[email protected] ما عرضه برنامج (مهمة خاصة) قناة العربيةعن تهريب الأفارقة لإسرائيل باعث على كثير من الحزن والألم. ليس فقط لأن عصام الذي أصيب برصاص حرس الحدود المصري لم يكن يدري أنه يلفظ الروح وهو يعد والديه بإعادة المحاولة من أجل إسعادهما، وأتوقع أنهما صدما بمشهد دفنه بمقابر العريش. وليس لأن ابراهيم أجبر على دفع ثلاثة آلاف دولار لمختطفيه الذين عذبوه بالحرق والضرب، ورغم ذلك ألقوا به في الصحراء ليموت في المستشفى. بل لأن بعض من نجحوا في التسلل لإسرائيل تعرضوا هناك لعمليات جراحية لسرقة بعض أعضائهم ورميت جثثهم بعدها كنفايات. وربما كان أكثر إيلاماً ما أشار له المتحدثون من أن كثير من المتسللين لا يعرفون مقاصدهم جغرافياً أو مكانياً (يعني ناس طافشين وبس)! ما يسهل مهمة العصابات في إغرائهم واستدراجهم وتركهم في أي مكان بعد استنزاف مواردهم وقواهم. ما نشره التقرير من تفاصيل وصور مرعبة للإبتزاز والتعذيب والإغتصاب والقتل، التي تمارسها عصابات التهريب على ضحاياها بصورة تخلو من أي قدر من الرحمة والإنسانية، إنما تلقي بمسؤولية ضياع كرامة وأرواح مئات من السودانيين و الأثيوبيين والأريتريين على المجتمعات وولاة الأمر الذين يفرطون في أبنائهم فينقادون إلى المجهول في تدافع وضيق بالعيش تمهد له الحكومات ومنسوبيها من الفاسدين والمتعاونين مع مافيات التهريب. وإلا فكيف بكل هذه الأعداد تخترق الحدود وتقطع المسافات الشاسعات داخل السودان متجهة إلى جنوب مصر أو ليبيا عابرة الصحارى والأنهار والمعابر؟ أيعقل أن تكون كل هذه المساحات خالية من أعين الرقباء؟ أم أن فيهم من يمد العون لهؤلاء المغامرين؟ وهل كانت حكومتنا وسفارتنا بمصر على علم بحجم ونوعية هذه الجرائم؟ وهل ستواصل غض الطرف عما يجري؟