بسم الله الرحمن الرحيم أذا فطن القابضيين على زمام السلطة فى الحكومة السودانية من الحزب الحاكم فأن نواقيس الخطر تحاصرها من كل جانب , فيجب عليها الرحيل أو الأنتحار السياسى لهم ولما تبقى من حزبهم, كما سبقهم رفيقهم الرئيس المصرى السابق مرسى والذى راهن بخلايا حزبه لمواجهة جيش دولة هو يعلم تمام العلم قوته, قبل أن تعرفه الدول الأخرى وتصفه بأنه من أقوى الجيوش فى المنطقة من ناحية مؤسسيته. أحاول سرد بعضا من نواقيس الخطر التى دقت فى الآتى : أولا : ناقوس الخطر من داخل حزبهم : تمثل هذا الناقوس منذ فترة ليست بالوجيزة الى أن وصل الى ما وصلت اليه اليوم وهى حسب التسلسل : (1) أزاحة مدير الأمن والمخابرات السابق صلاح قوش من منصبه وأحالته لمستشارية بالقصر حتى يكون تحت المجهر. لكن أوكل أليه ملف التفاوض واستقطاب المعارضة. وحينما نشط فى المهمة وتم التشكيك فى أنه يلعب صالح ورقه لخلافة البشير. أحيل الى تهميش آخر وصل به حد أتهامه بالمشاركة فى محاولة أنقلابية. وللمطلع على مجريات الأمور فأنه ما زال يشكل خطورة بأذرعه داخل الأجهزة الأمنية. وجاهل من يعتقد أنه أيام توليه لمنصب مدير الأمن والمخابرات يتحسب لمثل هذا اليوم طيلة فتره جلوسه على المنصب . حيث أنه أدرى برفاقه وصفاتهم فى الغدر والبطش للمخالفين من حزبهم , ولم يسلم من بطشهم حتى شيخهم الذى علمهم السحر ناهيك عن صلاح قوش. تعيين صغار الضباط من رائد ونقيب وملازم وملازم أول تم على يد صلاح قوش . وهؤلاء من أخطر الرتب لرغبتها الشديدة فى المغامرة والتسلط بحكم عامل السن وطبيعة العمل. وليسلم المؤتمر الوطنى من شره تم تدجينه وحبسه وتهديده حتى بالتصفية , وأخيرا منحه العفو والمعذرة حتى يأمنوا جانبه. (2) أنقلاب ود أبراهيم ومن معه من مجاهدى الحزب الحاكم الأشاوس , وتم العفو عنهم حتى يكون للحزب الحاكم دين عليهم, بدلا أن يلحقوهم بال 28 ضابط الذين تم أعدامهم فى شهر رمضان الكريم. وأن يلحقوهم بالذين رفعوا عصا الطاعة مثلا الشهيد بولاد , ومصيره الذى ما زال وصمة عار فى جبينهم. وغيرهم ممن حامت الشبهات حول تصفيتهم نسبة لقوة شكيمتهم كيلا تعيق مسيرة الفساد والأفساد والتى أودت بنا الى هذا الدرك من الأنهيار الأقتصادى والسياسى والأمنى والأجتماعى. (3) الأبتعاد المبكر من حوش حزبهم لقامات قيادية لها تاريخ فى النضال فى حزبهم ومفكرين من أمثال د. الطيب زين العابدين ود. حسن مكى . (4) أنشقاق ما يسمى بالأصلاحيين مثل مجموعة د. غازى صلاح الدين والضرب بالحائط لكل نضال بذلوه من أجل حزبهم من أيام الدراسة بالجامعات مرورا بمشاركتهم الفعلية بما سماه نظام مايو بالغزو الأجنبى منتصف السبعينيات , حيث كان بعضا من أعضاء ما يسمى بجماعة الأصلاح ممن تدربوا مع جيش المعارضة فى أثيوبيا وليبيا. والناقوس الأخطر من ذلك أعلانهم تكوين حزبهم مما أكد الأنشقاق الذى فاق أثره