الشباب والفعل الفكري: الكل يدرك صعوبة المهمة التي تم ايكالها للشباب وتحديدا بعد هروب النخب السابقة من مجرد بداية نقد الايدولوجيات المستوردة أو بداية خط مشروع فكري يرتكز على الواقع والإنسان السوداني مما اعدم معه ادني امكانية لتواصل الاجيال، ليستلم الجيل الحالي لراية السودانوية أو الوطن للجميع التي لم ترفع كمبدا اطلاقا وكانت مجرد شعارات ترتديها النخب السياسية عند الملمات. فإذا كان الشباب إلى الآن لم ينتج الايدولوجية الكاملة للسودانوية ولكنه استطاع الوقوف في وجه اكبر قوى مؤثرة على تكوين تلك الشخصية وهو الإسلام السياسي الذي يدعي الحق الإلهي، ثم باقي الايدولوجيات مثل خروج قوى مؤثرة مثلت حركة حق في تباين فكرى بين الواقع وبين الرؤية الماركسية للحل السياسي، اما الديمقراطية التي أصبحت حصان طروادة الذي يتنادي اليه الجميع سياتي وقتها لتفكيكها وإعادة رسمها وفق الواقع السوداني بعيدا عن الفردية البحتة والعلمانية التي تنتهجها الثقافة الغربية. فتلك تعتبر بداية تأكيد على مشروع السودانوية أو الوطن للجميع كقيمة وليس كشعار، ويأتي ذلك بالاعتراف بان كل من هو سوداني هو إنسان كامل بعيدا عن التصنيفات العرقية والدينية وكل القيم والعادات والتقاليد السودانية هي قيم اصيلة تجد التقدير والاحترام إذا اتفقت أو اختلفت مع رؤى الإسلام السياسي العروبي أو مع الثقافة الغربية وخطابها الفكري. إذا ما نعمل عليه عبارة عن تفكيك للايدولوجيات الأخرى الاسلاموية العروبية أو العلمانية والماركسية وردها إلى اصلها كمفاهيم إنسانية تبلورت داخل واقع محدد مما يفسح المجال للايدولوجيا السودانوية التي تعني بالانسان السوداني والقيم السودانية بالنهوض. إذا من أكثر الأشياء التي باعدت بين الشباب الثوري وتحديدا الشباب الحزبي واخرت الثورة هي عدم وجود ايدولوجيا أو رؤية جامعة للكل السوداني تكون غاية سقفها هو الإنسان السوداني بكل قيمه وتاريخية، هذا ما أوجد التباين بين الفكر المسيطر وبين الواقع، فعندما يتحدث تيار الاسلاموعربية عن مفاهيم الخير والشر وتجسيداتها الاجتماعية لا يري الواقع السوداني ولكن يذهب مباشرتا إلى التاريخ العربي ويأتي بامثلة من هنالك لتاكيد تلك المفاهيم، وكذلك عندما يتحدث التيار الغربي بشقيه العلماني والماركسي يذهب كذلك إلى تاريخ الثقافة الغربية ويأتي بامثال تلبي مفاهيمه. ما نريد ان نقوله ان تلك الايدولوجيات المتقاطعة لا توحد الشباب الثوري وتاثر بالتالي على حركة الشارع وتربكه فلا يدري من يتبع، ونري ذلك بين المعارضين في موقف الصادق مثلا أو حديث الترابي بين الفينة والاخرى عن الشريعة الإسلامية، وكان التأكيد على عدم مبدئية المعارضة عند رضوخها لعفو من عمر البشير وهروبهم من موقفهم من المذكرة التي وقعتها المعارضة مع الحركة الشعبية (ش) والتنصل من ذلك التوقيع. كل ذلك يدفعنا إلى مواصلة نقد رؤى الثقافات الأخرى العربية والغربية وتوضيح ان لا وجود لما يسمي الفعل الإلهي الخالص أو كما اسميه قيم الخلاص الإلهي للإنسانية فكل القيم عبارة عن قيم اجتماعية انتجتها المجتمعات لتلبية حاجاتها تاريخيا (فقيم الخلاص تكمن في المعني وليست في المبني كما استوعبت جماعات الإسلام السياسي والرؤية العربية وهذا موضوع اخر)، وكذلك لا وجود للقيم العلمية فالحياة الإنسانية تختلف عن حياة الطبيعة التي اخذت كمقياس