من المهم جداً قراءة وتحليل تطورات الاوضاع السياسية الراهنة علي خلفية حدثين مهمين اولهما التنوير الذي قدم امام المجلس التشريعي ولاية الخرطوم بخصوص الوضع الراهن وتصريحات الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة عن الدور الريادي الذي ظلت تلعبه القوات المسلحة في سبيل عدم سقوط الخرطوم في يد الجبهة الثورية . هنالك تحليل يقول ان فاتورة حماية السلطة باهظة التكاليف وبالتالي ينبغي علي جميع المستفيدين ادراك اهمية من يقوم بدفع هذه الفاتورة. اما التحليل الاخر فيشير الي وجود رباط واهٍ او اصبح واهياً فيما يتعلق باستمرار شراكات غير متكافئة في السلطة امام الاستحقاقات و التحديات الجسيمة التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن . الازمة الاقتصادية تتمدد مع كل احتدام للخلافات بين السودان وجنوب السودان والازمة السياسية تزيد الهوة بين الحكومة والمعارضة فالاولي تسخر من الثانية بأنها تحتاج الي مائة عام لاسقاط النظام وليس مائة يوم والثانية تؤكد انها وضعت تصوراً متكاملاً للمرحلة الانتقالية بما يؤكد القناعة السائدة بأن التغيير قادم ليفرض نفسه فيما تلوح في الافق البعيد استحقاقات اقليمية علي خلفية سد النهضة الاثيوبي ربما يجد السودان نفسه مضطراً الي تبني موقف شديد التأثير علي مستقبله مع دول الجوار وستضيق فرص المناورة مع ازدياد نبرة الرفض المصري لفكرة قيام واكتمال السد . ان الانباء عن تطورات الاوضاع علي الصعيدين في ما يختص بالاوضاع الاقتصادية والنزاعات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وما رشح عن تحركات من بعض ابناء شرق السودان لتفجير النزاع المسلح ، هذه الانباء غير مشجعة علي تبني حسن الظن بما يمكن ان تؤول اليه الاوضاع المستقبلية في السودان وبالتالي ترتفع الاصوات الوطنية المنادية بضرورة إيقاف العبث والأزمة الراهنة والجلوس الي طاولة الحوار القومي الرامي الي معالجة أخطاء التجربة السياسية للحزب الحاكم قبل ان تتفاقم الامور لتخرج عن نطاق السيطرة مثلما هو حادث في العديد من البؤر الاقليمية والعربية المشتعلة . ومع كل هذه الفوضي العارمة والملفات العالقة تبدو فكرة جمع الصف الوطني صعبة المنال باعتبار ان الحكومة مستبدة برأيها وتسخر من كل شئ والمعارضة لا تري بديلاً عن اسقاط النظام الا اسقاط النظام او تكوين حكومة انتقالية بمشاركة واسعة وفي غضون ذلك تتسارع خطي الازمة بين دولتي السودان وجنوب السودان لتتقاذفها الايدي الاقليمية ممثلة في الاتحاد الافريقي مثلما تتناولها بالتحليل والامتعاض القوي الدولية المؤثرة علي الخرطوم. . ان الرأي السائد وسط العديد من المراقبين والمهتمين وابناء السودان الحادبين علي المصلحة العليا للبلاد ينظرون الي الاوضاع الراهنة نظرة متشائمة فهم لا يلمسون اي جدية من الحكومة تجاه ايجاد البدائل الناجعة والافكار الصالحة لحل ازمات البلاد . انها رؤية متشائمة برع الجميع في ترسيمها علي جدار الوطن فالنزاع الدموي نزاع يدفع نصيباً وافراً من فاتورته الوطن الجريح والشعب المغلوب علي امره ما بين رغبته في رؤية وطن آمن ومستقر ومتقدم وبين ضرورات وإنهاء الازمة وحصد الاستحقاقات الكثيرة التي ظلت مؤجلة لعقدين من الزمان . الصحافة