اريق خلال الايام الماضية الكثير من المداد وامتلات صفحات الصحف والمواقع واجهدت لوحات مفاتيح الحواسيب فى الكتابة عن الصادق المهدى ومواقفه السياسية المتذبذبة والمتارجحة الرمادية. اربك الاصدقاء قبل الاعداء والموالين قبل المناوئن واستحق بجدارة واقتدار وصف الخاتم عدلان له بأنه ( اكبر كارثة يشهدها السودان ) . فهو كلما تقدمت المعارضة خطوات جرها باصرار وترصد خطوات الى الخلف وكلما اطمأنت له العصبة الحاكمة بتصريحات مثل ( نظام الانقاذ افضل من نظام نميرى وعبود واحذر من اختيار الاضطرابات والمظاهرات سبيلا للوصول الى السلطة ) يغض مضاجعها باخرى مثل ( حكومة الانقاذ دمرت السودان ).. تعارف الناس على ان الضرب على الميت حرام وذلك لان ذلك الميت قد ذهب ضرره بموته وانه وبموته ايضا تكون كل احاسيسه قد ماتت ولا يحس باوجاع ذلك الضرب. فى حال الحبيب السيد الصادق الذى مات فعليا اثناء فترة الديمقراطية الثالثة التى اضاعها منشغلا بنقل رفات الامام الهادى وبتعويضات آل المهدى عن كل الاراضى المصادرة فالضرب حلال حلال حتى لا تنبت الارض لنا صادقا جديدا من نفس الطينة فيصبح كارثة اخرى وخازوق من الصعب المخارجة منه وصدق الشريف الهندى عندما قال ( والله انا ما خائف على البلد دى الا من الصادق وصهره الطفل الملتحى ) وصدقت نبؤة الشريف وتقاذفتنا الايام بين ديمقراطية اضاعها الصادق وبين شمولية تناكف حولها الملتحى والامرد.اضافة الى ان الضرب على ( الصادق ) لن يفت فى عضد المعارضة كما يتخوف البعض وذلك لان المعارضة اكثر قوة بعدم مشاركة الصادق فيها ( ولا اقول حزب الامة ) كما قال الصادق فى 1986 عن حكومته الائتلافية بانها ( اكثر قومية لعدم مشاركة الجبهة الاسلامية فيها ) مسرحيات وافلام السيد الصادق الاخيرة كلها ابتداء من سرادق العزاء لشهداء جامعة الجزيرة بدلا من مواجهة قتلاهم مرورا بنفض يده عن المائة يوم التى تم اعتمادها فى داره ثم تنكر لها وحين قبوله لها على مضض صرح بانها ( لم تكن لاسقاط النظام بل كانت للتعبئة ) ونيرانه المستمرة على المعارضة ووصفها ( بالطرور ) وصولا الى مسرحية حشد الانصار التى كشفت حقيقة الصادق فى اكثر من ناحية : خزلانه المستمر لطائفته والتى كلما جاءت اليه او معه لتصطاد فيلا خرجت بفأر . جاءت حشوده ممنية النفس بان يقودهم الصادق من موقعهم مباشرة الى القصر ولكنه امرهم باعادة السيوف الى اغمادها داعيا الى اسلحة جديدة ناعمة مثل التوقيعات والمغازلات حتى يخر النظام صريعا من هول النعومة التى تسربل بها كل ما حوله من معارضة واصدقاء واعداء. عودنا السيد الصادق فى الفترة الاخيرة بالتمترس حول الموضوعات الاجتماعية كالختان والواقى الصحى ( حسب تسمية السيد الصادق ) والمهور والتوقيع على الروايات وغيرها كلما شغل الساحة حدثا سياسيا مهما يملأ الصحف ويحرك كل المعارضة .تمترس الصادق حول الاجتماعيات يرجع الى سببين الاول الحب الفطرى للصادق باشغال الناس وملء دنياهم وصحفهم والسبب الثانى هو ايضا طبيعة الصادق فى مسك اى عصى من الوسط فهو ينتظر مواقف الاخرين ليبنى عليها موقفا يختلف عن الجميع . لم يخذل السيد الصادق فى مسرحية الانتاج المشترك مع الحكومة والخاصة بحشود ميدان الخليفة المعارضة ولم يدهشها اطلاقا فالصادق بعد ( تهتدون ) و ( ترجعون ) تبنى تخذلون وتقسمون وتشتتون. بهذه المسرحية خذل الصادق انصاره ومؤيديه وسقطت كل الاوراق التى كان يوارى بها سوءأت الدكتاتورية البغيضة التى عرف بها الصادق مع انصاره او ما تبقى منهم وما حديثه عن ( الباب يفوت جمل ) الا دليلا عن ضيقه بالراى الاخر وتحكمه فى كل مفاصل الحزب كما قال عبد الرسول النور لجريدة البيان الاماراتية فى 2004 ( الصادق لا يقبل الرأى الاخر واسرته تمكنت من جميع مفاصل الحزب ) .