أنشقاق القصر والمنشية فى أواخر التسعينيات. (5) أنشقاق قيادات فكرية وأنضمامها للمبتعدين الأوائل من أمثال د. الطيب زين العابديدين وتكوين ما يسمى بجبهة التغيير , منهم من اعلنها صراحة دون خوف أو وجل أمثال د. محمد محجوب هارون ومنهم من ينتظر اللحظة المناسبة للقفز الى جبهة التغيير , وهؤلاء عدد لا يستهان به فى مرحلة عدم التوازن والمفاضلة بين الجلوس على مناصبهم أو التحول للمسطبة الأخرى ومنهم من يخاف سطوة وبطش أخوانهم فى الحزب. ومن هؤلاء رجال سبقتهم النساء فى عدم الخوف مثالا لا حصرا سامية هبانى, عواطف الجعلى ود. عائشة الغبشاوى. وسبقتهم حتى عجائز النساء من قيادات بارزة أفنت شبابها فى خدمة الحزب مثالا د. سعاد الفاتح . (6) الكثير من كوادر الحزب ما زالت تنتقد من داخل الغرفة المغلقة للحزب والدليل الأجتماعات الليلية الراتبة والتى حسب ما أوردت الصحف أنها تنهى مع ساعات الفجر. مما يدل على أنها لم تسطع الوصول الى أتفاق بين ركاب السفينة. (7) أتهامات القائمين على الشأن الأقتصادى والتى ظهرت علانية فيما سمى بورشة العمل التي نظمتها الدائرة الاقتصادية بأمانة المرأة بالمؤتمر الوطني الأسبوع الماضي حول "ضمانات نجاح البرنامج الثلاثي". لقد فصل الكاتب خالد التيجاني النور أتهاماتهم للقابضين على زمام الأمور فى مقال منشور بالراكوبة , وأكبر الأتهامات وجهها د. صابر (أجاد خالد التيجانى النور وصفه بأنه من بين أهم مهندسي "البرنامج الثلاثي الإسعافي للإصلاح الاقتصادي") فى المؤتمر الأقتصادى أن الحكومة نفذت جزء من البرنامج الثلاثى لأنقاذ الأقتصاد وهو المختص بحلب ما تبقى فى شطر أم المواطن, وأهملوا الشق الآخر والأهم فيما يختص بتقشف الحكومة. ومهندس آخر للبرنامج الثلاثى ذكره الكاتب خالد التيجانى النور وهو الدكتور حسن أحمد طه, أمين الأمانة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني ووزير الدولة بالمالية سابقاً, والذى ذكر فى الورشة المشار اليها أن الأقتصاد تعرض لثلاثة هزات كبيرة صاحبها مضاعفة الأنفاق الحكومى تسع مرات. وتصريحه هذا ربما طمعا فى كرسى العواسة بديلا لعلى محمود والذى ترددت الأخبار بأنه سوف يتربع عليه . وسوف لن يصبح شاذا عن قاعدة (الفى البر عوام) ويكذب من يعتقد أنه سوف يمس الأنفاق الحكومى والذى صرح بأنه تضاعف تسعة مرات فى ورشة العمل المذكورة. الأتهامات وردت من اشخاص من داخل السفينة الحكومية والتى دقت أجراس الخطر عليها. ثانيا : ناقوس الخطر من المعارضة السودانية: ومهما أختلفت مقترحات اسقاط النظام , ألا أنها أتفقت جميعا (تحالف معارضة ومن خرج منه وجبهة ثورية حاملة السلاح)على أمر واحد وهو أزاحة ما تبقى من المؤتمر الوطنى من السلطة. وأصبحت تقيم ندواتها على عينك يا تاجر , واصبحت الحكومة وحزبها الحاكم مثل الديك الذى (يعوعى) فى أصلاح ما بداخله (وبصلة طبخه تحت التحمير) ولا