إن الذهب لا يصدأ ولا تزيده النيران الملتهبة إلا لمعاناً وبريقاً. إن الريح مهما كانت عاتية وقوية فلن تهز تلاً ناهيك عن جبل يستند على قاعدة من رجال كالأسود. لقد تساقط الإنتهازيون من أحزاب الفكة ومن المتسلقين على أكتاف غيرهم ليحققوا ما لا يستحقونه من مجد وثروة مالية ومكانة إجتماعية. الآن وأنت الشاهد على ما آلت إليه حالة الحكم في البلاد. إنها ورطة لا يعرفون كيفية الخروج منها. وبما أن الإنقاذيين هم غلاة الميكافيلية في أرض الله فإنهم لا يرضون إلا أن يلوثوا كل الشرفاء من أمثالك صعبي المراس. يحاولون عرض مشاركتهم في الحكم بدعاوى حق أريد بها باطل وأنت سيد العارفين. مشاركة هي أم تبعية كما تفعل الأحزاب المشاركة الآن معهم. الجبهة الإسلامية بمسماها الجديد المؤتمر الوطني فشلت فشلاً ذريعاً أن تزرع الأمل حتى في منسوبيها وقد عبّر الشعب السوداني عن رأيه في الحكم بوضوح لا يحتاج لجراح مخ لشرحه. كان الأمل في الحزب الإتحادي الديمقراطي (الميرغني) ولكن يبدو أنه الأمل في هذا الحزب كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء. على الأقل في قيادته. فالجماهير ما زالت صامدة وقابضة على الجمر ولكنه حزب الرجل الواحد ولا يستطيع كائن من كان أن يفعل فيه شيئاً دون موافقة مولانا. راحت هباءً منثوراً كل التوصيات بالإنسحاب من الحكم وترك الجمل بما حمل للمؤتمر الوطني ليتحمل أوزاره لوحده لكن طعم السلطة ورائحتها منعت الحزب الإتحادي من الإنسحاب من حكومة المؤتمر الوطني وسيكون مسؤولاً معهم كالند سواء بسواء. الأمل دوماً في المحامين والقضاة والمهنيين من الأحزاب المعارضة. وكانت أمانة الحزب الإتحادي الديمقراطي المشاركة في تجمع المحامين الديمقراطيين رأس الرمح مع غيرها في تصويب أمر نقابة محامي السودان. لكنهم خذلوا جماهيرهم قبل أن يخذلوا حلفائهم وانسحبوا من التجمع. وهكذا لم يبق إلا حزب الأمة الذي يعتبر عظم الظهر للمعارضة ومعه الشرفاء من الأحزاب الأخرى التي تقاتل بشرف وهي مكتوفة الأيدي من جراء التعسف الديكتاتوري الذي تمليه السلطات على الجميع إلا منسوبيهم. مشاركتكم في الحكم مع المؤتمر الوطني لن تزيدكم طولاً ولا عرضاً، بل ستكون وبالاً على تاريخ الحزب النظيف حتى الآن خلال ربع القرن الماضي. لقد إنقضى الكثير وتبقى القليل ليقضي الله أمراً كان مفعولا. فلا تشاركوا في الحكومة مهما كانت المغريات. هذه حكومة نظام آلي لكل دور يقوم به وليس هنالك دول لدخيل قادم جديد. ستكون ترساً جديداً في مكنة غير قابلة للصيانة. فأرجو ألا تلدغ من هذا الجحر مرتين. يكفينا المشاركة في الإتحاد الإشتراكي السوداني النميري. حياك الله. [email protected]