بقلم حسين الزبير [email protected] (1) ابتلائين تزامنا في هذا العام المشؤوم احدهما خاص بالشعب السوداني ، و الآخر خاص بالعبد الفقير حسين الزبير. و في حلقتين سأكتب لكم بعض طرائف الابتلائين، و اخصص هذا الجزء الأول لابتلاء الشعب السوداني. (1) عندما يشتهر الانسان بالكذب او المبالغة، يعتاد الناس لحكاياته ، ان كان يعنيها فعلا او يمثل لأمر في نفس يعقوب. و أهل الاسلام السياسي بدأوا في الكذب علي الشعب السوداني، و ربما علي الخالق عز و جل، يوم ارتفعت حناجرهم ب " لا للسلطة و لا للجاه – نحن للدين فداء". لكنهم لم يصبروا كثيرا علي التمسك بهذا الشعار الداعي للزهد في متاع الدنيا كثيرا. بعد ثلاث اعوام فقط اثبتوا للشعب السوداني و للعالم اجمع انهم كذابون. ثم استبدلوا شعارهم ب "لا لدنيا قد عملنا – نحن للدين فداء" و كشف الواقع زيف هذا الشعار عندما تطاول الحفاة الرعاة في البنيان ، و تسربت اخبار الحسابات البنكية في الخارج و الممتلكات الخرافية، و صراع النساء و الرجال علي ملايين الدولارات في الداخل. مش خلاص يسكتوا عن الكلام دا و يعملوا في عمايلهم تحت جنح الظلام؟؟ لا (قلنا و متربعين قاعدين فوق قولنا) و هذه ترجمة لما يقال بالنوبية (بنجاقوقس بنجيسيكوجلقون اوكاقيل). كما ان هذا الحال المائل ذكرني نكتة من نكات الأخ العزيز مصطفي الأشقر في رأس الخيمة: في واحد مشهور بالمبالغات و تعود الناس علي قصصه، و في يوم جمعة و عدد كبير من الناس مجتمعين في منزل احدهم لتناول الفطور، قال صاحبنا : صاحبي فلان عنده مزرعة دواجن فيها مليون سوسيوة. فلم ينتبه له احد – و اصلوا في ونستهم – فقال: ديل الحمر بس !! (2) لا ادري ان كنتم قرأتم مقال الدكتور عبد الله علي ابراهيم بعنوان: أمين حسن عمر: الدنيا زاهيالو. في هذا المقال واضح ان الدكتور حدث له ما يشبه "الكاروشة " التي تعقب اصابتك بحساسية من طعام او عقار، عندما قرأ او سمع بتصريحات أمين حسن عمر. و قد اورد الدكتور عددا من التصريحات لهذا الوزير ، لا استطيع ان اوردها كلها و لكني اورد الآتي: " أما ما أثارني من أقوال أمين المستجدة فحديثه ل "الانتباهة" (29 نوفمبر). وفيه إلحاد بالدولة ونظمها. فسئل عن تجنيب الأموال في وزارات الحكومة الذي به تمسك عن وزارة المالية دخل خدماتها المختلفة لتنفقها على شأنها خاصة بغير ولاية. وزندَّق أمين بقوله إن التجنيب حق طالما لم تلتزم المالية بمستحق الوزارة المعنية من مصروفها في الميزانية. وربما لم يقف أمين حسن عمر عند خطر الفوضى التي يدعو إليها بحل الولاية للمال العام المعقودة على وزارة المالية. أقلها أن تتحول المصالح والوزارت إلى جباة أتراك يثقلون على كاهل المواطن كلما نقص مصروفها من المالية. ثم من يضمن أن الأموال المجنبة سيجري إنفاقها في وجوه شرعية ولن تذهب إلى الجيوب السخيفة في شكل حوافز والذي منه. علاوة على أنني لم أسمع أن وزارة التربية مثلاً جنبت مالاً