يدرى أن أوان دخوله لمرافقة البصلة فى الحلة قد اقترب. ثالثا : ناقوس الخطر من الأحتجاجات والمظاهرات من الشارع (دون تنظيم سياسى) : نزعت أحتجاجات وأنتفاضة سبتمبر حاجز الخوف من المواطن وحتى الأعلام بدأ بالأنتقاد المباشر والمجاهرة به دون خوف أو وجل, وأطلاق سراح الصحفى بهرام بعد أنتقاده وسؤاله المباشر والذى أربك المنصة ومن عليها ومن كان على شاشات التلفزيون ومراسلى الصحف, رسالة للصحافة والأعلام بداية الدخول فى مرحلة جديدة لم يسبق له أن رأى مثلها طيلة جلوس زمرة الأنقاذ على سدة الحكم. القادم من الأحتجاجات سوف يتناسب وحدة تنفيذ بقية الأجراءات وما يسمى بحزم الأصلاح والتى بشر النائب الثانى د. الحاج آدم بحزم منها آتية أعنف على المواطن وتمس أبسط أحتياجات معيشته ليبقى هو وأسرته على قيد الحياة ناهيك عن تعليم وصحة والتى سوف تصبح مع حزم النائب الثانى من الرفاهيات. وحدة الأحتجاجات سوف تكون متماشية مع حدة أثر هذه الحزم على المواطن. ما طبق سرا من أجراءات أوضحتها نائبة بالبرلمان متمثلة فى تغيير سعر صرف العملة لتغطية أهم الأحتياجات من بينها الأدوية. ما تواجهه المطاحن مستوردى الدقيق , والتى ذكر فى تقرير فى الصحف المحلية أن بنك السودان عجز عن توفير عملات لسداد ألتزامات على هذه المطاحن وصلت مبلغ ال 280 مليون دولار. مما أرغمها على تقليص كميات أستيرادها بنسبة كبيرة أثرت على نقص كمياتها للمخابز (حسب تصريحات اصحاب المخابز للصحف المحلية) الى أقل من 50% من الكميات المعتادة فى السابق لكفاية طلب السوق من الخبز. والحكومة ممثلة فى ولاتها وموظفى وزارة ماليتها تعزف على وتر لحنه نشاز أسمه أوزان وتسعير الخبز ولحن يصم الاذان أسمه تدريب الخبازين وعمال الأفران وكأن المشكلة متمثلة فى جودة الخبز. وهذا أن آجلا أو عاجلا سوف يؤدى الى ثورة الجياع والتى ما قامت ثورة جياع فى كل أنحاء العالم سواء فى التاريخ الحديث أو القديم ألا وانتصرت على باطشيها. رابعا : ناقوس الخطر من العالم الخارجى: (1) القرارات الأممية المفروضة على الحكومة كحكومة وأفراد وهى معروفة للجميع . (2) حكومة المؤتمر الوطنى أصبحت كالتى(غلبها راجلها ومشت تأدب حماها) , وتمثل ذلك فى تصريحات حركتها الأسلامية وبعض منظماتها ووقوفها ولو أعلاميا مع الرئيس المصرى المقال مرسى, بالرغم من تصريح الحكومة أن الموضوع شأن داخلى يخص المصريين, ألا أن كل المؤشرات تدل على عمل الحكومة ولو من خلف ستار للوقوف مع أسلامى مصر فى محنتهم . (3) من تداعيات هذه الوقفة مع اخوان مصر التحذير المغلظ الذى أطلقه الملك عبد الله ملك السعودية قبل الحج بايام عند زيارة الرئيس المصرى , وتصريحه أن المملكة سوف لن تسمح لأى من كان بالتدخل فى الشأن المصرى, الكلام واضح من هو المقصود. وجرت العادى فى تصريحات المملكة العربية السعودية وعلى لسان ملكها أن تكون التصريحات