- طارق عثمان «كثير خفايا» لن تنتظر أكثر من أيام قلائل على ما تقول الأحداث لإماطة اللثام عنها وكشفها رغم محاولات الكثيرين من قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان سترها في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي أعلنت الأجهزة الأمنية إحباطها قبيل لحظات من «ساعة الصفر»، فبرغم النفي القاطع الذي بادر به القيادي البارز في حزب المؤتمر الوطني قطبي المهدي بعدم وجود انشقاق داخل حزبه، إلاّ أنّ ما أفصح عنه بيان صادر من مجموعة سمت نفسها منبر الإصلاح بالمؤتمر الوطني يجعل ملامح ذلك الانشقاق أكثر وضوحا بعد تحذير تلك المجموعة من المساس بالمتهمين في المحاولة المجهضة. ويشي الارتباك الظاهر وتضارب تصريحات المسؤولين والتكتّم الذي صاحب الكشف عن المخطط، بأنّ ثمة شيئا ما يجري في الخفاء، فأول تصريح بشأن المحاولة كان من مصدر أمني نقله «المركز السوداني للخدمات الصحفية» المقرّب من جهاز الأمن حيث يتهم المصدر المعارضة بأنّها وراء المحاولة التخريبية التي تمّ احباطها، فلم يكد يطلع نهار حتى ظهر وزير الإعلام السوداني أحمد بلال وكشف عن قائمة من المدنيين والعسكريين تتضمن عددا من أكثر المدافعين عن حكومة البشير حتى شهور قريبة بل من أكثر المقرّبين للقيادة السياسية والمعروف ولاؤهم للحركة الاسلامية، بينما خرجت تصريحات نائب الرئيس السوداني الحاج آدم من بورتسودان تشير إلى مندسين في القوات النظامية. بيان منبر من خلال كل تلك الشواهد يبدو وبما لا يدع مجالا للشك أنّ اعتقال مجموعة من الذين كانت تراهن عليهم حكومة الانقاذ في بقائها أبرزهم المدير السابق للأمن السوداني الفريق صلاح قوش والعميد محمد إبراهيم لم يكن ليتم لولا وصول الأمر إلى مرحلة البتر، يسند كل ذلك ما ورد في البيان الذي أصدرته مجموعة سمت نفسها «منبر الإصلاح بالمؤتمر الوطني» والذي مهر بتوقيع عبدالغني أحمد إدريس أحد القيادات الشابة بالمؤتمر الوطني وصهر القيادي الإسلامي غازي صلاح الدين، والذي يشير إلى وجود فتنة داخل أضابير الحركة الاسلامية ، يبذل عدد من الإسلاميين مجهودات لوأدها وعلى رأسهم الأمين العام للحركة الذي تمّ انتخابه الاسبوع الماضي الزبير احمد الحسن. استهجان إجراءات واستهجن بيان منبر الإصلاح بشدة الإجراءات التي تمت مؤخّراً ضد المعتقلين مدنيين وضباط تابعين للجيش والأمن في المحاولة الانقلابية. تحذير منشقين وحذّر البيان السلطات من مغبة المس بالمعتقلين وأنّ «ثمن ذلك سيكون مُكلّفاً»، مطالباً الحكومة وقف الحملات الإعلامية المسعورة فوراً، منتقداً وصف السلطات السودانية لما حدث بالمخطط التخريبي، مشيرا إلى أنّه واذا ثبت الادعاء بأدلة واضحة ملموسة للاتهام فهذا يسمى في كل القواميس السياسية والقانونية ب«محاولة تغيير للسلطة» أو «انقلاب» وليس «مخططا تخريبيا» ولا «اغتيالات». وبلا شك أنّ بروز منبر الإصلاح داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة البشير بهذا البيان الغاضب يحمل في طياته الكثير مما ظل طي الكتمان طيلة شهور، وبلا شك أنّ الغموض والضبابية التي تتلبس قادة الحزب الحاكم في الخرطوم هذه الأيام والتي تصل إلى رفض كل من طلبناه الرد على هاتفه وتحفظهم على التعليق على ظهور «منبر الإصلاح» يجعل مقبل الأيام حافلة بالكثير الذي يمكن أن يرسم واقعا سودانيا جديدا بدت معالمه في الأفق تلوح. البيان