الرابح الاكبر من خطاب الصادق فى ( الليلة ديك ) كانت الحكومة التى لم تستطع ان تخفى فرحتها بالصادق وتكتيكاته فخرجت مباشرة بعد المسرحية لتصرح بان ( حشد الانصار انتصار للديمقراطية وهزيمة للمعارضة ) وبهذا التصريح تكون الحكومة قد اعلنت رسميا خروج حزب الامة من المعارضة دون ان تدرى ودون ان يدرى الصادق المهدى . مواقف الصادق وحزبه التى لا طعم ولا رائحة ولا لون لها عبرت حدود الشعب السودانى الطيب الذى ابتلاه الله بالصادق والميرغنى والترابى حتى وصلت الى الشقيقة مصر حيث اراد حزب الامة ان يسجل موقفا للتاريخ فيما يحدث الان بمصر واصدر البيان اللغز نقتطف منه النصيحة التالية (على الاخوان بمصر اعتبار ما حدث انقلاب عسكرى ضد الشرعية والاستعداد بكل الوسائل لمجابهته او اعتبار ما حدث نكسة تتيح فرصة لمراجعة الاخطاء وتقبل الواقع الجديد ) هكذا كانت نصيحة حزب الامة للاخوان بمصر ولا تعليق. الصادق يا سادتى الان لا تعجبه المعارضة ولا الحكومة ولا حتى افراد حزبه او ما تبقى من حزبه من افراد لا يتعدى عددهم افراد مملكته السلطانية الاسرية كما قال مادبو. احزاب المعرضة بالنسبة للصادق ( طرور ) واحزاب المولاة بالنسبة للصادق ( ترلات ) وهو القاطرة الوحيدة والصندل الوحيدة.انصح بالرجوع الى كتاب ( هذه كلمتى فى السياسة والحقوق ) للدكتور محمود الشعرانى وتحديدا العنوان ( التحليل النفسى لشخصية الصادق المهدى ) . ان مسرحية حشد ميدان الخليفة المحروسة بأمن المؤتمر الوطنى ممثلا فى الضابط بشرى الصادق المهدى والتى ولدت طبيعيا ما عرف ب ( تذكرة التحرير) ما هى الا واحدة من تكتيكات الصدق المهدى لتطويل عمر الانقاذ والتى لم تستطع الانقاذ نفسها ان تخفى سعادتها بهذه الاداة الناعمة للتغيير وطفقت على لسان نافعها تكيل المدح والثناء وتعبر عن الاعجاب المتزايد بالسيد الصادق ووطنيته لذلك تبرعت له الانقاذ بالضابط بشرى الصادق ليؤمن حمايته وسلامته خلال الحشد. اسقاط النظام بواسطة ( تذكرة التحرير ) او القوى الناعمة هو ايضا واحدة من تخريجات التى اصبحت لا تنطلى على افراد حزب الامة ناهيك عن جموع الشعب السودانى. الصادق يريد ان يسقط نظاما يحميه فى حله وترحاله وندواته السياسية والاجتماعية ويفرد له صفحات الصحف ومساحات على الاجهزة الاعلامية المختلفة اضافة الى ان احد ابناءه يعتبر الرجل الرابع ( نظريا ) فى الحكومة والابن الاخر احد متاريس الدفاع عن النظام . فهل من مقنع ومن مقتنع؟؟ اذا ( قشينا ريالتنا ) وصدقنا ان الصادق لا يخذل بل هو جاد فى اقتلاع نظام الانقاذ يلح علينا السؤال : هل الصادق يقوم بكل هذا النضال ( الناعم والخشن ) ليسلم الحكم بعد سقوطه للاخرين ام يريد ان يجثم على صدورنا مرة ثالثة ؟؟ الاجابة الصادق الذى بدأ حياته العمل بوظيفة مرموقة بوزارة المالية انتقل بعدها دون ترقيات او علاوات الى وظيفة ( رئيس وزراء ) لن يقبل ان يجلس على ( الكنبة ) وهو الرجل الذى نشأ على انه رقم ( 1) وما عداه ( طرور ) و ( ترلات ) . حب الصادق للمقاعد الامامية دفعه للاستقالة من الاتحاد الاشتراكى الذى ادى القسم عضوا فيه وذلك خوفا من يترك المساحات والمقاعد الامامية فى المعاضة للشريف الهندى . ان اكبر عقبة الان امام الجميع لاسقاط النظام هى الصادق المهدى . لذلك على المعارضة مجتمعة ان تعمل اولا على اسقاط الصادق المهدى من ذاكرة الوطن ثم بعد ذلك تعلن التعبئة لاسقاط النظام الذى ارتعدت فرائصه فقط من مجرد ورقة مكتوبة فى كمبالا.الصادق وان حلم مرة اخرى بحكمنا يكون قد اسرف فى التطلع فهو كما قالت الجسورة فاطمة ( يشنها كشنة ). [email protected]