معتدلة وناعمة وأن كان بها بعض التغليظ يكون مغلف بصورة غير مباشرة. (4) نشر اليوم خبر طرد السفير التركى كرد فعل لتصريحات حكومته فى المنابر الدولية وتشكيك الحكومة المصرية فى عمل سفارتهم السرى مع الأخوان المصريين سرا. وهذا يضع سفير السودان وبعثته فى القاهرة (ونشاط البعثة معلوم ومرصود وتداولته بعض الصحف المصرية أواخر أيام الرئيس مرسى) فى آخر الممر أستعدادا للرحلة القادمة بعد رحلة طائرة السفير التركى. (5) وقوف كل الدول العربية ضد المد الشيعى وعدم أرتياحهم للعلاقات السودانية بالحكومة الأيرانية وما يتردد أخيرا بخصوص قاعدة ايرانية على الأراضى السودانية على البحر الأحمر جارى العمل على أقامتها. باستثاء دولة قطر والتى تقف بمالها وأعلامها ممثلة فى قناة الجزيرة للوقوف مع التنظيم العالمى للأخوان المسلمين والذى تمثل حكومة الخرطوم أهم أذرعه لتأدية الأدوار الخبيثة فى المنطقة. وهذه تم أعلانها على لسان قيادات عليا فى الحكومة بالتدخل المباشر والسافر فى الشأن الليبى وهذا مثالا لاحصرا فهناك تدخلات للحكومة السودانية فى شؤون دول أخرى تحقيقا لأهداف التنظيم العالمى للأخوان المسلمين. والمتتبع لأنشطة الدبلوماسية السودانية بالخارج يدرك تمام الأدراك أنه أن آجلا أو عاجلا سوف يفقد السودان علاقات مع دول لها وضعها الأقتصادى المميز وأسهاماتها المرجوة لدعم الأقتصاد السودانى فى المدى القريب أو البعيد, بسبب نشاط البعثات الدبلوماسية الغير معلن والمتخبىء تحت مظلة الدين والأخوة فى الأسلام ومظلة السلك الدبلوماسى . خامسا : ناقوس خطر أستحالة قبول الحكومة للحلول السياسية كمعبر لحل الأزمات وعلى قمتها الأقتصادية: أكد المتخصصين فى الأقتصاد أن الأزمة الأقتصادية نتاج طبيعى لتخبط القرارات السياسية والتى تمثلت فى أشعال نيران الحرب فى معظم أنحاء البلاد (دارفور , النيل الأزرق , جنوب كردفان والشرق) أعتقادا من نافذى الحكومة أن الحسم سيكون عسكريا متجاهلين أن الحل السياسى كان من الممكن أن يكون الأقصر فى بدايات أشعال النيران . أما الأن سوف تكون فاتورة الحل السياسى باهظة الثمن على الحزب الحاكم حيث أجمعت كل القوى السياسية (بما فيها من كانوا أعضاء قياديين فى المؤتمر الوطنى) بأن جلوس ما تبقى من المؤتمر الوطنى على سدة السلطة هو أزمة فى حد ذاته, وأن تبادلوا الكراسى وأدخلوا لعيبة جدد من الشباب فى التشكيلة الوزارية الجديدة. لا أعتقد أن القابضين على زمام السلطة ومستشاريهم لا يعلمون ما أوردت بعاليه. وبالرغم من كل نواقيس الخطر أعلاه ما زالت الحكومة سادرة فى ممارساتها وسوف لن تفهم أن عزوفهم وتمنعهم عن الحلول السياسية سوف يزيحهم عن المسرح السياسى وليس عن السلطة فقط بصورة ناعمة أو خشنة. وسوف يدركون ذلك صباح الغد بعد وقوع الفأس فى الرأس وحسب تقديرى أن الفأس قد لامست الرأس. يوسف محمد الطيب [email protected]