تلك هي حاضرة ولاية جنوب دارفور نيالا ، المدينة الهادئة الوديعة ، التي تنوم على صفاء واديها الكبير ، الذي يكاد يقسمها نصفين ، وادي برلي .. وتصحو أحياناً على صوت القطار ،الذي ربما رماها بالضجيج بعد هدؤ ..وبوري القطار وحده الذي يشق سكون المدينة إلى منتهاها ، قبل أوان الحرب اللعينة ، زمان الخوف والوجل هذا ، عهد الوجوه الكالحة والعيون الحزينة ، الخندق ، ومعسكرات النزوح ، والإختطاف ، والمساومة ، والإغتيال ، والإعتقال ، والدبابات الرابضة من مكان إلى آخر ، والإشتباكات التي تقع من حين إلى آخر ، والحركات عديمة البركات أقله حتى الآن ، والجنجويد ، وحرس الحدود ، والفايت الحدود ، ولطم الخدود ، آه على ما يدور ويجري هناك !! ، آه يادموعي دعيني ، ودعي التدفق ، كيف تعيني مع نزف الدماء هناك ؟!! نيالا كسائر مدن وقرى دارفور ، وأجزاء من كردفان ، خربوها المليشيات وبدلوا أمنها خوف * الإختطاف ظاهرة خطيرة تفشت هناك وأثارت في إنسانها القلق ، يرونك ، ثم يتم تقييمك مبدئياً ، ويتناقشون في أمرك ، ويتسائلون كم من الملايين يمكن لاهلك دفعها لإخلاء سبيلك ؟، وإن تكن تاجر ليس لك في السياسة التي قادت البلاد إلى كل هذا ، أو إدى الحسان البريئات !! * التنفيذ الذي يجعل المدينة لا فرق بينها ، وفلم الحي 13 ، زما ادراك ما الحي 13 ؟ حيث سيادة العصابات والقوة !! *المساومة التي تبدأ بتلفون لاهلك ، بأنك في مكان آمن ، وتظل كذلك أيام وأيام بهذا الموقع المجهول ، الذي غالباً ما يكون داخل المدينة نفسها ، وانت بالطبع معصوب العينين ، ومن ثم تبدأ * المفاوضات التي تتم بالضرورة عن طريق مناديب في غاية السرية من جانب هؤلاء المجرمين ، لا بل حتى من جانبك انت ، إذ لا تصريح بالمبلغ ، ولا الجهات ، لأن الأمر ببساطة مرهون بحياتك !! فيما مضى ، أيام ما كانت قوة القانون تمشي بين الناس ، كان يمكن لك ان تبلغ السلطات ، لتقتص لك من الجاني عرفتم لماذا يحن البعض إلى زمان قائلا ((ياحليل زمان)) أما الآن بسواد قانون القوة الغابي هذا ، فرد الفعل أسوأ ما يكون ، ولا أمان ، حتى في مكاتب الأمن !!، وليست الحادثة الأخيرة ببعيدة عن الاذهان!! تحدثت إلى أحد احبتي هناك ، ابارك له العيد ، فإذا به يحدثني عن بركة رُفعت عن نظام بارِك على صدور الناس بلا وحي اتاه ولا كتاب ، نظام أساء التقدير حتى صار (( المجرمون في مركز قوة)) جملة تصلح عنوان لعشرات المقالات ليس في نيالا وحدها ، وإنما في أجزاء واسعة من بلادي الحبيبة ، عذراً بلادي ..لا تحزني ..ربما لنا بعض من عزاء في عجز قصيدة جويدة ( أحزان ليلة ممطرة) لا تحزني ... إن الزمان الراكع المهزوم لن يبقى ولن تبقى خفافيش الحفر.. فغداً تصيح الأرض .. فالطوفان آت والبراكين التي سُجنت أراها تنفجر.. والصبح هذا الزائر المنفي من وطني يطل الآن .. يجري .. ينتشر .. وغداً أحبك مثلما يوم حلمت ... بدون خوف ... أو سجون ... أو مطر ... خالد دودة قمرالدين [email protected]