فاجئت الحكومة السودانية كوادرها بالخارج بتغيير نهجها المتبع لمنصب الأمين العام لجهاز المغترين بتعيين حاج ماجد سوار احد كوادر الحركة الاسلامية المثيرة للجدل بالداخل في منصب الأمين العام خلفاً للدكتور/ كرار التهامي. كان الحكومة الحالية قد درجت منذ قدومها عام 1989م بتخصيص منصب الأمين لجهاز المغتربين لكوادر الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني بالخارج اعتباراً تعيينها اول امين عام للجهاز المهندس/السعيد عثمان محجوب عام 1989م وهو من مغتربي اوروباً - يتولى حاليا رئاسة مجلس التخطيط الاستراتيجي بولاية الخرطوم ثم خلفه الاستاذ/ كمال مدني الباحث الاقتصادي بإتحاد الغرف التجارية والصناعية لدول الخليج العربية بالدمام والذي لبس فترة قصيرة بالجهاز قبل أن يتم تعيينه مديراً عاما لمعاشات السودان ثم تقاعده قبل فترة ثم خلفه في رئاسة الجهاز المهندس/ تاج الدين المهدي من كوادر الحركة الاسلامية باليمن والذي بقى في الجهاز لفترة طويلة ثم أعقبه الدكتور/ كرار التهامي من مغتربي الرياض. لا ندري سبب تراجع الحكومة عن نهجها هذه المرة وكان من الممكن ان تجد للأستاذ/ حاج ماجد سوار الكثير من المناصب التي تشبه حالته فهو لا يشبه حالتنا صرفاً ولا عدلا فكان بإمكان الحكومة ان تخلق لكوادرها بسهولة ما تشاء من وظائف تستطيع من خلالها ارضاء نهمتهم للسلطة واسكات صوتهم والجامهم من اللجوء الى معارضيها بالشعبي او توجههم صوب المعارضين الإسلاميين الأخرين لها وهم كثر. آثرت منذ سماعي بنبأ اختيار الاستاذ/ حاج ماجد سوار لمنصب الامين العام للجهاز قبل فترة طويلة التريث في الحديث عن عبور الجسر قبل الوصول اليه إذ كنت على قناعة تامة ان حاج ماجد سوار سيرفض تولى المنصب وترك القوس لباريها ولن تُعدم الحكومة كادراً اخراً يتولى هذه المهمة بدلاً عنه خاصة وان منصب امين عام جهاز المغتربين منصب فني واستشاري للدولة يتطلب معرفة وعلم بأحوال المهاجرين السودانيين بالخارج يحتاج لرجل من بينهم يكون قد جلس معهم وعرف حكاويهم وبلاويهم ونكاتهم يعرف آمالهم وآلامهم وخاض معهم في معارك النقاش عن الشأن السودان بكل مآسيه في وقت بلغ فيه عدد السودانيين بالخارج اكثر من اربعة ملايين سوداني بحسب المركز السوداني للهجرة مع تنامي هذا العدد يومياً باضطراد وبسرعة كبيرة افقياً ورأسياً اي القادمين من السودان والمتزاوجين والمتوالدين بالخارج وهي امور لا اعتقد انها تأتي في اولية القادم الجديد الينا من بوابة السياسة لا بوابة المغتربين. ومع أننا كنا نعتب على الأمناء السابقين وقوفهم في صف الحكومة وتطويع المغترب لخدمتها بل وخلو صحائف أعمالهم من أي انجازات حقيقة للمغتربين إلا اننا كنا نعيش في حالة "وهم" من الرضا النفسي بأنهم أفضل من يتحدث عن قضايا المغتربين الاجتماعية والسياسة والاقتصادية وأفضل من يقف في حاجة ضعفائنا بالخارج للسكن والتعليم لأبنائهم بالإندماج بما لهم من سابق خبرة في حياة الغربة ولكن لم تكن كل هذه الخواطر إلا سوى أوهام نتوهمها وشراب نتوقعه عند من لا يملك الري إذا لا يلبس الواحد منهم أن يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النظام والتنظيم ويقف في جانب القوي ضد الضعيف. والشئ المؤسف أن جميع الأمناء السابقين تلبستهم حالات غريبة من القضايا الإنصرافية high hopesمثل نقل المعرفة ونقل الخبرات واستقطاب المدخرات فأغرقونا في بحر لجي من المؤتمرات وورش العمل والسمنارات والحلقات بل وحفلات الغناء الخارجية في بلد جل مهاجريه من العمال والرعاة والزراع وحملة الشهادة الثانوية وهي الفئات التي تحتاج الى من يأخذ بيدها وترشيد غربتها وردهم الى السودان رداً جميلاً بدلاً من مطاردتهم بسيل عرمرم من الإجراءات والاتاوات في وقت كان بإمكان الدولة ان تأخذ بأيدي المغتربين منهم ببرامج اقتصادية راشدة تعود بالنفع والفائدة على الجميع. وعندما قرأت يوم أمس الأثنين 10 مارس 2014م لتصريح الاستاذ/ حاج ماجد سوأر عقب مراسم التسليم والتسلم بمجلس الوزارء بأنه "سيعمل على نقل الخبرات واستقطاب تحويلات المغتربين" قلت سبحانه الله كأنك يا ابزيد لا غزيت ولا شفت غزوة وتذكرت قول طرفة ابن العبد لأبنة عمه ما يقول: فإن مت فأنعيني بما أنا أهله وشقي علي الجيب يا إبنة معبد ولا تجعليني كإمريء ليس همه كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي ومع ان همك بهذا التصريح بعيداً عن همومنا وأن غناءك ومشهدك في وداي غير ذي زرع من زروعنا أقول أرحب بك سعادة/ حاج ماجد سوار بصوت خفيض يصل الى درجة الكتمان إلا انني آمل ان تزداد نبرته او تنخفض او تموت مع مرور الأيام عبدالرحيم وقيع الله [email protected]