بعد أن كثر الحديث عن برنامج " مع حسين خوجلي " في قناة أمدرمان ، راودتني نفسي – الأمارة بالسوء – بمشاهدة البرنامج ، ففعلت . شاهدت برنامج " مع حسين خوجلي " ثلاث مرات ، وفي كل مرة لم تزد مدة المشاهدة عن ( 10 ) دقائق . في المرة الأولى : كان حسين خوجلي يحكي قصة عن الصحابي الجليل ( عبد الله بن مسعود ) ، وكان يقول ويكرر أكثر من مرة ( عبد الله بن أبي مسعود ) ، ولا تعليق . في المرة الثانية كان يناقش قضية بعض الأشخاص المحبوسين على ذمم قضايا تتعلق بالشيكات المرتدة ( الطايرة ) ، ومن بينهم من هو محبوس بسبب شيك بمبلغ (500) جنيه . استنكر حسين خوجلي ذلك وطلب من أهل الخير دفع المبلغ وإطلاق سراح السجين ، وهي دعوة حميدة وعمل خير لا غبار عليه ، لكن حسيناً عاد وقال مخاطباً مدير السجن ( لماذا لا تدفعها أنت يا فلان ؟ ) ، ما أغرب هذا الطلب !!! وفي أي عالم يعيش حسين خوجلي ؟ وما ذنب مدير السجن وهو موظف دولة يؤدي مهامه ليقوم بدفع المبلغ ؟ وهل تظن يا حسين خوجلي أن هناك موظف دولة ليس له إلا راتبه ، يستطيع أن يدفع هذا المبلغ من راتبه مهما علت درجته الوظيفية ؟ وإذا كانت هنالك أكثر من حالة أو تكررت ، هل يقوم مدير السجن بدفعها جميعاً ؟ ثم لماذا لا تدفها أنت يا صاحب القناة ورجل الأعمال ؟ هذا هو المنهج المعوج الذي هوى بنا إلى أسفل سافلين والذي ينتهجه حكامنا ومن تربي في كنفهم من أمثال حسين خوجلي . كان الأجدر بصاحب البرنامج أن يناقش أساس الموضوع على مرحلتين ، الأولى هي مناقشة القانون الذي أدخل هؤلاء القوم السجون ، وبإشراك كافة الجهات ذات الصلة مثل وزير العدل / النائب العام ، القضاة ، نقابة المحامين ... إلخ ، وفي حال عدم إمكانية تعديل القانون ، تأتي المرحلة الثانية وهي محاولة الحلول الفردية التي تطرق لها البرنامج وهي توفير الأموال من الجهات المختصة وعلى رأسها ديوان الزكاة الذي له مصرف شرعي من أموال الزكاة للغارمين بدلاً عن التبرع بها لقنوات فضائية لم تر النور ، ثم بعد ذلك الجمعيات الخيرية المعفاة من الضرائب والجمارك ثم أهل الخير والمحسنين . في المرة الثالثة روى حسين خوجلي قصة عن الفنان العملاق محمد وردي عليه رحمة الله ، ولو كان وردي بيننا الآن لما احتجت لأن أعلق على الموضوع . قال حسين خوجلي ما معناه وملخصه (( كان وردي يؤدي نشيد أكتوبر الأخضر فقال " ونرود المجد " فقلت له : ليست هكذا يا وردي وإنما الصحيح " ونروض المجد " فقال وردي : الضاد دي حقة العرب ونحن بنقولها كدا )) انتهى ملخص القصة . وأقول لحسين خوجلي أولاً : إن وردي ينطق الضاد خير منك ، وفي نفس القصيدة وردت الضاد أكثر من مرة ولم يخطئ وردي في نطقها . ثانياً : ( الطامة الكبرى ) أن الصحيح هو ( ونرود المجد ) بالدال بمعنى ( نرتاد ) وليست بالضاد ، ويمكنك أن ترجع إلى النص الأصلي للقصيدة . وأترك للقارئ الحكم على صدقية هذه ( الحكاية ) . ألا بئس ( التلميع ) الذي يكون الجهل أساسه ويكون على حساب مبدعينا الذين انتقلوا إلى جوار ربهم . أن امتلاك قناة فضائية و التلميع الإعلامي والاطلاع على الأخبار بحكم المهنة لا يمكن أن يخلق مثقفاً أو يقدم فكراً سوياً أو يغير المنهج الرديء والسطحية في تناول المواضيع ، والكثير منا يذكر الدور الذي لعبته صحيفة ألوان في هدم الديمقراطية التي يتمسحون بأستارها الآن ، ومن هو أول من أدخل الإسفاف والمهاترات والسخرية والبذاءة في الصحافة السودانية . بعد ذلك أشحت بوجهي عن قناة أمدرمان ولم أعقِّب . حسبنا الله ونعم الوكيل ... [email protected]