اتصل بي صديق من القاهرة،،، يا عثمان ..كيفك واخبارك ياااااااا زمن والله ،حكينا وحكينا وحكينا واجترينا تاريخ وماضي وازقة وعييييك .لم اتحدث مع عثمان منذ سنوات .لكن اتابع باستمرار اخباره وهو كذلك ،فعالم اليوم بات اضيق من جيوبنا .عرفت من عثمان انه جاء من الولاياتالمتحدةالامريكية الي القاهرة للقاء اسرته ،لم يدع عثمان لا اخت ولا ام ولا اب في السودان ،ناداهم الي القاهرة ،وجاء هو متأبطاً جوازاً جديداً واوراق ثبوتية امريكية . حكي لي عثمان انه يرتب لنقل "كل اسرته " ليعيشوا معه في الولاياتالمتحدة ضمن برنامج لم الشمل .كنت اساله وهو يحكي تفاصيل هذه القصة "لا يا عثمان قلت لي كلهم ؟؟؟ وهو يقول لي بصوت يحكي بأذي وأسف اعرفه جيدا عن عثمان "والله يا عارف كلهم ياخ ...... انت عارف براك البلد دي بقت كيف ،الحياة بقت مستحيلة في السودان وكمان انت عارف المضايقات باعتبار الظروف الاخيرة والحرب ،،وووو ،ونحن ذاتنا ياخ لحمنا كمل من القلق عليهم والحاج والحاجة كبرو ولازم يكونو قريبين مننا،لم يحكي لي عثمان شئيا عن تفاصيل التفاصيل في رحلته تلك التي اعلمها ما بعد منتصف تسعينيات القرن الماضي الي القاهرة ثم الي الولاياتالمتحدةالامريكية .لكن فهمت من خلال مقاربة القصة لكثيرين اعلم جيدا الكثير من تفاصيل رحلتهم الي خارج البلد ،اما اؤلئك الذي جاءوا من مناطق الحرب الي وسط البلد ،ثم لفظتهم البلاد في قسوة رهيبة . نعلم ان المهاجرين السودانين معظمهم خرج مطرودا من البلد ،ورحل وهو في حالة من الالم والحزن والاسى علي قسوة الظروف التي خلفها ،مستوعبين في رحلتهم كالمغامرين الصعوبات التي تواجهها البلد .قرر عثمان ان يحقق توازنه المفقود بقلقه الدائم علي حال البلد عموما ومن ضمنهم اسرته .لعثمان مدونه خاصة بمتابعة اخبار البلد ،وانا شخصيا حينما ادخل علي مدونته أُصاب بالرعب من اثر الاخبار المنشورة ،وهي معظمها منقولة من مواقع اخري ووكالات اخري محترمة كرويترز والفرنسية ،إضافة للصحف السودانية بطبيعة الحال ،وعثمان مثابر في وصل تلك الاخبار باصدقائه ومن يظن فيه الاهتمام ،ثم يوصل كل ذلك بشبكة اصدقاء علي مواقع التواصل الاجتماعي .كل شئ في الاخبار يشير الي ان الامور في البلد ليس علي ما يرام ،انها حقائق تسري نحو عظام ولحم عثمان وملايين من السودانيين في الخارج . قلقهم المستبد والمسيطر علي حيواتهم وهم يقرأون الاخبار ويتواصلون مع البلد "لاحظت في اماكن كثيرة ان السودانيين اذا التقوا ولم يجدوا ما يبدأوا به ونساتهم ،يتساءلون ،، الدولار الليلة حصًل كم !! ؟؟ حسناً ،عثمان من جبال النوبة والان اتصور انكم فهمتم بقية الحكاية ؟ قصة اخري عن صديق اعرفه جيدا .عملنا معاً وخدمنا سنوات الجامعة في حركة الطلاب المستقلين .الجزولي ادم ،هذا الاسم الكثير من الاصدقاء والصديقات ، يعرفونه .كان طالباً بجامعة جوبا ،نشيط وذكي ولماح ،خدم الجزولي قناعات سياسية محترمة من خلال حركة المستقلين .تم القبض علي الجزولي من قبل جهاز الامن واودع حراسات سجن شالا لقرابة العامين تقريبا .عُذب ،ومورست في حقه ابشع انواع التعذيب .خرج من شالا ووجد شتاتا مرعبا للاهل والاصدقاء وكل ما كان .ضرب في الارض غربا وشمالا وجنوبا الي المنتهي ،الي النقطة التي يتعب فيها البدن قليلا ،ثم ينطلق في نشاط عجيب نحو جولة اخري "هذا الشئ كأنه يؤكد ان الطرقات ليس للاماكن المقصوده .لكن الطرقات هي الطرقات " .ما أعرفه عن تجربة الجزولي انه طرق اي باب وذهب الي اي مكان رسخ في ذهنه وفي احيان اخرى ذهب هكذا .عاش وقتا في نيروبي ثم تركها الي انجمينا ،ثم الي قطر والخرطوم ،بعدها عاد الي نيروبي مره اخري .اعرف الكثير الذي يمكن ان احكيه ويعرفه الكثير من أصدقائه . قبل شهر اتصل بي الجزولي ليخبرني انه تم أختياره ضمن برنامج الاممالمتحدة لاعادة التوطين وسيذهب الي هولندا حيث يعيش الان . حدثني الجزولي علي الهاتف في طريقه الي مطار جومو كينياتا الدولي عن خلاصة تلك الرحلة .عارف ..ياخ ديل اول ما اصل حايدوني بيت ،،بيت يا عارف ...اخيراً حايكون عندي محل اسمو البيت يا عارف .... اخيرا انا ممكن انوم وما اكون مرعوب . الجزولي من دارفور اها اذن هل نحكي ونقول هي الحرب اللعينة ،تخنق الاقتصاد وتهدر الفرص وتاكل الموارد والابناء والبنات ،تُغلق المدارس ،وتُعطل الانتاج ،وتحولنا الي مجندين مُجبرين حتي ...تُخرجنا من ديارنا وتجعل حياتنا كلها في حالة شفقة كسولة علي الوطن والناس والاهل ؟؟ ان شخصاً مجنوناً يريدنا ان نقتل ونُقتل ،،لا يريدنا ان نموت موتاً هيناً ، يريدنا أبطالا لهذه المسرحية السخيفة التي يقوم بها ..ثم هو لا يهتم بالتشويق والمفاجات ،بل قدم لنا نصاً مكتوبا قبل دخول العرض وقال انه سيقتل كل الممثلين والجمهور ويسدل الستار . وفيما الرئيس عاكف علي وضع استراتيجيته للحل ،يعتكف البرلمان في تطوير خطة الاستنفار للحرب الاهلية ...وفيما نحن نتردد مشككين في ان الفرصة الاخيره هي الان لانقاذ البلاد ،تنحدر الحياه وينفلت الجنيه ويشكي مزارعي القضارف من ان الذرة علي غير مايرام وهي تبحث عمن يحصدها ،ووتعطل مصالح الناس في جنوب كردفان والنيل الازرق ،والرعب يملأ دارفور من غربها الي شرقها وجنوبها بين ملثمين ضد ملثمين لا تعرف القاتل من الضحية ....فزعنا مهم . [email protected]