هذا المقال والتحليل محاولة مني للقراءة واستشراف للمستقبل وتمحيص للفرضيات وماذا نتوقع ان يحدث مستقبلا ، ومحاولة متواضعة لقراءة ما المتوقع وما الذي يمكن ان يحدث بعد انتهاء الجولة الاولي من المفاوضات التي بداءت يوم 13 فبراير من الشهر الجاري بين الحركة لشعبية /شمال ونظام الخرطوم تنفيذا لقرار مجلس الامن 2046 ، مع استصحاب فرضية تاثير البعد الدولي والاقليمي وانعكاساته علي مجري المفاوضات فالمضاوضات لا زالت جارية حتي الان وهي في يومها الرابع ، حيث قدم كل طرف رؤيته للوسيط الافريقي ثامبو امبيكي ومن ثم دخل الطرفان في جلسات مباشرة بين الوفدين بحضور الوفدان والوسيط الافريقي ، وتبادلا رؤية كل طرف كتابة وسلمت للوسيط ، مما رشح من تسريبات للاعلام وما صدر من جانب الحركة الشعبية/ شمال من تصريحات من ناطقها الرسمي الاستاذ/ مبارك عبد الرحمن اردول ومن رئيس وفدها التفاوضي وكبير المفاوضيين القائد/ ياسر سعيد عرمان ، بينما التزم الجانب الحكومي الصمت ، مما يبدو للمتابعين ان شقة الخلاف بين الطرفين كبيرة جدا وشاسعة حول مواقفهم التفاوضية ورؤيتهم لحل الازمة ، حيث تمسكت الحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال بموقفها الثابت بضرورة الحل القومي الشامل باعتبار ان الازمة أزمة كلية تتعلق بالاطار الدستوري الشامل وضرورة اعادة النظر في تركيبة وبنية الدولة السودانية من جديد ومحاولة تاسيسها من جديد وذلك لا يتاتي باتفاقات ثنائية جزئية لا تقدم ولا تؤخر بل يتم بمشاركة كل القوي السياسية الوطنية بشقيها المسلحة الممثلة في الجبهة الثورية السودانية والمدنية ممثلة في قوي الاجماع الوطني والمجتمع المدني والقوي الشبابية الصاعدة والتنظيمات والقطاعات الجماهيرية الحية ، واكثر ما فاجأ المراقبين خطوة الحركة الشعبية / شمال بتمثيل تيارات متعددة من القوي السياسية السودانية والجبهة الثورية السودانية للمشاركة في وفدها بصفتهم المستقلة كخبراء وطنيين ومراقبين للدفع في مسار الحل الشامل والقومي وهي خطوة ذكية وصادقة واخلاقية تحسب لصالحها وتزيدها احتراما وسط رصيفاتها واصدقائها ،اما الطرف الاخر ممثلا في نظام الخرطوم فشل في اول اختبار عملي بعد خطاب البشير وعملية التهيئة التي تمت للسودانيين منذ فترة طويلة بان نظام البشير له الرغبة في اجراء عملية تغيير شاملة حيث حضر وفد نظام الخرطوم ولا زال يكرر الحديث المجتر والمكرر عن قضايا المنطقتين وما شابه ومحاولة البحث عن صفقة ثنائية مع الحركة الشعبية / شمال تحت سقف المنطقتين ، وهذا ما رفضته الحركة الشعبية بشدة واعلنته للملا، وفي ذات الاتجاه فتح نظام الخرطوم قنوات حوار مع بعض الاحزاب السياسية بالداخل حزبي الامة والمؤتمر الشعبي في محاولة منه لاطالة عمره وتحقيق صفقات ثنائية مع كل حزب علي حده والتهرب من الحل القومي الشامل المجمع عليه، لكتابة عمر جديد له واعادة انتاج نفسه بشكل جديد . من المتوقع ان تنتهي هذه الجولة في هذه الايام دون احراز تقدم ملموس نسبة لتباعد مواقف الطرفيين ورؤيتهم للحل ،ومن المتوقع ايضا ان يسعي المجتمع الدولي ويرمي بكافة ثقله للدفع بمسار المفاوضات ومحاولة خلق ورقة ثالثة توفيقية وهذا ما اعتاد عليه المجمتع الدولي عادة في التعامل مع القضايا هكذا من نيفاشا وغيرها ، الا ان اهم ما تخضمت عنه هذه الجولة في تقديري يكمن في وحدة قوي التغيير وتمكسها بالحل القومي الشامل المتراضي عليه بين كل اطراف اللعبة السياسية في السودان ، هذه الجولة ستعيد الكثير من الامور للمجمتع الدولي وستضعه في دائرة التقييم واعادة النظر في منهجه الذي يتعامل به في ادارة الوساطة والتعامل مع الاطراف والنظر الي الازمة السودانية وتعقيداتها ، سيدخل المجمتع الدولي في مشاورات عميقة ومكثفة مستصحبين توازن القوي ولعبة المصالح فيما بينهم ، اتوقع توالي الضغوطات علي نظام الخرطوم لاقناعه واثنائه عن منهجه الجزئي للتعاطي مع الازمات ، الحل القومي الشامل للازمة السودانية وتوحيد المنابر تحت منبر واحد يبداء بالجبهة الثورية السودانية تعقبه القوي الوطنية الاخري جميعها لتدخل في حوار وطني عميق يشخص الجراحات ويضع الحلول الناجعة في مؤتمر دستوري قومي ، الحل الشامل ضرورة ملحة للخروج من النفق المظلم، تسبقه شروط ومطلوبات لا بد منها. [email protected]