لم أفهم سبب هذا الاحتفاء بإقالة د.غازي وآخرين من حزب المؤتمر الوطني الحاكم ودعوته لتكوين حزب جديد فهل متوقع أن يحدث هذا أمرا جديدا في الساحة السياسية فإن أخرج فقد خرج أو أخرج شيخهم الذي علمهم السحر من قبل والقوم هم القوم لم يتغير منهم شيء فلماذا هذه الضجة وهل د.غازي آت بما لم يستطعه شيخه....وهل هومؤهل للقيام بأي دور أم تنطبق عليه مناقص فاروق ابوعيسى !! ثم بالنظر الى جوهر الصراع هل حقيقة هناك ما يختلف حوله بمعنى انهم يختلفون في الأصول أو حتى في الفروع – تابعت د.الدعاك عبر قناة النيل الأزرق حاول جاهدا أن يؤدلج خلافهم مع حزبه الأصل فلم يفلح -وهل يمكن أن يفهم الأمرعلى انه فصل جديد من فصول ملهاة أو مأساة السجن حبيسا والقصر رئيسا أو أنه موسم تجديد الحية لجلدها واعادة التدوير (recycling)أو الغرض شغل الناس بما لاينفعهم. وضح أن المؤتمر الوطني أتقن اللعبة التي يلعبها المرشد(الولي الفقيه) في ايران فقد قسم أتباعه الى محافظين واصلاحيين ومستقلين ويرخي لهم الحبل فيمرحوا ويستخدم مجلس صيانة الدستور لمنع او السماح لمن يريد الترشح كما منع مجلس صيانة الدستور رفسنجاني من الترشح في الانتخابات الأخيرة وفي النهاية القوم هم القوم .. أمرآخركانت تضحكني الاحتفالات والسرادق التي نصبت للمفرج عنهم فيما سمي بالمحاولة الانقلابية وكذا الاحتفاء المبالغ فيه برموزها في الإعلام فاذا كان كل هؤلاء معجبون بالانقلابيين فمن هم الذين مع المنقلب- بفتح اللام- عليهم ؟؟؟؟ وإذا افترضنا أن المؤتمر الوطني يملك وسائل الاعلام كلها وانه متضرر من هؤلاء القوم فلم تشرع لهم الأبواب وتجدهم في كل قناة وتحت كل صحيفة..وللحديث بقية جبهة - وطني - شعبي- سائحون وبالعكس 2 ذكرنا في السابق أن تنظيم الجبهة الاسلامية القومية بكافة مسمياته وتشكيلاته وتشظياته السابقة واللاحقة أتقن الطريقة الإيرانية التي جعلت (الولي الفقيه ) يقسم اتباعه الى معارضة وحكومة وان هذا كان هدف التنظيم الاستراتيجي أن يكون هو كل شيء في الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي والرياضي السوداني فعلى الرغم من انهم سعوا لتفتيت وتقسيم واختراق الاحزاب والجماعات السودانية فقد حرصوا أن يكون لديهم نسخة من هذه الاحزاب تتبع لتنظيمهم وان يكون لهم في كل تيار (عود) كما نقول في عاميتنا. فتمعن حولك ستجد انهم هم الجيش والانقلابيون والحزب الحاكم (وطني) والحزب المعارض (شعبي) والجيش والحركة المتمردة(العدل والمساواة) والسلفيون (تيارعبد الحي) والصوفية- وهم قد خلقوا وأحيوا بيوتات صوفية تنافس الزعامات القديمة في هذا يمكن ان تتمعن في ظاهرة الشيخ البرعي وود العجوز وحتى شيخ الأمين- وستجد ان لديهم لبيراليون وتكفيريون(بعض اتباع محمد عبد الكريم) وتنظيمات وتيارات كالحركة الإسلامية ومنبر السلام والسائحون حتى انتخابات اتحاد الكرة خلصت الى التنافس بينهم (شداد ومعتصم) ورئاسات ومناصب اندية موزعة بينهم جمال الوالي في نادي المريخ والكاروري وكرار التهامي في نادي الهلال. وحرصوا أن تقوم تنظيماتهم بدورالمعارضة واحتكاره قبل الآخرين لتمكنهم من السيطرة عليهم وقد لمسنا هذا ايام الدراسة حيث كان طلاب الاتجاه الاسلامي مسيطرين على معظم الاتحادات والجمعيات الطلابية فاذا حان وقت الانتخابات انبرى أحدهم قبل الآخرين معددا مثالب وأخطاء اتحادهم أو جميعتهم فيسقط في أيد من عارضوهم ويفوزون بدورة جديدة. لتنفيذ هذه الاستراتيجية وهي أن يكونوا كل شيء سيطروا على الإعلام بصورة كاملة فهم يملكون كل الصحف وكل القنوات وان ادعت الحياد والاستقلالية ،وكل كتاب الرأي الظاهرين والمؤثرين هم من تنظيمهم او ممن كانوا في تنظيمهم لذا أعجب ممن يحتفي بما يكتبه عثمان ميرغني أو الأفندي أو د.الطيب زين العابدين وحتى ماينشر عن الفساد وانتقاد السياسات فهو من المسموح نشره وربما ملكتهم الأجهزة المعنية الوثائق فاذا تجاوز الحد كان مصيرهم كمصير مير موسوي المرشح الرئاسي القابع في السجون الايرانية وللحديث بقية ،، جبهة - وطني - شعبي- سائحون وبالعكس 3 ما أشرت إليه في الحلقات السابقة، وأود التركيز عليه مرة أخرى، أنني لا أرى أي سبب يدعو للاحتفاء بالانشقاقات التي تحدث في حزب المؤتمر الوطني. وهو ما أشرت اليه في الحلقة الاولى. لان الامر حتى لو لم يكن مدبراً فانه ليس بضار المؤتمر الوطني كثيرا، وانما هو تمدد لجناح من اجنحته في مساحة الأحزاب المعارضة. وما ذكرته من فسلفة النظام الحاكم؛ أنه يسعى لتكون كل التنظيمات حاكمة أو معارضة منه، أو من تياراته المنشقة، مثال لذلك: 1- في التظاهرات الاخيرة؛ سمحت الحكومة لما يسمى بتحالف القوي الوطنية والاسلامية (الطيب مصطفى وصهره امين بناني) بالخروج في مظاهرة من مسجد الخرطوم بحماية الشرطة. ومن الطريف انهم قدموا مذكرة للحكومة عابوا فيها عليها انها مزقت البلاد. 