سكينة بت الجيران واحدة من ملايين بل من مليارات الفقراء في بلادي ، تعمل المسكينة مثلها مثل كافة افراد الشعب السوداني في مهنة هامشية صغيره تدر لها بعض الربح المجزي الذي يغنيها ويغني اسرتها عن مسغبة سؤال الناس اعطوها او منعوها ، وكشأن كل بائعات الشاي أغلقت متجرها بعد نهاية يوم شاق وتوجهت نحو منزلها تسبقها اللهفة علي معانقة طفلتها مني ، ولفرط الشوق علي صغيرتها اشترت لها بعض الفواكه والحلوى ، وصلت المحطة ونزلت من الحافلة ، فقد كانت محظوظة فالساعة لا زالت التاسعة مساء والليل لازال طفلا يحبو كما يقول العشاق ، لذلك صممت علي قطع المسافة الخالية مابين منزلها والمحطة مشيا بالاقدام ، فالميدان كما يسميه سكان الحي هو ليس بالأمر المخيف فعلي الطرف الشرقي منه توجد كبسولة شبه خالية تتبع للشرطة الشعبية وتقف بجوارها بكل هيبة عربة بوكس دبل كبينة مليئة بأفراد الشرطة المدججين بالسلاح ، اذا لا خطورة علي الناس ولا تثريب علي الضيوف بالحي اذا ما اشتاقوا لزيارة ذويهم وأقاربهم بالليل او النهار ، فهنا الكل امن ولم يلبس ايمانه بظلم لذلك اعتقد الجميع بأنهم الوحيدين الذين لهم الامن وهم مهتدون ، وبناء علي ذلك قررت سكينة ذلك القرار الذي فيما بعد بات في نظر الشرطة اشد قرار متهور تتخذه أنثي سودانية حرة في حياتها ، فقد ترجلت وهي تتأبط أكياس النايلون المليئة بالخضار والفاكهة وصممت علي قطع الميدان بكل شجاعة ، وفجأة ظهر لها كالقدر ثلاثة من الشباب مفتولي العضلات ، واستل احدهم سكين وهددها بالقتل اذا لم تقوم بتسليم ما معها من الغنائم المادية وخاصة القروش ، فاستنكرت الامر وصرخت صرخة مدوية اهتزت لها اركان الارض ، وانفعلت ايما انفعال وهي تنادي بملء صوتها افراد الشرطة القابعين علي الطرف الشرقي من الميدان ، ولكن لا صوت لمن تنادي ؟ فحاولت مقاومة المعتدين واستبسلت حتي ارهقت صواب الجناة ، وبعد لأي شديد استطاع اللصوص تجريدها من كل المقتنيات التي كانت معها ، وعندما لم تستطيع ان تصمت كما قال لها الذي يبدو زعيم العصابة فقد سدد لها طعنة سلاخية نجلاء سقطت علي اثرها مضرجة بالدماء ولم تعي بنفسها الا وهي في حوادث مستشفي امدرمان .. تماثلت المسكينة للشفاء بعد ثلاثة ايام فقد كانت الاصابة ذات طابع تهديدي اكثر من كونها أصابة القصد منها الحاق الضرر ، فقررت بعدها ان تشكو الشرطة وليس اللصوص الذين سرقوها وعرضوا حياتها للخطر ففي حيثيات أفادتها تصر علي ان البوليس متورط بصورة او أخري مع المعتدين وتجزم علي ان السيد وزير الداخلية هو اول المتهمين في قضيتها ، تقول اكتشفت ذلك في اليوم الثاني من الحادثة ، عندما كانت عائده الي منزلها ومعها شقيقها من المستشفي ففي نفس الميدان توجهت لعربة الشرطة واستفسرت لماذا لم يهبوا لنجدتها ؟ فقال لها افراد الدورية انهم لم يكونوا متواجدين في يوم الحادثة فقد كانت خدمة اخري ، وحتي لو كانوا متواجدين لن يستطيعوا مساعدتها بشي ، فلأوامر تقتضي اتباع الروتين في التعليمات ، والسلسلة العسكرية صارمة في ذلك ، لن تستطيع دورية ان تتحرك من موضعها الا بأذن من الرئاسة والضابط المناوب شخصيا بعد ان يتصل بالضابط العظيم الذي بدوره يتصل بالمدير العام الذي بدوره في كثير من الحالات يتصل بالسيد المدير العام للشرطة وللخروج من الحرج يؤكل الأمر النهائي للسيد وزير الداخلية واذا ما صادف السيد الوزير في اجتماع او في مناسبة فأن التعليمات تطبق بحذافيرها حتى فراغ الوزير من مشاغله وهو في الغالب الأعم لا يمانع علي منح الأذونات لمثل هذه القضايا ؟؟؟؟ وختم المتحدث كلامه بالقول لها : وجدنا في دفتر الاحوال بأن الدورية اتصلت بالرئاسة لطلب الاذن بالتحرك وحتى استبدال الخدمة لم يمنحوا الاذن بعد فغالبا ساعتها يكون الوزير مشغول او في اجتماع ؟؟ لكن اول ما يتم التصديق ان شاء الله حا نصلك طوالى عشان تفهمي انو الشرطة في خدمة الشعب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ استمعت سكينة وشقيقها للتبريرات الغريبة من افراد الدورية ، واقسمت الا تدع الوزير الا وان تشكوه الي الله ، فقد ألت علي نفسها في صباح ومساء كل يوم ان تدعوا عليه بالعذاب وان يساق مع زمرة الكفار ويكون حامل لواء الخالدين في النار الي ابد ألأبدين ؟؟ .... تبيان صديق ashyga002@@hotmail.com