قبل نحو عشر سنوات كتبنا .. والكتابة يومها كانت بحد السيف .. كما يقولون .. مدافعين عن حق اطفال السودان فى علاج رفيع المستوى ومجانا .. يوفره لهم مستشفى جعفر بن عوف .. كان ذلك ابان الهجمة الأولى التى قادها يومها الدكتور احمد بلال عثمان وزير الصحة الإتحادى آنذاك .. والذى كان محسوبا على الحزب الإتحادى المسجل .. أو المتوالى كما كان يحلو لخصومه السياسيين تسميته .. فالتوالى كان سبة يومها .. كان الظن يومها أن الحملة ينفذها الوزير ضد البروفسير جعفر بن عوف مؤسس وبانى ومدير مستشفى الأطفال بإيعاز من ( الكيزان ) .. كان البعض .. يومها .. ايضا .. يظن وبعض الظن إثم .. أن جعفر لن يضيره شىء .. فأحد المحسوبين على الحزب الإتحادى الديمقراطى ..( لم يكن قد إضطر الحزب يومها لإلحاق صفة الأصل بإسمه) .. يظاهره ويقف بجانبه ويشد من أزره .. وقد سمعت منه شخصيا .. ما عزز قناعاتى بأن مستشفى جعفر بن عوف هو آخر خط دفاع عن صحة وسلامة أطفال السودان .. وكان مساعد المدير يومها لا يخفى ضيقه مما يحاك ضد أستاذه ومديره جعفر بن عوف .. ولكنه كان يتحدث سرا .. ويرجو أن لا يزج بإسمه فى الصراع .. لأسباب سياسية كما كان يقول .. شخصيا كنت أصدق .. واحترم طلبه .. واكتفى بتوظيف المعلومات التى يمدنى بها دون الإشارة لإسمه .. وكنت أظن .. وبعض الظن إثم .. أن الدكتور يحي محمد صالح مكوار يلعب أدوارا سياسية هامة ولا ينبغى أن نشغله بهكذا قضايا جانبية ..! وعلى الضفة الأخرى من موقف يحى تماما .. كان يقف الدكتور يونس عبد الرحمن المدير الحالى لمستشفى جعفر بن عوف .. واول عهدى بيونس هذا .. أنه كان على صلة بورشة لصيانة وسمكرة السيارات جنوبى الخرطوم .. وربما تمهيدا لإنتقاله لإدارة مستشفى الأطفال .. فقد مر الرجل اولا بمدينة الطفل .. لا يسألنى احد عن العلاقة .. فلا علم لى بها .. الشاهد أنه حين جاء الدكتور احمد بلال عثمان .. بتاع الإتحادى المسجل .. بالدكتور يونس مديرا لمستشفى جعفر بن عوف كان الدكتور يحى مكوار .. بتاع الإتحادى الديمقراطى .. ضد هذه الخطوة ويرى أن الهدف الأساسى منها حرمان أطفال السودان من آخر مظلة علاج مجانى ..! ولكن .. يبدو أن السنوات العشر الماضية كانت كافية لتغيير الكثير من المفاهيم .. ومنها مثلا .. مفهوم الدكتور يحى مكوار لحق أطفال السودان فى العلاج المجانى .. فقد فوجئت شخصيا بأن الدكتور يحى .. وبعد أن أصبح وزيرا .. قد غادر الضفة التى كان يقف عليها وانتقل الى ضفة الدكتور يونس عبد الرحمن .. الذى إتهمه من قبل .. والشهادة لله سرا .. بأنه قد جىء به خصيصا لتحطيم المستشفى .. بل والمفارقة أن الدكتور يحى .. نصير الأطفال قبل عشر سنوات يدافع الآن عن سياسات مأمون حميدة .. بل ويتهم المناوئين لهذه السياسات بانهم يحملون أجندة سياسية .. يا سبحان الله .. والدكتور الوزير يحى مكوار فى مرافعته عن مأمون حميدة يشرح لنا أهمية تطوير المشافى الطرفية لكى تقوم بدورها فى علاج الناس .. مع تمكين المؤسسات المركزية للقيام بدورها المرجعى .. وبالطبع لا يملك المرء إلا أن يبصم بالعشرة على وجهة النظر هذه .. ولكن السؤال الذى نأمل أن يتحفنا بإجابته الدكتور .. هل تأهيل المشافى الطرفية يقتصر على الطلاء فقط ..؟ وهل تأهيل المؤسسات المركزية يعنى تحطيمها أو تفكيك القائم منها ..؟ وأخيرا .. الدكتور يحى مكوار وبصفته وزيرا فى حكومة ولاية الخرطوم تولى شئون وزارة الصحة لأكثر من اسبوع لغياب الوزير المختص .. فلماذا لم يفكر فى جولة على المؤسسات التابعة للوزارة للتبشير بسياسات مامون حميدة طالما كان مؤمنا بها حد التبشير بها فى المؤتمرات الصحفية ..؟ وقبل أن نختتم لا بد أن نحفظ للسيد الوزير الدكتور يحى مكوار هذه السابقة الفريدة .. وهى أن يظهر مسئول فى مؤتمر صحفى بصفة سابقة وإن مضت عليها سنين .. ! [email protected]