2- ظهرت في الآونة الأخيرة مايسمى بالحركة الوطنية للتغيير، وضمت من منتسبي تنظيم الجبهة الاسلامية السابق، على سبيل المثال، كل من؛ د.الطيب زين العابدين، والافندي، والتجاني عبد القادر، وحسن مكي، وآخرين. أليس كما ذكرت ان القوم يسعون ليكونوا هم المعارضة والبديل القادم لهم؟ والتكتيك المستخدم؛ أنهم يسعون لتبرئة ما تسمى بالحركة الاسلامية من تجربة الإنقاذ وتوجيه النقد للانقاذ كتجربة سياسية ولقادتها الحاليين ككبش فداء_كما كتب د.ابراهيم الكرسني في مقالاته بعنوان القوة الناعمة- كأنما هذا الانقلاب قامت به جهة غير معلومة، وكل من يخرج أو يُخرَج –بفتح الراء- يحاول أن يؤدلج خلافه، ويدعي أنه خرج من أجل خلافه معهم حول الحريات والديمقراطية، كما ادعى المحبوب عبد السلام، ذلك في كتابه (الحركة الإسلامية السودانية، دائرة الضوء..خطوط الظلام). الخلاصة من هذا؛ لابأس من معارضة وتكوين تنظيمات أو حتى مظاهرة او انقلاب ما دام الأمر من أبنائنا. في هذه الفقرة، نلقي الضوء عن انشقاق المؤتمر الشعبي، وأركز على ماذا تضرر المؤتمر الوطني من انشقاق الشعبي؟ في رأي المتواضع؛ أن د.الترابي كان ينقذ نظامه الذي بناه بانشقاقه عنه، حيث: 1- مدد في عمر نظام الانقاذ بخروجه عنه، وقاموا بحملة تسويقية لنسخة جديدة معدلة من الانقاذ عن طريق مصر – التي خدعت للمرة الثانية - مدعين أن الترابي كان وراء كل شر في العشرة سنوات الماضية (1989—1999). 2- واستغل الترابي بعده عن العبء التنظيمي، فوقع مع الحركة الشعبية مذكرة تفاهم في جنيف فبراير 2001م، وافقت على حق تقرير المصير، وهو بذلك يمتص على اهل المؤتمر الوطني اللغط الذي يمكن أن تثيره خطوة كهذه من قبل قواعد حزبه، ليوقع المؤتمر الوطني برتوكول مشاكوس في 2002 المتضمن الموافقة على حق تقرير المصير. ووقع المؤتمر الشعبي على اتفاقية مع الحركة الشعبية في القاهرة 2003، تضمنت نفس بنود اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في 2005 3- كسر الترابي اجماع المعارضة، التي دعت لتأجيل الانتخابات أو الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، أو مقاطعتها، حيث رفض تأجيل الانتخابات وحل مفوضية الانتخابات وتكوين حكومة انتقالية، وأعلن مرشحا من حزبه لرئاسة الجمهورية. والعجيب أن مرشح حزبه الذي اعلنه كان من ابناء جنوب السودان. بمعنى انه إذا لم يخصم من أصوات الجنوبيين المصوتين لسلفاكير فلن يضر البشير. 4- استفاد د.الترابي بعد فك القيد التنظيمي، وجاهر بآرائه التجديدية المثيرة للجدل، من انكار عودة المسيح، وامامة المرأة، وغيرها، والتي كانت مستترة وبين خاصته فقط. أما ما يجري في دارفور؛ رغم أن ما حدث في دارفور له مسبباته، من صراع حول الموارد، وصراع اثني، وتدخل أجنبي، إلا أن هذا الصراع في اعتقاد قادة تنظيم الجبهة الإسلامية، أنه لم ولن يضرهم، هذا قبل أن تفلت الأمور. فالذي حدث أن الجبهة الاسلامية لم تحصل إلا على مقعدين مقابل 38 مقعد لحزب الأمة في انتخابات 1985، رغم ما كان تعوله الجبهة الإسلامية على الاقليم، حيث كان معظم طلاب دارفور ينتمون اليها، بل معظم قياداتها ورؤساء اتحاداتها في الجامعات من اقليم دارفور. فلا توجد طريقة للسيطرة على نفوذ حزب الأمة في اقليم دارفور –الأعلى ديموغرافية بعد العاصمة- إلا بتوجيه ولاء أهل دارفور الى قبائلهم، والى الاهتمام بقضايا اقليمهم ومطالبهم بعيدا عن الأحزاب، وقد نجح المخطط!! ولك ان تتمعن؛ هل من المصادفة ان تنطلق شرارة التمرد بدارفور على يد داود بولاد الحركي الاسلامي رئيس اتحاد دورة 74-75 بجامعة الخرطوم- الذي كما قال عنه الكرنكي أنه أوتي مزمارا من مزامير ال داؤود- الى ان وصلت الى د.خليل ابراهيم ولازال يحمل جمرتها د.جبريل ابراهيم الكادرين الاسلاميين . [email protected]