ما يجري في مصر يجب ان يقرأ و ياخذ في سياق الأحداث التي بدات منذ اندلاع الثورة المصرية التي اطاحت بحكم مبارك مرورا بانتخاب مرسي رئيسا للدوله في انتخابات نزيهة .... حيث لا يمكن فصل ما يجري الآن عن ما حدث أيام الغليان وولادة الثورة من رحم المعاناة... الثورة التي ساهمت فيها جميع طوائف وتيارات الشعب المصري سرقت ولم تسكتمل بعد أهدافها.... ولقد نجح تيار الأخوان المسلمين في تجيير الثورة لصالح تحقيق أهدافه وسار على نهج نظام أخوان السودان الذين صعدوا للحكم عبر الدبابات و فوهات البنادق.... وأخذوا بنصحيتهم " سياسة التمكين" ... فتنكر الرئيس مرسي الذي يعرف الجميع ظروف انتخابه لكل الوعود الذي قطعها لناخبيه... فأصبحت الدولة المصرية تحت قبضة الحزب الواحد "الحرية والعدالة" وأصبح مرشد الجماعة الحاكم الفعلي لمصر... وبدأت مرحلة أخونة الدولة واقصاء الآخر .... و بدأ عهد ظهور أسماء رجال أعمال جدد ينتمون لتيار الأخوان بغرض السيطرة على اقتصاد البلاد بإعتباره احد البوابات الهامة جدا في السيطرة مقاليد الحكم ..... لقد أخذ الأخوان بنصيحة أخوان السودان فانتهجو سياسة التمكين و سياسة الولاء قبل الأداء و نسي أخوان مصر أن النظام الذي اتي بهم لسدة الحكم نظام ديمقراطي و ليس نظاما عسكريا كما حدث في السودان..... وفات عليهم ايضا ان أخوان السودان تستروا خلف العسكر سنوات قبل الإفصاح عن هوية انقلابهم..... ان فشل الجماعة المصرية في السيطرة على الآلة الإعلامية في البلاد هو الذي كشف عن الوجه القبيح لهذه الجماعة الضالة وساعد القوى الثورية و الإجتماعية على تبصرة الشارع بما يجري من اختطاف لثورتهم و تغول الأخوان على حقوقهم وتمددهم الإخطبوطي و السرطاني في كل مفاصل الدولة مما حدى بجماهير الشعب المصري الخروج للشوارع في مسيرات مليونية لاستكمال ثورتهم التي حاد عنها الرئيس مرسي..... بالفعل كانت ثورة الثلاثين من يونيو استفتاء شعبي حيث خرج أكثر من ثلاثين مليون مصري و تجمعوا في الميادين المختلفة من المحافظات المصرية في مشهد رهيب أكد على عظمة الشعب المصري و تمسكه بحقوقه الديمقراطية و ثورته الشعبية التي انقض عليها جماعة الأخوان.... و كما انحاز الجيش للشعب في بداية ثورته ضد مبارك ... انحاز ايضا لخيار الشعب في 30 يونيو برحيل الرئيس المخلوع مرسي.... لم يكن انقلابا عسكريا بأي حال من الأحوال بل خيارا شعبيا و واستكمالا لثورة الشعب التي اختطفتها أيدي غادرة فاشية ونازية.... ما فعله الأخوان في مصر فعلته قبلهم الحركة الإسلامية في الجزائر 1988 عندما فازت في الإنتخابات الشعبية اعلنت قيادتها جهارا نهارا و بكل و صراحة ان الشعب قد اختار الإسلام... و لا توجد ديمقراطية في الإسلام فهذا آخر عهد للديمقراطية في الجزائر ... فما كان من الجيش الا ان قطع طريق وصولهم للسلطة لأنهم ارادوها خلافة اسلامية وليست دولة مدنية... ان من يعتقد ان الأخوان في مصر على حق وأن ما حدث في 30 يونيو هو انقلاب عسكري خاطئ في تحليله و بعيد جدا عن قراءة التاريخ بعين فاحصة.... أهل السودانى أعمق تجربة واكثر فهما وخبرة بالديمقراطية و الإنقلابات العسكرية ... و ما حدث في 30 يونيو 2013 يختلف تماما عن ما حدث في 30 يونيو 1989 ... في 30 يونيو 1989 انقض نفر مغامرون من الجيش بالتآمر مع حزب انتهازي (الجبهة الإسلامية) على الحكم الديمقراطي و لم يخرج نفر واحد لتأيديهم بل فرضوا حظر تجوال وطواريء لأعوام بينما في 30 يونيو 2013 خرج أكثر من ثلاثون مليون مصري للشوارع مطالبين برحيل الرئيس مرسي فانحاز الجيش لهم ...وهذا تماما ما حدث مع جماهير شعبنا في 64 و 85 عندما خرج الشعب مطالبين برحيل عبود و نميري فانحاز الجيش لهم.... من تجاربنا الديمقراطية السابقة ينبغي ان نعي تماما ان الديمقراطية ليست حملا وديعا او كبش فداء لكل من هب ودب من فئة عسكريه مغامره او جماعة سياسية متآمره .... يجب ان تكون للديمقراطية مخالب تحميها من غدر المتآمرين و المغامرين... يجب ان لا ننسى ان هتلر النازي جاء ديمقراطيا وكذلك موسيليني الفاشي ... إلا انهما لبسا لباس الديكتاتورية والعنصرية وضربوا بمباديء الديمقراطية عرض الحائط فماذا كانت النتيجة ؟؟؟ حرب عالمية بلهاء قضت على الأخضر و اليابس... و بعد انقضاء الحرب و جلاء الرؤية عوقب المارقون فحظرت الأحزاب النازية و الفاشية ومنعت من ممارسة السياسة عالميا..... فماذا ننتظر غير حظر مثل هذه الأحزاب التي لا تؤمن بالديمقراطية منهجا للحكم و تتحين الفرص للوصول للسلطة عن طريقها ومن ثم حرمان الآخرين منها... [email protected]