عرفنا هذا الرجل الملقب بالشيخ احيانا و الزعيم احيانا أخري عندما ورد اسمه في قائمة مجرمي الحرب الذين طالبت محكمة الجنايات الدولية بتسليمهم و مازال ملف محاكمته عالقا و قيد البت في تنفيذه ثم رفضت الحكومة تسليمه للجنائية لما يمتلك من معلومات و ادلة قد تورط الكثير من النافذين في الحكم وجاءت به الي الخرطوم و تم تعيينه مستشارا لديوان الحكم الاتحادي ليبقي قريبا من المراقبة الا ان الرجل خيب امال الكثيرين بحديثه المتناقض الذي يشبه اساليب المناورة . اصبح موسي هلال شخصية مهمة لدي الحكومة ابان اشتعال وطيس الحرب في دارفور، حيث استعانت به الحكومة لمواجهة الحركات المسلحة فكان يلقب بالزعيم ¬– زعيم قبلي و زعيم مليشيا الجنجويد ذات السمعة السيئة- فهي المليشيا التي استخدمت لقتل الابرياء و نهب ممتلكاتهم و حرق قراهم و تنفيذ مخططات اجرامية ضد المدنيين في دارفور، و الان بعد انتقال مربع الحرب و انخفضت وتيرتها في دارفور جاءنا هذا الرجل بيقين ان العصابات المجرمة لا تستطيع العيش في الاوضاع السلمية ،فتوجه بكل الياته و افكاره التدميرية صوب ولاية شمال دارفور التي ظلت اَمنة لمدي عشر سنوات إلا في العامين الاخرين بالمشاكل القبلية التي اتضحت لاحقا ان له دور كبير فيها، بل خطط لها تمهيدا لما يصبو اليه الاَن. ليس غريبا ان يتحول شخص من موقف سياسي الي اخر فالسياسة لا تعرف الثبات فهي لعبة المتغيرات و تبديل المواقف بما يلائم و ليس غريبا ان ياتي احدهم و يقدم نقدا لتجربته السياسية و لا نعيب لموسي هلال ان ينتقد النظام الذي هو جزء منه او ان يقدم حلولا للاشكاليات السياسية و لكن العيب- و هو ما يهمنا هنا هو اسلوب التسلق و الالتفاف حول جدالات تفضح كل تلك الافكار النبيلة في علم السياسة، فما معني ان ينتقد رجل دولة في موقع حساس احدي مكونات دولته .اذ لا يمكن سياسيا نسب شعب باكمله لنظام سياسي واحد او شخص واحد. موسي هلال في صراعه مع الاستاذ عثمان محمد يوسف كبر والي شمال دارفور هو صراع سياسي بامتياز و هما ينتميان للحزب الحاكم فهذا امرطبيعي و لم يأخذ منا وقت كبير في التعامل معه لان هذين الرجلين ينتميان لنفس موقع اتخاذ القرار و من هناك يعيين من يعيين و يفصل من يفصل و لا شان لقبيلة البرتي بهكذا شئون و لكن خطاب الشيخ موسي يظهر حقده علي قبيلة البرتي و يستخدم لغة شبه سياسية واخري مبتذلة للربط – بخبث- بين الوالي و القبيلة و لكنه لا يقصد الوالي و هو يعلم من الذي عيينه واليا و يعلم كيف يكلف الولاة و كيف يقالون الا ان عقلية هذا الرجل و حنينه الي ماضيه من ايام الفوضي و الاجرام قاده الي هذه المتاهة فتارة يعلن تمرده علي المركز الذي رعاه و دعمه طويلا و تارة يعترف بتمرد جزئي علي ولاية شمال دارفور و كأن هذه الولاية اصبحت دولة اخري. لسنا بصدد الرد علي كل خطابه الذي سواده الاعظم هو المهاترات و خطاب لا يصدر عن شخص في موقعه كمستشارلديوان الحكم الاتحادي فهل قوله بان نساء البرتي لا يعرفن في المطبخ سوي طبخ البطيخ يعتبر من الخطابات السياسية لرجل دولة و عضو حزب حاكم ونائب برلماني؟ بل هو خطاب لا يحتاج المرأة البرتاوية الرد عليه من الأساس و ايضا قوله بأن البرتي ليس الكيان الأبرز تاريخيا فالرد له و لغيره ليس في الكتابات التاريخية و الانثروبولوجية وحدها و لكن علميا كل جغرافيا محددة المعالم لها تاريخ سواء كان كتب او لم يكتب و مناطق البرتي هذه تحوي تواريخ عديدة و ليس تاريخ واحد من هي اقدم من الحقب المذكورة كالمماليك و غيرها و من سكن تلك الارض يقرأ التاريخ علي الارض من مناجم حديد و نحاس و غيرها و علي جنبات الجبال و قممها و من اراد أن يقرأ التاريخ عليه قراءته في الواقع و ليس في بعض المخطوطات ولا أستدل بأي كتابات تاريخية هنا. و من الواضح ان الرجل ليس له علاقة بالتاريخ. بالرجوع للخطاب مرة اخري نقرأ خطابا لزعيم عصابة يحاول ان يماسك مناصريه و يشحنهم بالكراهية التي هي احدي وسائل الحرب لديه حيث نجد فماذا يقصد بالحكام الفروخ؟ هذا يدل علي غوغائية الساسة بشكل عام فاغلبهم يسيئون للمكونات الاجتماعية و يشتمون الشرفاء و يمارسون ابشع الحروبات ضد الانسانية. و في صراعه مع الوالي كبر ربما فشل في كسب الجولة السياسية فاتجه الي نفس الميدان الذي جعل منه مستشارا لديوان الحكم الاتحادي اَملا في تحقيق طموحه السياسي و بالمقارنة بينه و الوالي كبر و رغم معارضتنا لكليهما نجد ان كبر يجيد ادارة الازمات بحنكة و ذكاء و علي النقيض موسي هلال لا يعرف سوي الحرب و افتعال الازمات و القهر و البطش و لا نعلم لماذا يريد منصب والي لشمال دارفور التي اغلب سكانها من قبيلة البرتي التي يسئ عليها، فهل يريد حربا بين الدولة و شعب البرتي ؟. علي العموم لا يهمنا من يعيين و من يقال و لكن نرفض بكل اشكال الرفض استهداف و استفزاز الحكام لجميع المجتمعات و قبيلة البرتي علي وجه الخصوص و البحث عن المناصب لا ياتي عبر الاسقاطات النفسية و اساءة شعوب باكملها لها اسهامات في كل المجالات و لا يسعنا هنا ذكر اسماء لامعة في شتي المجالات. و نطالب موسي هلال و كل من اراد التسلق السياسي ان يبتعد عن المكونات الاجتماعية وان لايعتبرهم جزء من خصمهم السياسي و الا سوف ينقلب عليك الكل بدلا من الجزء فبدل ان يواجه موسي هلال خصمه كبر و اخوته في المؤتمر الوطني سيواجه كل ابناء البرتي بمختلف تنظيماتهم السياسية و توجهاتهم و في كل مكان و ليس شمال دارفور وحدها لان هذا الرجل لا يعلم كيف انه قد يساعد كبر في ايجاد ارضية مشتركة مع الد خصومه و معارضيه في حكم الولاية و معارضي الدولة ايضا و قد يشكره كبر يوما اذا اراد امتطاء القبلية كسلم للارتقاء السياسي لأن السياسة تشمل جميع المتغيرات الاجتماعية و الاقتصادية و كان من الافضل للرجل الاكتفاء بهجومه شبه الموضوعي علي بعض التنفيذيين و فسادهم او الوزراء كما ورد في تسجيل له نشر بالمواقع الالكترونية بكل وضوح و شفافية منطلقا من مبدا الرشد السياسي و لكن هذه هي طريقة تفكير رجالات الانقاذ في عهد اصبحت الدولة تدار من المنازل و الفلل الفاخرة و بعيدا عن معاناة الشعب السوداني فقط الهم هو الكسب السياسي و الاقتصادي حتي علي جماجم الأبرياء. فالعالم يتجه نحو الوحدة البشرية و القيم الانسانية النبيلة و رجال الدولة في بلادنا ما زالوا يفتتون الوطن النازف جرحه لاكثر من نصف قرن و هذا ليس غريب علي مجرمي الحرب ليضاف الي ارصدتهم الاجرامية من قتل و تطهير عرقي و اغتصاب و نهب و افتعال الازمات بين القبائل. [email protected]