لتدفع مرتبات المعلمين بعد حرمان مصروفها من المالية. كما أن أكثر الوزارت الجُنب مطلوبة بمليارت الجنيهات لعماله لم تسدد دينها لتنام عينها. يا أمين الدنيا زاهيا ليك فأحكم ما شئت ولكن لتكف، سيدي، عن الكلام المباح" انا اختلف مع الدكتور عبدالله، لا نستطيع ان نمنع وزيرا من الكلام المباح و حجتي يا دكتور في هذه الطرفة النوبية: احد اعمامي عليه الرحمة ، كان رجلا ضخما ياسرك بكريزماه الجسدية، و ان اضاف لتلك شيئا من الثياب كالشال و العمة مع جلابية المناسبات، كان شخصية مهيبة، ان لم تكن تعرفه ستنتقي الكلمات امامه. لكن بمجرد ان يقول كلمتين ثلاثة، كل من في المجلس يمد رجليه. و في يوم من الأيام و قد تجمع المزارعون لمناقشة امر يخص المشروع الزراعي التعاوني ، و فجأة تكلم عمي ، و ليته لم يفعل، قال: انتو في كدا و لا بقرة فلان الولدت ثلاثة. فغضب خاله جدنا كمبال الزبير ووبخه قائلا: انت ايه ياخي – قدر الحيطة و متزوج ووالد ، ما بتقدر تميز متين تتكلم و لما تتكلم تقول ايه؟؟ قوم اطلع من قدامي! فعلق عم آخر عليه الرحمة: خالي كمبال كمان يحكي العجب – هو فلان دا حيقول ليكم الكلام اللي في راسه و لا حيتسلف راس واحد فيكم!! (3) خلال ربع قرن من الزمان حكمنا فيه الانقاذ، اصيب افراد الشعب السوداني اصابات مختلفة، بعضهم قتل او عذب في بيوت الاشباح، و البعض افقرتهم او هجرتهم بدعة الصالح العام، و آخرون اقتنوا الامجادات و التاكسي، و فئة اخري لا تحب التلتلة و تعودت علي المكاتب المكيفة و ربطات العنق الانيقة و السفر بالطائرات بالدرجة الاولي، و هذه الفئة لم يكن امامها الا التصالح مع الاتقاذ. لكن ماذا يفعلون مع مبادئهم و تاريخهم المجيد؟؟ لا شئ غير البحث عن تبريرات تمكنهم من هذه الحياة الرغدة. وكان! يجب التفريق بين معارضة الانقاذ و معارضة الوطن ، بلادنا في خطر ، المؤمرات الدولية تدبر ضدها و يجب ان يكون بعض العقلاء حول هؤلاء ... و انا ما بجيب اسماء و لكني سآتي بسيرة صحفيين اقرأ، و استمتع بقراءة ما يكتبون. اولهم الاستاذ محمد محمد خير ، و الامانة تقتضي ان نقول انه لا يسوق اي تبريرات عندما يقرر الهرولة ، يهرول علي رؤوس الاشهاد. كما انني اشهد انه يمتلك مقدرة احسده عليها في كتابة المقال، تصميم و بناء المقال، ثم صياغته في لغة بديعة تجبرك علي قراءة المقال جرعة واحدة تماما كحال العطشان مع كوب ماء بارد. ثم انه اذا مدح اجاد، واذا هجا اصاب. لذا فانني اعتقد انه كان مكسبا للانقاذ عندما استقطبوا ثلاثة لوظائف الملحقين. اذن ما سبب ايرادي لاسمه. السبب هو ان هذا الرجل يستطيع ان يعمل من "التركين" (الذي يشبه موية المطر كما قال احدهم – و هذه سنأتي لها في الحلقة القادمة) "اسموزي" احلي من الشربات. لكن رغم ذلك سكت عن الكلام المباح، و هذه بشارة خير. معناها ان لم يتبق شئ يمدح به الانقاذ، امر اصبح عصيا حتي علي الاستاذ محمد محمد خير، و انهم في امر ضيق!! الصحفي الآخر هو الاستاذ ضياء الدين بلال، كتب مقالا بعنوان: " أحداث جامعة الجزيرة..