا جدوى و لا نفع. فلو أنهم كانوا متحصنين بقوة من العدو و من خيالاتهم القاتلة لسلموا من الأذى و لكن هيهات. و انتم أيها القراء ألا ترون الأمر كذلك؟!