الملكيةُ الفكريةُ وضوابطُ النشرِ وحفظِ الحقوقِ الأدبيةِ، مفاهيمُ كنتُ امرُّ عليها مرورَ الكرامِ ولا أُلقى لها بالاً وعندما أستمعُ لأحد ما يُنبه لضرورة تسجيل الكتابات الشعرية والقصصية فى الملكية الفكرية قبل نشرها أثيرياً أو ورقياً من خلال المنتديات أوالمجلات الثقافية أو الصحف كنتُ أهزأُ واقولُ بكلٍ بساطةٍ:(ما الحاجةُ الى الدخول في متاهات التسجيل وماهى إلا مُجرد خربشات يخُطها أحدنا فى لحظة ما، فلماذا يُشغل الكاتب نفسه بتوثيقها وتقييدها فى سجل رسمي وهى ليست مُعادلات ذرية ولا إختراع فريد). ولكن ومع تهافت وسائل الإنتشار السريع للمواد الأدبية ومع إستفحال ظاهرة السرقات الأدبية ايقنتُ تماماً أهمية التوثيق لكل الأعمال الأدبية من شعر وقصة وفكرة مقال وتعلمتُ مغزى المثل القائل أن المال السايب يدعو للسرقة و أنّ القانونَ لا يحمي المُغفلين! ضياعُ الحقوقِ واناسُ يسترقون الكُحلَ من بين اجفان العيون ليست ظاهرةُ اليومِ ولا الغد انها قديمةُ قدم الكلمةِ نفسها فالإنسان بطبعه الظلوم الجائر وسحابةُ من الجهل تظلل ذلك الجشع لتحجب عن عين البصيرة الحقائق الجلية، بل واخرون يسترقون الاشياء لدى حرزها الحصين، فلن تهدأ السرقات في عالم ملئ بضِعاف النفوس ومُحبي الظهور الكاذب فاللصوص يحيطون بنا من كل جانب وينسلون من كل حدبٍ وصوب واسوأهم اؤلائك الذين يستبيحون الأفكار و المشاعر و ليتهم يعلمون كيف تُكتب هذه الحروف والى اى مدى هى عزيزةُ على من يكتبها إذاً لأشفقوا من سرقتها ونشرها دون وجه حق وليتهم يعلمون ما وراء تلك الحروف من مشاعر مجهضة وآلام غير معلنة فلو علموا لأستحوا ولما اجترأ احد على هتك سِتر الحروف. مؤلمُ جداً أن نرى فلذاتُ حروفنا مُبعثرةُ هُنا وهناك تستظلُ تحت أقلامِ غيرنا ونمضى ونحنُ تعتصرنا الغُصة فلا ندري حينها هل نفرح لأنها نالت اعجاب البعضُ للدرجة التى اغراهُ بنشرها ونسبها لنفسه، أم نحزن لان ابنائنا نُسبوا لغيرنا؟ والزائر لمُحركات البحث عبر الإنترنت سيجدُ العجب العُجاب فذاتُ النصوص منشرة كإنتشار النار فى الهشيم ولكن يستعصى أن تعرف من كاتبها الحقيقي فهى تائهةُ عنه بين الأقلام الزائفة و البعضُ لا يكتفى بسرقة النص وتهميش ذكر المصدر أو الكاتب بل يتمادى فى نسب النص لنفسه ويستمتع بالتصفيق وكلمات الإطراء ويشدو مزهواً بما لم يخطُهُ بنانهُ و يستمتعُ بجنى ثِمار لا يعرف كيف تُزرع ومن أين تُسقى. الموهبة الحقيقية هى التى تبقى وتظل و تلك الأقلام المُقنّعة ستسقطُ يوماً ولن تقوى على مُقارعة سيوف الأيام ولن تُبالى الأقلام الصادقة من رحلة المشقة وإن طالت فمن تعود على ترويض الحروف لن يفلت منه اللجام ابداً، وإننا ندخرُ حروفنا كأشيائنا العزيزة ليوم ساطع نُمطرُ بها فى موسم خريفُ الحروف حتى إذا أتى الجفاف أسعفتنا وأروت ظمأنا فهناكَ الا المساحات النقية التى تستحق أن نذرفَ الحروف عليها بطمأنية ولا نوقف نزيف أقلامنا ابداً. همسات - عبير زين [email protected]