تحليل سياسى : لنقرأ هذا الخبر .. ( تحول إستاد الخرطوم والمنطقة المحيطة به الى ساحة معركة حقيقية إثر إشتباكات عنيفة بدأت بالأسلحة الشخصية الخفيفة ثم تطورت لإستخدام المدافع الثقيلة وشوهدت ناقلات جنود تنطلق صوب الإستاد تنطلق منها صيحات الحرب مما أثار الرعب فى نفوس المواطنين وأصاب المنطقة بالشلل التام .. وقد تفجرت الأحداث إثر إحتساب حكم المباراة هدفا يعتقد أنه غير صحيح لصالح أحد الفريقين الذين يحظى كلاهما برعاية قوة نظامية ) .. إنتهى الخبر .. وهناك خبر آخر .. ( فشل لاعبو وإداريو ومشجعو فريق X الذى يحظى برعاية قوة نظامية من عبور جسر امدرمان الى الخرطوم بعد أن قامت قوة نظامية منافسة بإستغلال نفوذها وإغلاق الجسر المؤدى الى الخرطوم إحتجاجا على خسارة الفريق Z الذى يحظى برعاية الأخيرة للمباراة التى جرت بالأمس ) .. هذه أخبار اعترف بأنها إفتراضية ولم تقع بعد .. ولكن مالنا وللإفتراض ودوننا واقعة موثقة لنقرأها قبل أن نناقش .. ففى عددها الصادر فى الثالث من نوفمبر عام 2008 تورد صحيفة الرأى العام ما يلى ( الشجرة تكسب النسور في مباراة الاحداث .. ضمن مباريات سنترليق الصعود للدرجة الاولى بولاية الخرطوم وفي مباريات الدورة الاولى استطاعت الشجرة ان تكسب نتيجة المباراة بهدف قاتل جاء في الدقيقة الثالثة من الزمن بدل الضائع من ضربة جزاء احتج عليها الجهاز الفني والاداري للنسور ليتعرض الحكم بعدها للاعتداء. ) .. كان يمكن إعتبار ما حدث قابلا للحدوث فى أى مباراة .. ولكن .. بعد تلك المباراة بفترة طويلة كتب أحدهم مشيدا بفريق النسور الأمدرمانى بل تنبأ له أن يكون الضلع الثالث فى القمة .. ولكنه أضاف عبارة لافتة بقوله (فقط نعيب على الفريق في بعض المرات استغلالهم لسلطاتهم لارهاب الحكام ولاعبي الفريق الخصم وكلنا يتذكر ماحدث في المباراة الاولى مع الشجرة بسنترليق الصعود للاولى ) .. إذن .. أنا لست مجنونا ولا أرجم بالغيب .. بل أعتقد أننى العاقل الوحيد فى بلد يسعى فيه البعض لنثر أعواد الثقاب المشتعلة حول محطات الوقود ..! والآن وقد إكتملت الحلقة بموافقة القوات المسلحة على رعاية نادى الأهلى الخرطوم بعد أن سبقها جهاز الشرطة برعاية فريق النسور الأمدرمانى .. وجهاز الأمن برعاية فريق الخرطوم الوطنى .. يبدو أمامنا مشهد غريب .. وهو أنه من بين آلاف الأندية الرياضية السودانية باتت ثلاثة اندية فقط تحظى برعاية ثلاثة من أضخم مؤسساتنا الوطنية ..والتى يفترض أنها الأكثر قومية والأكثر تمثيلا للشعب .. !! ومع إستصحاب متلازمة الإقتصاد السودانى القائمة على إرتفاع كلفة الصرف على الأمن وبالتالى على الأجهزة الأمنية فهذا يعنى .. نظريا على الأقل .. أن هذه الأندية الثلاثة وحدها دون غيرها تتمتع برعاية ما يفوق السبعين فى المائة من ميزانية السودان العامة .. أيعقل هذا .. ؟ ولنتجاوز كل هذا .. ونطرح الأمر من زواياه الموضوعية .. إن مبدأ الرعاية فى كل الدنيا قائم على منفعة متبادلة تتحقق للطرفين .. الراعى والمستفيد من الرعاية .. والأصل فى الرعاة أنهم مؤسسات ربحية أو حتى خدمية ولكنها فى نهاية الأمر تهدف من خلال الرعاية لتحقيق الإنتشار لمنتجها أو لخدماتها .. فما الذى تسعى للترويج له هذه المؤسسات الثلاث .. ؟ لا شىء بالطبع .. إذن إنتفى شرط الفائدة المتبادلة .. وسيتصدى لك من يدعى أن الهدف هو دعم هذه الأندية .. وقد يشتط القائل بقوله إن الهدف كذلك دعم وتطوير الرياضة .. ونقول لهؤلاء .. لا شك أن هذه أهداف نبيلة .. ولكن .. ما شأن الجيش والأمن والبوليس بتطوير الرياضة ..؟ وإذا إفترضنا أن هذه مؤسسات قومية ينبغى أن يكون لها دور فى الشأن العام .. كما سيدفع البعض .. أليس من الأوجه أن يأتى هذا الدور القومى عبر قنوات قومية أيضا ..؟ وبصيغ قومية يعم خيرها على الجميع .. لا ثلاثة أندية فقط ؟ وإذا كانت الفكرة دعم الرياضة فهناك مائة طريقة وطريقة لتلعب الدولة دورها فى دعم الرياضة .. بدءا من إعفاء دخول المباريات من الضرائب .. ومرورا بإنجاز المدينة الرياضية ومراكز ومعاهد التدريب الوطنية ورعاية المعسكرات الرياضية .. وإنتهاء بتأسيس المدارس السنية وتشجيع فرق الناشئين والشباب ..ومن ظن أن تطوير الرياضة يتحقق بعسكرتها فهو مخطىء .. ولا شك ..!وهل يتسق ذلك مع قاعدة .. أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية .. التى يرددها الجميع دون مردود فعلى ؟ عليه .. وحتى لا يأتى يوم نقرأ فيه عناوين من نوع ( إنزال جوى وإحتلال إستاد الخرطوم ) أو .. ( مشجعوا النسور يغلقون الجسور ) نأمل أن تجد الجهات المعنية معالجة لهذا الوضع الشاذ .. وفق القواعد الرياضية المرعية .. و بما لا يضر بالأندية المرعية .. كذلك ..! [email protected]