بالأمس لم يكن الوقت قد حان واهم من يظن ان المتحللين قد ولدا متحللان حتي امتدت ايديهم الي المال العام في مكتب والي الخرطوم , ولكن المؤكد هو انهما ينحدران من نبع آسن كان له دور اساسي في الوصول بهما الي ما وصلا اليه من جناية وجرم , نقول هذا لأن الضمائر لا تموت فجأة ولا تصحو كذلك , كما ان هذين المتحللين ما كان لهما ان يبلغ مراقي اتخاذ القرار او ولنقل التمكن من ما جعله يكون سهلا لولا سياسه التمكين التي جعلت بلادنا مزرعه تدار لحساب نظام الانقاذ , بحيث يتمكن كل فرد في هذه المزرعه , مستفيدا اكبر في ادارتها ان لم يكن في الجزء الذي يقع تحت يده الآثمة . والذي يعود بالذاكرة و النظر الي العناصر التي اعلنت الانقاذ بعد ان استتبت لها السيطره علي شؤون الحكم , و الاعتماد عليها في تسيير شؤون البلاد , لا يندهش حين ينظر الي المصير الذي انتهت اليه احوال البلاد و العباد . ليس هذا حكما مسبقا ولكنها وقائع تروي من خلال تجربة خمس وعشرين عاما تاكد خلالها ان شعبنا قد وجد نفسه امام تطور فكري و زعامي يوشك ان يسيطر علي مصائر الناس , إن لم يحص انفاسه . و الحقيقة ان قادة الانقاذ ما تركوا الوقت يضيع من بين ايديهم , فعمدوا الي اعداد مجموعات خاصة من كافة التخصصات لتكون اداتهم الجديدة في تنفيذ مخططاتهم ,ولتكون هذه المجموعات قادرة علي ان تمسك بزمام الامور و توجيه شئون الخدمة و الادارة و بيدها السلاح الاكبر : "سلاح لقمة العيش" . ان تلك المجموعات التي شكلتها قد لعبت دورها مثلما كان مرسوما لها , في السياسة و الصحافة و التعذيب و ابعاد الكفاءات فقذفت بها الي الشارع – بلا لقمة عيش- و أسفر كل ذلك في تكوين فريق اهل الثقة , و تفضيلهم علي اهل الخبرة , اما عن طريق القوة , واما عن طريق الاغراء , و اما عن طريق فتح ابواب الثراء ... وهكذا انفتح الباب واسعا امام الانهيار الذي يعاني منه الوطن . لقد كانت لقمة العيش العامل الحاسم فيما لحق بالخدمة العامة و المال العام و الحياة العامة من خراب و دمار . واذا كان دوام الحال من المحال فما الذي ينتظر شعب السودان كي يفعله ؟ يتبع الميدان