من جانب الثقافة الغربية (فردة الفعل الإنساني تختلف عن ردة الفعل الطبيعي في الكم والكيف ولكل اسبابه وهو أيضا موضوع اخر). فعلينا الرجوع إلى الإنسان السوداني والقيم السودانية والاحتفاء بها كقيم اصيلة ومعرفة الدور الذي تؤديه داخل المجتمع إلى ان تكتمل الرؤية السودانوية. الشباب والحراك الثوري: رغم الحراك المتواصل من قبل الشباب من اجل انجاز الثورة السودانية الا انه لم يصل إلى الحد المامول إلى الآن، وينقسم الشباب إلى اثنين جزء منهم داخل التنظيمات السياسية والتي عجزت حتى على ايجاد دور للشباب داخلها، اما اغلب الشباب فقد أصبح خارج تلك المنظومة التي اضحت لا تلبي الحد الادني من الطموح، وبالتالي اتجه ذلك الجزء إلى تكوين منظومات خاصة بهم مثل قرفنا والتغيير وغيرها ولكن للاسف لم يكن لها هدف فكري محدد وسعت فقط إلى اسقاط النظام باعتباره يمثل كل المساوئ مما حد من دورها المفترض واخذت مبدا المصادمة دون ان يكون لها امكانية لذلك وهو ما أدي إلى احباطها جزئيا واحساسها بانها تناضل وحدها في الساحة. كل ذلك قادها في الاخر إلى انتظار خروج الشارع فقط والمساهمة معه في حركته تلك دون ادراك بان حركة الشارع هي حركة لحظية وليست مبدئية، فعلي تلك الحركات قيادة معركة الشارع والتحرك قبل المجتمع وفق اهدف محددة بمراحل محددة تقود في الاخر الى التماذج الكامل بينها والمجتمع. وليحدث ذلك على الشباب الثوري ترك التجاذبات التي ترجع إلى الاختلافات الايدولوجية أو المعرفية إلى مابعد اسقاط حكم المؤتمر الوطني والسعي نحو انشاء تيار جامع لكل الحركات الشبابية وشباب التنظيمات السياسية تحت راية السودانوية حتى لا يزايد احد على الاخر. وعلينا توصيف عدو الشعب اللحظي في المؤتمر الوطني والمتحالفين معه، اما كل من خرج من المؤتمر الوطني واعترف بحق الآخرين في الاختلاف والمساواة فهو عدو سابق يحاكم بعد اكتمال الثورة على فعله الشخصي اما الآن فهو مثله مثل الآخرين نترك له حرية الحركة فإذا لم يفيدنا لن يضرنا مثل جماعة غازي أو الحركة الوطنية للتغيير أو غيره، فكل أولئك تأكيد على سيرنا في الطريق الصحيح فعلينا مواصلة المسير دون الالتفات لهم. نؤكد إذا على انه لا يمكن للشباب الامساك بزمام الامر والمبادرة دون توحد الحركات الشبابية كافة والنضال باعتباره مبدا، أي ليس التخطيط للشارع في كيفية الخروج ولكن خروج تلك الحركات بكل فئاتها بالتنسيق مع شباب الأحزاب السياسية، ويكون ذلك باعتصامات مؤقتة مثلا داخل دور الأحزاب المعارضة والاستمرار في رفع الشعارات التي تهم الشعب السوداني مثل الغلاء أو الثراء الفاحش لعضوية المؤتمر الوطني أو رفع صور لشهداء الثورة السابقة في كل التجمعات العامة دون اخلال بتلك التجمعات، فما لا نحبذه هو مبدا الانتهازية الذي يقوم على استغلال المناسبات وتحويلها إلى صدام مع المؤتمر الوطني دون اتفاق مسبق مثل الحفلات العامة لعقد الجلاد وابوعركي مثلا أو المنتديات وغيرها، مما يتهيب قطاع كبير من الاسر من الحضور مخافة حدوث ذلك ونكون قد اخرنا انضمام قطاعات كبيرة إلى الثورة نتيجة لمفهوم الهمجية والاستغلالية ولم نكسب كثيرا في صدامنا مع المؤتمر الوطني. وهنالك الكثير من الأفكار التي يمكن ان تطرح عندما تجتمع الحركات الشبابية مع بعضها البعض لتنسيق الحراك الثوري. ومعا من اجل وطن يسع الجميع [email protected]