تراسيم - الكاميرا الخفية..!! عبد الباقى الظافر قبل سنوات فوجيء العاملون بمستشفى الزرقاء الأردني ببدوي مريض يجلس في ركن قصي في انتظار دوره.. المريض لم يكن يحمل تأميناً طبياً وحالته تقتضي التصرف العاجل.. البيروقراطية فشلت في معالجة المريض.. بعد ساعات كاد الكادر الطبي أن يصاب بموجة جنون جماعي حينما علموا أن المريض الغامض لم يكن سوى جلالة الملك عبدالله الثاني الذى جاء متنكراً في ملابس بدوية.. بعد الزيارة المفاجئة تمت معالجة كل أوجه القصور التي لاقت ضوءاً كثيفاً بسبب برنامج الكاميرا الخفية الذي نفذه الملك الشاب باتقان تام. حدثنا وزير المالية علي محمود أن رجل شرطة أوقفه في مخالفة مرورية.. الوزير بطيب نفس أدخل يده في جيبه لدفع الغرامة.. حينما تحسس الوزير الإيصال المالي وجده يشبه إيصال (15) المبريء للذمة.. لا أدري لماذا أهدر الوزير هذه الفرصة وهو في مواجهة المرمى. بلدنا الآن في حاجة ماسة لجذب استثمار أجنبي.. واحدة من مشكلات ضيوف البلاد من رجال الأعمال شكوتهم الدائمة من البيروقراطية وسياسة «أمشي وتعال» و«الفي جيبك هاتو».. تتغير القوانين والشكاوى ثابتة.. عندما يزور مسؤول مثل هذه الوحدات يجد كل شيء على ما يرام.. برامج الحاسوب التي تحصي الإنجازات تخلب الأبصار.. تنتهي الزيارة وتعود ذات الممارسات القديمة.. زيارة واحدة مفخخة ينفذها وزير الاستثمار أو من ينوب عنه ستكشف كافة أوجه القصور. مسلسل الجبايات التي غلبت الساسة.. صدر أكثر من قرار وما زال العرض مستمراً.. لنترك الحكومة ونطلب من إحدى قنواتنا الفضائية أو صحفي التحقيقات تسجيل زيارة عمل لمناطق الإنتاج.. الفريق الصحفي يتابع بصورة حية شحنة من الماشية السودانية المعدة للتصدير.. الكاميرا ترصد لغة الحوار بين التاجر ومسؤول الجبايات وكيف يمكن للكاش أن يقلل النقاش.. النتيجة أن صادراتنا بفعل تلك الممارسات باتت غير قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية. برنامج الكاميرا الخفية يمكن أن يستخدمه الساسة في قياس شعبيتهم.. مثلاً أن يركب والي الخرطوم متخفياً في متن أحد بصات الولاية.. يرهف السمع لشكوى الناس من شظف العيش.. ذات الأمر يطبقه الإمام الصادق المهدي ليقيس شعبيته بين الأنصار.. عبر آلية الاستقصاء هذه يمكن أن يحدد مولانا الميرغني جدوى مشاركته في حكومة القاعدة العريضة.. مولانا لضيق ذات اليد عجز عن عقد المؤتمر العام لحزبه فيما شركاؤه في الحكومة يعقدون من المؤتمرات مثنى وثلاث في كل عام. برنامج الكاميرا الخفية يمكن أن يعزز من ثقافة الشفافية المفقودة في ممارساتنا.. ليس من الضروري أن يتنكر الحكام للاطلاع على الحقيقة.. إذا زودنا كل مصلحة تعمل في خدمة الناس بكاميرا ترصد كل صغيرة وكبيرة ستكون النتائج مذهلة.. لن يتعسف مسؤول في استخدام القانون ضد المواطنين.. كل موظف سينتابه شعور أنه تحت الأضواء الكاشفة فيتصدق بابتسامة للعملاء. سادتي سيداتي الكاميرا الخفية أحرزت انتصاراً في الأسبوع الماضي حينما ضبطت طالبة تستخدم بطاقة مصرفية تخص صديقتها.. القاضي بفضل تلك التقانة أوقع عقوبة السجن والجلد على المتهمة التي سرقت في زمن الكاميرا الخفية. اخر لحظة