من سيدفع الفاتورة؟!!" - و الاستاذ ضياء الدين ناقد للانقاذ في معظم الاحيان، النقد الذي يسمي بالبناء، و الذي يمكن ان يقع في الاعراب مقام "تلميع" الانقاذ – شايفين – ينتقدوننا بمثل هذا المقال و لا نفعل لهم شيئا!! في حرية اكثر من كدا .. تررم...ترم. تعالوا نقرأ مقال الاستاذ ضياء بتأني: العنوان: من سيدفع الفاتورة؟؟ هل هذا كل ما يهم في احداث جامعة الجزيرة؟؟ لكن في امكان الاستاذ ضياء ان يرد عليكم : الخسائر المادية فاتورة الدولة ، اما ارواح الشباب فهي فاتورة الشعب! لا ياحبيبي كلها فاتورة الشعب، لكنها فاتورة نثريات بالمقارنة لاموال الشعب التي نهبت، و ممتلكات الشعب التي بيعت، و ارواح الشهداء التي ازهقت بدم بارد. " بكل بساطة بإمكان موظف صغر أم كبر، مدير مدرسة أو جامعة، عسكري أو ضابط، إعلامي أو سياسي، أن يتسبب بسوء تصرفه وختل تقديره في أزمة كبرى لا يسدد فواتيرها من حسابه الخاص ولكنه تسدد في الراهن والتاريخ من الحساب العام للدولة السودانية!" ان كنت تقصد المظاهرات التي اندلعت و ستكلف الدولة مالا و رجالا في الراهن، كلام صاح و الموظفين غلطانين و مافي شك من "ختل" تقديرهم، لكن المساكين ديل شغالين بقدر اللفي روسينهم، و بقدر اللي ادوهم في الجامعات – معذورين. و الدولة هي الغلطانة لانها رفتت الناس الكان ممكن يتصرفوا صاح!! لكنني سانتحل اسم الشعب السوداني لاطلب منك استبدال "للدولة السودانية" بالشعب السوداني. اما في التاريخ فيبدو انك تخشي ان تصبح عدد الثورات في السودان مساويا لعدد الحكومات الشمولية – انت فعلا قاصد دا؟؟!! حسبنا الله و نعم الوكيل فيك يا شيخ!! "الجسد السوداني تعتريه حالة التهابية حادة، تجعله شديد الحساسية تجاه المهيجات، لذا يحتاج كل شيء فيه لعناية فائقة وفي مرات الى تعقيم كامل، ربما كلمة عابرة على عفو الخاطر من مسؤول تسقط في موضع جرح قديم فتفجر ألغاما محفورة في عمق التاريخ. وربما قرار معتل كسول لا ينظر متخذه أبعد من أرنبة أنفه يتسبب في مضار غير محدودة وكسور غير قابلة للجبر وجروح تقاوم الالتئام بالنزيف" من بقك لباب السما. "أسوأ شيء أن يتم التعامل مع ما حدث باعتباره مترتبات شغب أو ملف عادي للتحقيق الجنائي، وفاة 4 طلاب في ترعة هذه قضية لن يقفز من فوقها التاريخ، ولا ينفع أن تسجل ضد مجهول، ولا أن تسيف عبر لجان تحقيق هلامية، لابد من وجود متهمين في قفص الاتهام، أفرادا كانوا أو جهات وإلا ستصبح الدولة هي المتهم الأول والوحيد السودانية!." دي انا ما فهمتها يا استاذ ضياء، في متهم تاني غير الدولة – الاسلام السياسي مثلا؟؟ ام تعتقد ان الدولة بريئة براءة الذئب من دم يوسف !! يا مثبت العقل و الدين ثبت قلوبنا علي دينك، رب لا نسألك رد القضاء و لكننا نسألك اللطف فيه. و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.